25 يناير 2024

السايكو / سياسي .. والبورنو / اقتصادي وتقلباتهما ( نظرات في الهوس والفجور ما بين السياسي والاقتصادي )

ما ببن السايكو ( السيكولوجي ) ، والبورنو ( الإباحي ) ، يتم اغتصاب مقدرات الشعوب في شطحات الهوس ومنزلقات الفجور ، سواء أكان ذلك على المستوى السياسي أم المستوى الاقتصادي .

وفي ذكرى ثورة ٢٥ يناير ، لم يعد الميكروسكوب لرصد الميكروبات الداخلية كافيا للتشخيص ، بل أصبح التليسكوب مطلوبا لتوفير رؤية بعيدة وعريضة لأمراض العالم المزمنة المعدية ، والتي باتت كابحة ومانعة للتغيير .

ولعل كل ثورات الربيع العربي المجهضة ، خير شاهد ، وأبلغ دليل .

إذن ، بالميكروسكوب والتليسكوب معا ، يمكن أن نبدأ في ترتيب الإجابة على السؤال المزمن المحزن ، ومفاده :

إلى متى ستظل معلقة في الأفق المسدود ، عبارة : لا عزاء للشعوب ؟!!

..........

١- السايكوسياسي :

يمثل السايكوسياسي معلم رئيسي في تاريخ الحكم والسيطرة .

فالبعض يدخل إلى السلطة محملا بهوس التسلط والهيمنة . والبعض الآخر تتملكه السلطة بهوسها ، فيصبح انعكاسا لتسلطها وهيمنتها .

ولذلك تظل البارانويا ( جنون العظمة ) تمثل الهوس المصاحب لأي سلطة ،  خصوصا لو لم يتم وضع سقف محدد لفترات تلك السلطة ، ولم يتم الفصل ببن أركانها .

بينما يظل ( الإنكار ) هو الميكانيزم الهوسي الذي يمنح التوازن لخلل البارانويا ، لتبرير التعامي عن المظالم والجرائم والانتهاكات ، وتبديد المقدرات والثروات ، بلا خجل ولا وجل .


فمن النمرود : ( أنا أحيي وأميت ) ..

إلى فرعون :  ( أنا ربكم الأعلى ) .. ( وما علمت لكم من إله غيري ) ..

مرورا بـ لويس الرابع عشر : ( أنا الدولة .. والدولة أنا ) ..

وصولا إلى هتلر ، وستالين ، ... وعصرنا الراهن بكل أقزامه في الإنسانية ، الذين تقودهم مُركبات النقص لتقمص هيئة العمالقة في التوحش والحيوانية .


طابور بغيض من المهاويس بالسلطة ، الذين أهدروا أرواح عشرات الملايين من البشر في حروب عبثية ونزاعات هزلية ، وبددوا أحلام أمم وأجيال ، بالقمع والفشل والفساد ، من أجل التشبث المريض بمقاعد الحكم والسلطة .


طابور طويل ، وسلسال من الدم والعويل ، يؤكد بأنه مازالت البارانويا ، تجد نفوسا مشوهة قابلة لاحتواء الهوس والتكبر والتجبر ، وسحق الملايين من أجل كبرياء مهووس واحد ، تعاونه عصابة من ( الجلادين ) .


ليظل ( السايكوسياسي ) بذلك ، مصطلحا قابلا وباقتدار للتداول ، لتوصيف الحضيض والانحدار الذي مازالت تكابده غالبية الجماعة الإنسانية ، تحت حكم الجانحين عن الفطرة السوية ، والسادرين في غيهم بالإنكار والسادية . 


ولكن السايكوسياسي لا يقتصر فقط على دوائر الحكم والسيطرة . 

بل يمتد أيضا إلى طائفة عريضة من المحكومين ، الممسوسين بجذام وجرب الاستبداد ، فتراهم مدافعون مساندون تابعون لكل جبار عنيد .


كما يمتد السايكوسياسي أيضا ، ليؤجج النزعة القومية البغيضة التي نشأ حول آبارها المسمومة النموذج الذي ينتظم وفقا له العالم ، ألا وهو ( نموذج الدولة القومية ) ، ليتحول العالم إلى معازل قومية تعتنق أوهام التفوق والتفرد والريادة العنصرية .

ورغم أن العلم التطبيقي أثبت بالدليل المصور ، أن البشرية كلها يجمعها كوكب واحد يدور حول الشمس ، إلا أن الإمكانية التي وفرتها التكنولجيا للتواصل والانتقال بين أرجاء العالم ، مازالت تقيدها الحدود السياسية الوهمية ، والعملات الوطنية التصادمية ، والجيوش وأجهزة المخابرات العدائية التآمرية ، ليظل ما وحدته التكنولجيا ، تفرقه الأيدلوجيا ، بموجب هلاوس جنون الارتياب ، والبارانويا القومية الخبيثة .


ولعل أصدق تجلى للحضيض الذي ما فتأت تتردى فيه المبادئ الانسانية بسبب الهلاوس القومية ، يتمثل في المشهد التاريخي الشهير لغرس العلم الأمريكي على سطح القمر ، وكأنها كانت رسالة مفادها : أن البشرية التي أتيح لها أن تقفز بالتكنولجيا إلى الفضاء ، لترى بأم عينيها الأرض ككرة تسافر بالجميع في مدار حول الشمس ، دونما اعتبار للحدود والقوميات ، تلك البشرية ذاتها تؤكد بالعلم الأمريكي على سطح القمر ، سقطتها الإنسانية من أعالي الفضاء في بئر البارانويا القومية !!!!!



٢- البورنواقتصادي :

لم تبدأ الإباحية ببيوت الدعارة ، مرورا بعروض الإستربتيز والبيب شو بالملاهي الليلية ، وصولا للمواقع الإلكترونية الجنسية .

بل بدأت بتعرية الشعوب مما يسترها من الدخل ، والرزق ، والستر ، والكرامة الانسانية .


ورغم أن التاريخ ينذرنا والحاضر يخبرنا ، بأن البورنواقتصادي يمثل نتيجة حتمية للسايكوسياسي.

إلا أن مؤسسات التمويل الدولية تدهشنا ، عندما تجتهد في تلميع البورنواقتصادي وتوقيره بالمصطلحات الفخيمة العريضة ، التي بموجبها يتم تقنين الفقر وتبربر الهدر والتعمية على الفساد ، تحت عنوان السياسات المسماة زورا بـ ( الإصلاح الاقتصادي ) ، بينما اسمها حقا وصدقا ( الإذلال الاقتصادي ) . 

فأي إصلاح اقتصادي هذا الذي يمكن أن تحققه نظم ديكتاتورية ينخر ببنيانها الفساد ، وتعض بالنواجز على السلطة ، وتتحلل من أي مسئولية !!!!


وبذلك ، يفتح هذا الإذلال الاقتصادي الباب لتلك الحكومات الديكتاتورية الفاشلة ، لكي تمارس بموجبه السادية الاقتصادية على شعوبها ، المجبرة على الاستسلام لذل وهوان الاغتصاب الاقتصادي بنكهة الماسوشية ودناءاتها .


فالسايكوسياسي باحتضانه لهلاوس القومية بكل شططها ، يجعل الدول المتقدمة ، تحكم شعوبها بالديمقراطية ، بينما تتغاضى عن الديكتاتورية في الشطر المتخلف من العالم ، لتصبح المبادئ الإنسانية حول الحرية والعدالة والمساواة ، مجرد شعارات هزلية ، يتم التضحية بها تحت جنازير الاستبداد ، طالما كان هذا الاستبداد يحمي للدول المتقدمة مصالحها الاقتصادية القومية تحت الرايات الحمر للبورنو / اقتصادي .


ويبدو أنه لا فكاك من مظالم البورنواقتصادي ، طالما استمر الاقتصاد أسيرا لمفاهيم شيطانية ، تقنن الهدر وتمنطق الفقر ، ولا تتحرج من التضخم السرطاني للثروة في قبضة أقلية ، غالبا ما تتواطأ مع أي سلطة لتضمن لمصالحها الاستقرار والاستمرارية .


ولذلك ، تبدو المفاهيم الاقتصادية العبثية مثل : مفهوم ( العرض والطلب ) ، ومفهوم ( الدعاية الإعلانية ) الابتزازية ، تبدو تلك المفاهيم امتدادا لأنشطة التعري ، لتصبح التعرية الاقتصادية مشابهة للتعرية الجنسية .


فهل من معنى في القرن الواحد والعشرين من تاريخ البشرية ، لمفهوم : العرض والطلب ، الذي يتجاهل أن لكل سلعة أو خدمة تكلفة ، ومن ثم ينبغي أن يكون لهما هامش ربح ، مهما زاد أو نقص العرض أو الطلب ؟!!!


وهل من معنى لتحميل أسعار السلع والخدمات بتكلفة إعلانية هزلية احتيالية ، تتلاعب بغرائز المستهلك من خلال المثيرات النفسية لتحقيق استجابة شرائية انفعالية ، مع تجاهل تام لمواصفات الجودة السلعية أو الخدمية ، فتزيد التكلفة دون جودة حقيقية ؟!!!


وهكذا ، يضمن البورنو اقتصادي استمراريته بموجب تلك المفاهيم العبثية التي تفتقر للمنطق الإنساني ، ومسكونة بالغرائزية الحيوانية . فلا ينتج عن ذلك إلا مغالاة في الهدر والفقر ، لتتسع الفجوة بين هامش ضيق تتراكم فيه الثروة ، ومتن شاسع تأكل أحلامه الضائقة المالية . 

.......


** ولكن .. للسايكو والبورنو تقلباتهما

التي تجعل البورنو يركب ظهر السياسي ، بينما يخترق السايكو عقل الاقتصادي . 

ليظهر بذلك مصطلح ( البورنو/سياسي ) ، ويقابله مصطلح ( السايكو/اقتصادي ) .

.........


٣- البورنوسياسي :

يؤكد الواقع للأسف ، بأن الإباحية السياسية ترتبط بالأجهزة المخابراتية . فبينما تدير عصابات الجريمة المنظمة ( المافيا ) شطرا من أنشطة البورنو الاقتصادي ، فإن أجهزة المخابرات باعتبارها ( منظمات للجرائم المقننة ) كالاغتيال والتخريب والتجسس ، تدير بالمقابل أنشطة البورنو السياسي ، ليظل العالم موبوءا بجيوش من العيون الإلكترونية ( الكاميرات ) ، والآذان الإلكترونية ( الميكروفونات ) ، والفيروسات الرقمية ( التطبيقات الاختراقية أو التخريبية ) ، بهدف التجسس والتلصص على أدق تفاصيل العلاقات الحميمية ، شرعية كانت أم غير شرعية ، وسوية كانت أم غير سوية ، ليتم استخدامها للابتزاز والتهديد من أجل خدمة أغراض الأمن القومي للدولة القومية !!!


لتصبح العلاقات الجنسية أو أي مخازي أخلاقية ، بمثابة صيد ثمين تتعقبه أجهزة بسلطات وصلاحيات متعدية لكل المبادئ والقيم الأخلاقية والإنسانية !!

أيضا ، يستمد البورنوسياسي وجوده من وضعية الهرمية السياسية البغيضة المسيطرة على نظم الحكم بالعالم ، والتي يقبع بموجبها على قمة السلطة فرد واحد ، ومهما كانت تقابله سلطات مستقلة ورقابية ، فإن للقمة أمراضها التي قلما يبرأ منها إلا أولي العزيمة الحديدية . 


ولعل فضيحة الرئيس الامريكي/ بيل كلينتون مع مونيكا لوينسكي ، وفضيحة الملياردير الأمريكي/ إبستين الذي انتحر بمحبسه عام ٢٠١٩ ، وكان مدانا بتهمة الاتجار الجنسي بالأطفال ، وما تضمنته وثائق محاكمته من أسماء لسياسيين بارزين وأفراد من العائلات الملكية وفنانين ورجال أعمال ومحامين ، لعل كل ذلك يوضح كيف تفتن قمة السلطة الهرمية - بالبورنوسياسي - شاغلها حتى في ظل النظم الديمقراطية .


فما بالنا إذن بالنظم الديكتاتورية التي يمتلك فيها الشاغل للقمة السلطوية صلاحيات مطلقة ، وسلطات بلا أدنى مسئولية ، بما يجعل الخيال فقط - الذي قد لا يمكن مهما اشتط أن يجمح أبدا لقذارة الواقع - هو الذي يصور لنا جانب يسير من الفضائح الجنسية المدوية لفتوات النظم الاستبدادية ، تلك الفضائح المحجوبة قسرا عن الرأي العام بفضل متاريس وأسوار الحظر والتعتيم ، وهالات التفخيم والتعظيم للزعيم الفرد رسول العناية الوطنية !!!

 

٤- السايكواقتصادي :

بينما يعري البورنواقتصادي الشعوب مما يسترها من الدخل والرزق والستر والكرامة الإنسانية .

فإن السايكواقتصادي يغدق بشلالات من المليارات على فئة قليلة بالأوساط الرياضية أو الفنية ، أو بالبورصات المالية .


ولعله لا وجود لأي منطق اقتصادي أو أخلاقي ، يجعل شابا يجري خلف كرة ، يحصد مئات الملايين من الدولارات أو اليوروهات سنويا !!!

أو فنانا ( مشخصاتي أو مغنواتي ) يحصل على عشرات الملايين كأجر لفيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني أو حفلة غنائية !!!

أو أن يتم بيع اللوحات لمشاهير الرسامين بعشرات الملايين في المزادات الفنية !!!  


وبنفس المنطق الأعوج ، يبدو مفهوم ( البورصة ) ، كسوق تحولاتها انقلابية ، يبدو مفهوما عبثيا شيطانيا .

فلا معنى لصعود وهبوط الأسهم بالبورصة ، إلا لو استحضرنا أجواء موائد القمار ، بمكاسبها الخيالية ، وخسائرها المدوية . لتصبح البورصات بذلك مجرد نوادي للقمار ، يتم جني الأرباح منها أو تجرع الخسائر ، وفقا لمؤثرات في أغلبها غير اقتصادية ، وإنما هي مؤثرات قد تكون تآمرية أو انفعالية .

فماهو إذن المنطق الاقتصادي الذي يسمح بهذا النزيف المالي ، لتتراكم الثروة بيد أقلية . بينما تعاني شرايين ميزانيات الدول من جلطات تسدها ، فتتجمد الأجور ، وتنهار الرعاية الصحية والاجتماعية .


بالتأكيد ، لا وجود للمنطق في ظل الانبطاح للسايكواقتصادي ، مثلما لا وجود للأخلاق في ظل الاغتصاب من البورنواقتصادي ، ليظل الاقتصاد رهينا للسايكو والبورنو بكل أدرانهما !!!! 

......


إن المتأمل المتألم من الحرب الروسية العبثية في أوكرانيا ، والحرب الهمجية لجيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة ، ومن قبلهما مذابح الروهينجا في ميانمار ، وثورات الربيع العربي المجهضة كلها بلا استثناء ، بمصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا والجزائر ، وقبلهم جميعا ذلك النزيف الدموي من المخازي اللإنسانية المتعاقبة في تاريخ البشرية المعاصر ، سواء من جرائم نظم الحكم الديكتاتورية ، أو ازدواجية معايير النظم الديمقراطية .. إن المتأمل المتألم سيدرك بأن السايكو والبورنو بتقلباتهما ما بين السياسي والاقتصادي ، يؤكدان بأن العالم يعيش في القرن الواحد والعشرين بتجهيزات مادية تكنولجية متقدمة ، تقابلها قوالب فكرية وبنية مؤسسية بدائية ووحشية ومجرِمة .


فبنية الدولة القومية بمنظومتها الفكرية ، تعوق الاستجابة للضرورات التي تفرضها القضايا والمبادئ الإنسانية ، التي ينبغي التعامل معها من منظور إن الأرض كوكب واحد متصل ومتحد ، وليس ممزقاََ إلى مساحات جغرافية ، وأعلام قومية ، وبشر تم تأطيرهم وحبسهم داخل أكذوبة وهمية اسمها ( الجنسية ) . 

الأمر الذي يقود إلى العجز عن مواجهة القضايا المصيرية التي تتعلق بحاضر ومستقبل الإنسانية ، بسبب انشغال كل دولة بقضاياها الفرعية ، واستعدادها لسفك الدماء ودعم الديكتاتوريات من أجل مصالحها الذاتية . 

ليتمدد بذلك الفقر ، ويتجذر الهدر ، ويتعزز عرش السايكو والبورنو بتجلياتهما الشيطانية سياسية كانت أم اقتصادية !!!

...............

فهل في الأفق .. من عزاء .. للشعوب ؟!!

مازال السؤال قائما .........

..............


دكتور / محمد محفوظ



03 مايو 2021

د.محمد محفوظ يكتب : سورة المزمل ( إشارات رقمية لافتة تتعلق بعدد الصلوات وعدد وترتيب ركعاتها وأيامها )

تتضمن سورة المزمل إشارات رقمية في موضعين :
- الموضع الاول بالآيات أرقام ٢ و٣ و٤
- والموضع الثاني بالآية الأخيرة رقم ٢٠

وسنوضح في السطور التالية ، أن تلك الإشارات الرقمية تدور حول كل من: 
- رقم ( ١٧ ) الذي يساوي عدد ركعات الصلاة .
- ورقم ( ١٥ ) الذي يساوي عدد ركعات الصلاة يوم الجمعة .
- ورقم ( ٦ ) الذي يساوي عدد أيام الأسبوع المتشابهة في عدد الصلوات من السبت للخميس .
- ورقم ( ٥ ) الذي يساوي عدد الصلوات في اليوم . 
كما أن تلك الإشارات الرقمية توضح مسار ترتيب الصلوات وعدد ركعاتها .
وفيما يلي تفصيل ذلك كالتالي :

أولا - الإشارة إلى رقم ( ١٧ ) ورقم ( ١٥ ) في الآيات من ٢ - ٤ بسورة المزمل :
يقول تعالى : (( قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا )) . سورة المزمل / الآيات ٢ - ٤
وبالتحليل الرقمي لتلك الآيات يتبين الآتي :
نظرا لأن العدد القياسي لساعات الليل = ١٢ ساعة
فإن المقدار الزمني لعبارة ( قم الليل إلا قليلا ) = ١١ ساعة
والمقدار الزمني للفظ ( نصفه ) أي نصف الليل = ٦ ساعات
والمقدار الزمني لعبارة ( انقص منه قليلا ) أي انقص من نصف الليل = ٥ ساعات
والمقدار الزمني لعبارة ( زد عليه ) أي زد على نصف الليل = ٧ ساعات

.. إذن يوضح ما سبق ، أن ثمة معيار ثابت لقيام الليل ، ومعيار متغير .
حيث المعيار الثابت لقيام الليل هو : قم الليل الا قليلا ، بمقدار = ١١ ساعة
بينما المعيار المتغير لقيام الليل والناتج عن وجود لفظ ( أو ) ، فيتراوح بين تلك القيم الثلاث : نصفه ( ٦ ساعات ) ، أو انقص منه قليلا ( ٥ ساعات ) ، أو زد عليه ( ٧ ساعات ) .

وبالتالي يمكن من خلال حساب المتوسط الحسابي لهذه المقادير الثلاثة تحديد قيمة هذا المعيار المتغير .

ونظرا لأن المتوسط الحسابي يساوي حاصل جمع المقادير الثلاثة مقسوما على عددها .
فإن المتوسط الحسابي للمعيار المتغير لقيام الليل = ( ٦ + ٥ + ٧ ) ÷ ٣ = ١٨ ÷ ٣ = ٦

وبجمع المعيار الثابت لقيام الليل ( ١١ ساعة ) ، والمتوسط الحسابي للمعيار المتغير لقيام الليل ( ٦ ساعات ) ، فإن النتيجة تكون كالتالي : ١١ + ٦ = ١٧ ساعة .

وهكذا ، تتضمن الآيات إشارة إلى رقم ( ١٧ ) الذي يساوي عدد ركعات الصلاة في اليوم .

.. بالإضافة إلى ذلك ، فإن مجموع عدد كلمات الآيات الثلاث سالفة الذكر = ١٥ كلمة .
حيث أن :
عدد كلمات الآية رقم ٢ = ٤
وعدد كلمات الآية رقم ٣ = ٥
وعدد كلمات الآية رقم ٤ = ٦
وبجمع ٤ + ٥ + ٦ ينتج رقم ١٥
وهكذا يظهر رقم ( ١٥ ) الذي يساوي عدد ركعات الصلاة يوم الجمعة .

ثانيا - تكرار الإشارة إلى رقم ( ١٧ ) ورقم ( ١٥ ) في الآية رقم ٢٠ من سورة المزمل :
يقول تعالى : (( إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه .. )) . سورة المزمل - الآية ٢٠
ونظرا لأن العدد القياسي لساعات الليل = ١٢ ساعة
والمقدار الزمني لعبارة ( أدنى من ثلثي الليل ) = أدنى من ٨ ساعات = ٧ ساعات
والمقدار الزمني لعبارة ( نصفه ) أي نصف الليل = ٦ ساعات 
والمقدار الزمني لعبارة ( ثلثه ) أي ثلث الليل = ٤ ساعات
وبجمع المقادير الثلاثة :
٧ + ٦ + ٤ = ١٧ ساعة

وهكذا تتكرر بالآية رقم ٢٠ الإشارة إلى رقم ( ١٧ ) الذي يساوي عدد ركعات الصلاة في اليوم .

أيضا يتكرر ظهور رقم ( ١٥ ) ، في الشطر الأول من الاية رقم ٢٠ والذي تتحدد نهايته بعلامة جواز الوقف ، حيث يقول تعالى : (( إِنَّ رَبَّكَ یَعۡلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدۡنَىٰ مِن ثُلُثَیِ ٱلَّیۡلِ وَنِصۡفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَاۤئفَةࣱ مِّنَ ٱلَّذِینَ مَعَكَۚ .. )) .
فعدد كلمات هذه الجملة = ١٥ كلمة
وهكذا وللمرة الثانية ، يظهر رقم ( ١٥ ) الذي يساوي عدد ركعات الصلاة يوم الجمعة .

ثالثا - الإشارة إلى عدد الصلوات باليوم :
تتضمن سورة المزمل ، المزيد من الإشارات التي تتعلق بالصلاة .
فكما أوضحنا بالبند أولا والبند ثانيا ، فإن التحليل الرقمي للآيات من ٢ إلى ٤ ، نتج عنه رقمان : الرقم ( ١١ ) - الرقم ( ٦ ) .
بينما التحليل الرقمي للآية رقم ٢٠ ، نتج عنه ثلاثة أرقام : الرقم ( ٧ ) - الرقم ( ٦ ) - الرقم ( ٤ ) .

وهو ما يوضح أننا أمام ( ٥ ) أرقام ، هي بالترتيب : ١١ ، ٦ ، ٧ ، ٦ ، ٤ .

وكما هو واضح فإن رقم ( ٥ ) الذي هو عدد هذه الأرقام ، يساوي عدد الصلوات باليوم الواحد .

بينما مجموع الأرقام الـ ٥ هو كالتالي :
١١ + ٦ + ٧ +٦ + ٤ = ٣٤
حيث رقم ( ٣٤ ) يساوي عدد السجدات بالصلوات الـ ٥ بركعاتها الـ ( ١٧ ) .

رابعا - الإشارة إلى عدد أيام الصلوات المتساوية في عدد الركعات :
تشير سورة المزمل بترتيبها الرقمي في المصحف الشريف ، وترتيب نزولها ، وعدد آياتها ، وعدد حروف لفظ المزمل ، تشير إلى علاقة برقم ١٧ وذلك كالتالي :
ترتيب سورة المزمل بالمصحف = ٧٣ ترتيب النزول لسورة المزمل = ٣
عدد آيات سورة المزمل = ٢٠
عدد حروف كلمة المزمل = ٦
وبجمع هذه الأعداد ينتج الآتي :
٧٣ + ٣ + ٢٠ + ٦ = ١٠٢
ونظرا لأن : ١٠٢ = ١٧ × ٦
فإن رقم ( ١٧ ) يظهر للمرة الثالثة كإشارة لعدد ركعات الصلاة .

ولكن اللافت أيضا هو ظهور رقم ( ٦ ) مرتبطا برقم ١٧ ، ويشير رقم ٦ إلى عدد الأيام التي تتشابه في عدد ركعاتها الـ ١٧ وهي من السبت الى الخميس .
بينما اليوم السابع وهو يوم الجمعة لا ينضم إليها لأن عدد ركعاته ١٥ فقط .

خامسا - مسار ترتيب الصلوات وعدد ركعاتها :
لا تقتصر دلالات الإشارات الرقمية المتضمنة بسورة المزمل ، على عدد الصلوات وركعاتها وأيامها . وإنما تمتد تلك الدلالات لتقدم مسارا لترتيب تلك الصلوات وعدد ركعاتها على مدار اليوم ، بدون أي شذوذ في ذلك الترتيب .

فبينما نتج عن التحليل الرقمي للآيات من ٢ إلى ٤ الصيغة الرقمية الآتية : ١١ + ٦

فإن التحليل الرقمي للآية رقم ٢٠ نتج عنه الصيغة الرقمية الآتية : ٧ + ٦ + ٤

ويمكن أن تنتظم الصيغة الرقمية ( ١١ ) + ( ٦ ) وفقا للترتيب التالي :
( ظهر ٤ + عصر ٤ + مغرب ٣ ) + ( عشاء ٤ + فجر ٢ ) = ١١ + ٦
.. كما يمكن أن تنتظم وفقا لترتيب آخر :
( عصر ٤ + مغرب ٣ + عشاء ٤ ) + ( فجر ٢ + ظهر ٤ ) = ١١ + ٦

وبالمثل ، يمكن إن تنتظم الصيغة الرقمية ( ٧ ) + ( ٦ ) + ( ٤ ) وفقا للترتيب التالي :
( عصر ٤ + مغرب ٣ ) + ( عشاء ٤ + فجر ٢ ) + ( ظهر ٤ ) = ٧ + ٦ + ٤
.. كما يمكن أن تنتظم وفقا لترتيب آخر :
( مغرب ٣ + عشاء ٤ ) + ( فجر ٢ + ظهر ٤ ) + ( عصر ٤ ) = ٧ + ٦ + ٤

وكما هو واضح ، فثمة نظام وتتابع لا يداخله أي شذوذ ، يشير لترتيب الصلوات على مدار اليوم وعدد ركعاتها .

.......

إذن كما أسلفنا ، ثمة دلالات واضحة ، وبصورة ظاهرة ولافتة لا يمكن تجاهلها ، تؤكد بأن الإشارات الرقمية المتضمنة بسورة المزمل تتعلق برقم ١٧ ورقم ١٥ ورقم ٥ ورقم ٦ .

حيث رقم ١٧ يساوي عدد ركعات الصلاة ، ورقم ١٥ يساوي حصرا عدد ركعات الصلاة يوم الجمعة ، ورقم ٥ يساوي عدد الصلوات باليوم ، ورقم ٦ يساوي عدد أيام الأسبوع الـ ٦ التي تتشابه في عدد ركعاتها الـ ١٧ .
هذا ، بالإضافة إلى ماتضمنته الصيغ الرقمية الناتجة عن التحليل الرقمي لآيات سورة المزمل من نظام لترتيب تلك الصلوات وعدد ركعاتها.
......

تعقيب ختامي :
(( أجعلتم القرآن الكريم كتاب للأحاجي والألغاز الرقمية )) ؟!!!

لعل ذلك السؤال الاستنكاري يحمل أسباب وجاهته وصداه ، لأن البعض يرى أن دلالات القرآن واضحة ، وليست في حاجة لإشارات رقمية أو عددية تضيف إلى مقاصده ومعانيه .

.. وبالطبع ، حاشا لله تعالى أن يكون القرآن الكريم محلا للألغاز والأحاجي .

ولكن .. يعتمد ثراء أي نص - فما بالنا بكلام الله تعالى - على أعماقه الكامنة ، وتجلياته المتجددة التي تتكشف بتطور المعارف ، وتباين العقول ، وتعدد زوايا الرؤية والتأمل والنظر .

لذلك ، ينبغي التعامل مع التحليل الرقمي لآيات القرآن الكريم ، باعتباره أحد أدوات سبر أعماق وأغوار النص الكامنة ، وهي أغوار وأعماق لا نهائية باعتبار القرآن كلام الله عز وجل .

لذا ، يتوجب على كل من تتكشف له إضاءة جديدة من تجليات النص ، أن يبينها للناس ، ولا يكتمها خوفا من دراويش النقل الذين يعظمون الكتب الصفراء باعتبارها فسرت كل مقاصد النص ، أو يتغافل عنها رهبة من المفتونين بالعقل المسكونين بالشك أصلا حول مصدر النص .

إذن .. على كل من تتكشف له إضاءة جديدة من تجليات النص ، أن يبينها للناس ولا يكتمها . مصداقا لقوله تعالى : ( .. لتبيننه للناس ولا تكتمونه .. ) .
...........





10 أغسطس 2020

د. محمد محفوظ يكتب : يوسف ( ٧ + ٧ + ١ = ١٩ )

 يوسف ( ٧ + ٧ + ١ = ١٩ )

..........

(( قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون * ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون * ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون )) .
سورة يوسف / الآيات ٤٧ - ٤٩


مقدمة :


في البوست السابق الخاص بمدة لبث نوح عليه السلام في قومه ، أوضحنا بموجب أسانيد لغوية وإشارات رقمية بالنص القرآني ، أن هذه المدة كانت ٥٠ سنة فقط وليس ٩٥٠ سنة ، وفقا لمعطيات ( الدورة الميتونية ) التي تطل برأسها كلما ورد بالقرآن الكريم لفظ ( عام ) مصاحبا للفظ ( سنة ) في سياق واحد ، بحيث لا يشير لفظ ( عام ) حينئذ إلى العام القمري المساوي لـ ١٢ شهرا قمريا ، وإنما يشير إلى الدورة الميتونية التي تساوي ١٩ سنة شمسية أو ٢٣٥ شهرا قمريا .


- انظر مقالي : نوح ٥٠ سنة فقط وليس ٩٥٠ ( ١٠٠٠ - ٥٠ = ٥٠ )


ونظرا لأن سورة يوسف ، هي الموضع الآخر بالقرآن الكريم الذي ورد فيه لفظ سنة ولكن بصيغة الجمع ( سنين ) مصاحبا له لفظ ( عام ) في سياق واحد بالآيات من رقم ٤٧ إلى رقم ٤٩ ، فإن ذلك يستدعي التحليل اللغوي والرقمي لتلك الآيات ، لكشف مدى انطباق دلالات الدورة الميتونية على لفظ ( عام ) من عدمه .


أولا - التحليل اللغوي : 

للوهلة الأولى يبدو أن إجمالي المدة الزمنية التي وردت بالآيات من رقم ٤٧ إلى رقم ٤٩ بسورة يوسف ، تساوي ١٥ سنة تقريبا ، باعتبارها حاصل جمع ٧ سنين + ٧ سنين + عام .


ولكن لفظ ( ثم ) الوارد بالآية رقم ٤٨ والآية رقم ٤٩ ، هو لفظ يشير لغويا إلى : التتابع المصاحب للتراخي في الزمن إما بفترة ( قصيرة ) أو فترة ( طويلة ) . بما يفيد أن ثمة فترات زمنية بينية تقطع التلاصق والاتصال بين السبع سنين الأولى ، والسبع الشداد التالية ، والعام المتمم الذي يغاث فيه الناس .


ولعل ما يشير إلى أن تلك الفترات الزمنية البينية ليست ( قصيرة ) هو العبارة القرآنية : ( ثم يأتي من بعد ذلك ) التي تفصل بين السبع سنين الأولى والسبع الشداد ، وتفصل بين السبع الشداد والعام الذي يغاث فيه الناس . 

فتلك العبارة طويلة نسبيا ، ولو اقتصرت على كلمتين فقط ( ثم يأتي ) ، مع استبعاد عبارة ( من بعد ذلك ) ، فإن دلالة التتابع كانت ستظل قائمة يصاحبها تراخي في الزمن قصير الأمد ، مقارنة بالعبارة القرآنية ( ثم يأتي من بعد ذلك ) التي تفيد التتابع المصاحب للتراخي طويل الأمد زمنيا.


وبالتالي ، فإن التحليل اللغوي المبدئي يوضح بأن المدة الزمنية التي تتضمنها الآيات من رقم ٤٧ إلى رقم ٤٩ بسورة يوسف ، هي مدة ليست متصلة وإنما تتخللها فترات بينية طويلة الأمد زمنيا ، ومن ثم فإن تلك المدة ينبغي أن تزيد عن ١٥ سنة .  


وبناء عليه ، فإنه يصبح من المنطقي البحث عن إشارات رقمية بسورة يوسف ، تؤكد أو تنفي أن لفظ ( عام ) الوارد مصاحبا للفظ ( سنين ) ، لا يشير إلى العام القمري المساوي لـ ١٢ شهرا قمريا ، وإنما يشير كما أثبتنا في قصة نوح إلى الدورة الميتونية التسع عشرية ، بحيث تصبح المدة التي تتضمنها الآيات من رقم ٤٧ إلى رقم ٤٩ تساوي ١٩ سنة .


ثانيا - التحليل الرقمي ( الإشارات الرقمية ) :

مثلما تضمنت قصة نوح بالقرآن الكريم إشارات رقمية متعددة تتعلق برقم ١٩ ، فإن سورة يوسف هي الأخرى تتضمن إشارات رقمية لافتة تدور حول ذات الرقم .


الإشارة الأولى : 


وتتمثل في أن عدد الشخصيات الرئيسية التي تضمنتها قصة يوسف عليه السلام = ١٩ شخصية ، بيانها كالتالي : 

إخوة يوسف ( ١١ ) + والدا يوسف ( ٢ ) + عزيز مصر وامرأته وشاهد من أهلها ( ٣ ) + صاحبا السجن(٢) + الملك ( ١ ) = ١٩ شخصية

.. وهكذا ، يظهر رقم ١٩ مرتبطا بعدد الشخصيات الرئيسية في سورة يوسف وقصته .


الإشارة الثانية : 


وتتمثل في أن مجموع حروف اسم يوسف ، وأبيه يعقوب ، وجده إسحاق، وجده الأكبر إبراهيم عليهم جميعا السلام ، مجموع حروف هذه الأسماء(برسم حروف القرآن الكريم ) = ١٩ حرفا  .


حيث قال تعالى في الآية رقم ٦ من سورة يوسف :

(( وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبرهيم وإسحق إن ربك عليم حكيم )) .


وقال تعالى في الآية رقم ٣٨ من سورة يوسف :

(( واتبعت ملة ءاباءي إبرهيم وإسحق ويعقوب .. )) .


وبجمع حروف اسم يوسف وأبيه وجديه ، كالتالي :

يوسف ( ٤ حروف ) + يعقوب ( ٥ حروف ) + إسحق ( ٤ حروف ) + إبرهيم ( ٦ حروف ) ، فإن المجموع يساوي = ١٩ حرفا 

.. وهكذا ، يظهر رقم ١٩ للمرة الثانية بسورة يوسف مرتبطا باسم يوسف وأبيه وجديه .


الإشارة الثالثة : 


وتتمثل في أن حاصل جمع أرقام الآيات ٤٧ و ٤٨ و ٤٩ الخاصة بتفسير يوسف لحلم الملك يساوي : ٤٧ + ٤٨ + ٤٩ = ١٤٤ 

وبإضافة رقم ١٤٤ لعدد حروف عبارة : ( سورة يوسف ) التي تساوي ٨ حروف ، فإن النتيجة تكون كالتالي : ١٤٤ + ٨ = ١٥٢ 

ونظرا لأن رقم ١٥٢ = ١٩ × ٨

.. فإن رقم ١٩ يظهر للمرة الثالثة مرتبطا بكل من : مجموع أرقام الآيات التي تتضمن تفسير يوسف عليه السلام لحلم الملك ، وعدد حروف عبارة : ( سورة يوسف ) .


الإشارة الرابعة :


وتتمثل في أن عبارة ( ثم يأتي من بعد ذلك ) ، والتي وردت بالآية رقم ٤٨ والآية رقم ٤٩ من سورة يوسف ، تلك العبارة تتكون من خمس كلمات ، وعدد حروف تلك الكلمات الخمس يساوي ١٤ حرفا ، أي أن عدد الكلمات ( ٥ ) + عدد حروف الكلمات ( ١٤ ) = ١٩

.. وهكذا ، يظهر رقم ١٩ للمرة الرابعة مرتبطا بقصة يوسف وتفسيره لحلم الملك .

.........


وبناء على ما سلف ..

فإن ارتباط رقم ١٩ بعدد شخصيات قصة يوسف عليه السلام . وارتباطه بمجموع عدد حروف اسم يوسف وأبيه يعقوب وجده إسحاق وجده الأكبر إبراهيم عليهم جميعا السلام. 

وارتباطه بأرقام وبعض ألفاظ الآيات التي ورد فيها تفسير يوسف لحلم الملك . 

هذا الارتباط المتكرر يؤكد مرة أخرى ، أن لفظ ( عام ) أينما ورد بالقران الكريم في سياق واحد مع لفظ ( سنة ) أو ( سنين ) ، فإنما يشير إلى الدورة الميتونية التسع عشرية . 


ومن ثم ، يصبح المدى الزمني الذي تحقق خلاله حلم الملك هو١٩ سنة وليس١٥ سنة ، تخللتها فترات زمنية بينية متساوية ، أوضحتها عبارة ( ثم يأتي من بعد ذلك ) التي تكررت مرتين . 

وهو ما يجعل مجموع الفترات الزمنية المتتابعة بالآيات لا يساوي ٣ فترات ( ٧ للزراعة + ٧ للجدب + عام الغيث ) ، وإنما هي ٥ فترات ( ٧ للزراعة + فترة زمنية بينية + ٧ للجدب + فترة زمنية بينية + فترة الغيث ) . 


 ونظرا لارتباط قصة يوسف عليه السلام برقم ١٩ .

 ‏ونظرا لأن مجموع عدد كلمات عبارة ( ثم يأتي من بعد ذلك ) وعدد حروف تلك الكلمات = ١٩ 

 ‏فإننا نميل إلى الترجيح بأن الفترة الزمنية البينية الأولى التي تتلو السبع سنوات الأولى = ١٩ شهرا ، وكذلك الفترة الزمنية البينية الثانية التي تتلو سنوات الجدب السبع = ١٩ شهرا .

 ‏

بما يعني أن المخطط الزمني لتفسير حلم الملك كان كالتالي :

٧ سنوات للزراعة بدأب + ١٩ شهرا فترة زمنية بينية + ٧ سنوات جدب + ١٩ شهرا فترة زمنية بينية + ٢٢ شهرا تكتمل بها السنوات الـ ١٩ يغاث خلالها الناس بمطر غزير في مواسم الشتاء . ( انظر الجدول المرفق ) 


ولعل ما يعزز ذلك التفسير ، هو الإشارة الرقمية التي تتمثل في الآتي : 
فالآية رقم ٤٩ التي يأتي فيها لفظ ( عام ) عدد كلماتها هو ١١ كلمة ، وبجمع ٤٩ + ١١ فإن النتيجة = ٦٠ ، وهو نفس مجموع كل من : عدد شهور الفترة البينية الأولى ( ١٩ شهر ) + عدد شهور الفترة البينية الثانية ( ١٩ شهر ) + عدد الشهور التي يكتمل بها العام بسنواته التسعة عشر ( ٢٢ شهر ) . أي : ١٩ + ١٩ + ٢٢ = ٦٠ شهرا .
.. وهكذا ، يظهر رقم ٦٠ كإشارة تعزز المخطط الزمني الذي عرضناه لتفسير حلم الملك ، والذي تبلغ عدد سنواته ١٩ سنة ( ٧ سنوات للزراعة بدأب + ٧ سنوات عجاف + ٥ سنوات بواقع ٦٠ شهرا هي مجموع الفترتين البينيتين والفترة التي يكتمل بها العام بشهوره الـ ٢٣٥ أو سنواته الـ ١٩ ) .

وهو ما يوضح بأن لفظ ( عام ) الوارد بالآية رقم ٤٩ ، لا يشير إلى العام القمري المساوي لـ ١٢ شهرا قمريا ، وإنما يشير لدورة تتكون من ١٩ سنة هي الدورة الميتونية ، ولذلك فإن عبارة : ( ثم يأتي من بعد ذلك عام .. ) ، تعني أن ( العام ) بسنواته الـ ١٩ يكتمل بالفترة الزمنية الأخيرة التي يغاث فيها الناس .

.........


- ملحوظة : الجدول المرفق يوضح المخطط الزمني لتفسير يوسف لحلم الملك ، ويبدأ هذا المخطط الزمني بشهر نوفمبر باعتباره شهر زراعة القمح بأرض مصر ، بينما شهر مايو هو شهر الحصاد .

...........

اللهم بارك لنا في قراءتنا لقرآنك الكريم ، وتدبرنا في آياته يارب العالمين .

دكتور / محمد محفوظ











05 أغسطس 2020

د. محمد محفوظ يكتب : نوح ٥٠ سنة فقط وليس ٩٥٠

نوح ٥٠ سنة فقط وليس ٩٥٠ 
( ١٠٠٠ - ٥٠ = ٥٠ )

(( ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون )) . سورة العنكبوت - الآية ١٤ 

- مقدمة لازمة : 

هذا المقال سيوضح أن مدة رسالة نوح عليه السلام هي ٥٠ سنة فقط ، وليست ٩٥٠ سنة . وذلك استنادا إلى عدد من الإشارات - بسورة نوح وسور أخرى من القرآن الكريم - ينبغي أخذها جميعا في الاعتبار عند تفسير الآية رقم ١٤ بسورة العنكبوت .

وهذه الإشارات تستند إلى أدلة لغوية وأدلة رقمية بالنص القرآني ، توضح بأن لفظ ( عام ) ولفظ ( سنة ) كلما وردا بالقرآن الكريم في سياق واحد ، فإن لفظ ( عام ) لا يشير إلى ١٢ شهرا قمريا ، وإنما يشير إلى دورة فلكية تساوي ٢٣٥ شهرا قمريا تكافئ ١٩ سنة شمسية ، وهذه الدورة تم الاصطلاح على تسميتها في علم الفلك بـ ( الدورة الميتونية ) . بما يعني أن لفظ ( عام ) = دورة ميتونية ، أي يساوي ١٩ سنة شمسية .

الأمر الذي يفيد أن العبارة القرآنية : ( ألف سنة إلا خمسين عاماً ) ، تعني وفقا لهذا التفسير ( ألف سنة إلا ٥٠ دورة ميتونية ) ، وحيث أن الدورة الميتونية = ١٩ سنة 
ونظراً لأن ٥٠ دورة ميتونية = ٥٠ × ١٩ سنة = ٩٥٠ سنة 
فإن عبارة : ( ألف سنة إلا خمسين عاماً ) ، تصبح وفقاً لهذا التفسير ألف سنة إلا ٩٥٠ سنة .
فتصبح النتيجة أن مدة لبث نوح في قومه = ١٠٠٠ سنة - ٩٥٠ سنة = ٥٠ سنة 

كانت هذة مقدمة لازمة ، وفيما يلي دلائل وبراهين إثباتها ، وفقا للترتيب الآتي :

- أولاً : عمر نوح في القرآن الكريم والتوراة والحديث الشريف  
- ثانياً : التحليل اللغوي للفرق بين لفظ ( سنة ) ولفظ ( عام ) 
- ثالثاً : العلاقة بين السنة الشمسية والعام القمري 
- رابعاً : الإشارات القرآنية الرقمية التي تربط بين قصة نوح عليه السلام والدورة الميتونية 
- خامساً : حساب مدة لبث نوح في قومه وفقا لمعطيات الدورة الميتونية 
- الخلاصة :
- الخاتمة :
- تنويهات واجبة :
- الهوامش : الجداول والمصادر والصور

فإلى التفاصيل ........

أولاً - عمر نوح في القرآن الكريم والتوراة والحديث الشريف : 
 
للوهلة الأولى يبدو لغير المتخصصين أن العمر المديد لنوح عليه السلام بمثابة معجزة وفقاً لنص الآية رقم ١٤ من سورة العنكبوت .

ولكن ماورد بالإصحاح الخامس والإصحاح التاسع بالتوراة حول الأعمار المديدة للجيل الأول للبشرية ، بداية من آدم مرورا بنسله المتصل حتى نوح عليهما السلام ، يوضح أن عمر نوح لم يكن استثناء ، مما ينفي عنه صفة المعجزة . 
فقد كانت أعمار الجيل الأول للبشرية كما وردت بالتوراة كالتالي :
( آدم ٩٣٠ سنة - شيث ٩١٢ سنة - أنوش ٩٠٥ سنة - قينان ٩١٠ سنة - مهللئيل ٨٩٥ سنة - يارد ٩٦٢ سنة - أخنوخ ٣٦٥ سنة - متوشالح ٩٦٩ سنة - لامك ٧٧٧ - نوح ٩٥٠ سنة ) .

أيضاً ، هناك حديث ضعيف الإسناد منسوب للرسول برواية أنس ، يفيد أن ( عمر نوح ) بلغ ١٤٥٠ سنة . ( انظر الهامش : رقم ١ ) 
وحديث آخر منسوب للرسول برواية ابن عباس ، يشير إلى أن ( عمر آدم ) بلغ ٩٦٠ سنة . ( انظر الهامش : رقم ٢ ) 

فإذا أضفنا لذلك ، حقيقة خلو القرآن تماما من أي آيات توضح تعجب أو استغراب قوم نوح من عمره المديد ، فإن الأمر سيبدو بمثابة تأكيد للأعمار المديدة لكل أبناء هذا الجيل الأول للبشرية ، بما يوضح سبب عدم استغراب أو تعجب قوم نوح بشأن عمره المديد .

ولكن ، إذا كانت الأعمار المديدة وفقا للتوراة صفة ملازمة لكل أبناء الجيل الأول للبشرية ، فإنها بذلك تخرج من إطار الدين ولا تندرج ضمن المعجزات الإلهية التي هي بالتعريف ينبغي أن تكون خارقة لقوانين الطبيعة وغير شائعة بين الناس . 

وهو ما يؤدي بالضرورة إلى دخول تلك الأعمار المديدة ضمن إطار العلم ومعطياته المترتبة على كل من : 
شواهد ( علم البيولوجي ) التي مازالت تنفي وجود أي أدلة بيولوجية تثبت إمكانية تطاول عمر الإنسان لعدة مئات من السنين ، منذ وجوده على الأرض وحتى الآن .
وشواهد ( علم الأنثربولجي ) التي مازالت أيضا لا تقدم من واقع الهياكل العظمية الآدمية المعثور عليها التي تعود لآلاف السنين ، أي دليل يفيد بأن عمر أي إنسان قد امتد لمثل تلك الأعمار المديدة المشار إليها بالتوراة . 

وبناء على هذه الشواهد العلمية النافية للأعمار المديدة للجنس البشري ، فإنه يصبح من المنطقي البحث عن تفسير ( آخر ) لمسألة خلو القرآن من أي استغراب أو تعجب لدى قوم نوح بشأن عمره المديد . 
وهذا التفسير ( الآخر ) يمكن أن يكون مفاده بكل بساطة : 
أن عمر نوح لم يتجاوز المعدلات المعتادة للأعمار حتى عصرنا الحالي .

ولعل هذا التفسير ( الآخر ) يتردد صداه في العبارة القرآنية المخصوصة التي نصت على مدة لبث نوح في قومه ، والتي جمعت في سياق واحد بين لفظين : لفظ ( سنة ) ولفظ ( عام ) ، حيث قال تعالى : 
( ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ) . 
وذلك خلافاً للعبارة الواردة بالتوراة التي نصت على الآتي : 
( فكانت كل أيام نوح تسع مئة وخمسين سنة ) .
وفي نسخ أخرى من التوراة ترد تلك العبارة كالآتي :
( فكانت كل أيام نوح تسع مئة سنة وخمسين سنة ) .

وهو ما يستدعي ضرورة التحليل اللغوي لاستنباط المعاني الكامنة في تلك العبارة القرآنية المخصوصة : ( ألف سنة إلا خمسين عاماً ) للكشف عن المقصد الإلهي من استخدام لفظ ( سنة ) مقترناً بلفظ ( عام ) ، بما يزيل الغطاء عن الدلالة المختفية تحت المعنى الظاهر والتي تفتح الباب للكشف عما يحمله النص القرآني من أدلة قد تؤيد ذلك التفسير ( الآخر ) ، الذي يفيد بأن ما ورد في الآية الكريمة لا يمكن اعتباره إشارة لطول مدة لبث نوح في قومه ، وإنما إشارة إلى ملمح آخر يريدنا الله تعالى أن نتدبره . 

ثانياً - التحليل اللغوي للفرق بين لفظ ( سنة ) ولفظ ( عام ) :

لعله من الأوفق تنزيها لله سبحانه وتعالى ، أن نسلم بأن الاستخدام الإلهي للغة غير الاستخدام الإنساني لها . ولا يستقيم في المدلول الإلهي أن تتشابه المعاني بين الكلمات غير المتشابهة في الحروف . 

لذلك تبدو مسألة ادعاء الترادف في ألفاظ القرأن الكريم جديرة بالنقد والمراجعة ، لإعادة فهم هذه الألفاظ في ضوء السياق العام للنص الإلهي المقدس ، وليس السياق اللغوي للمحيط الاجتماعي البشري . 

وإذا كانت البلاغة هي : مطابقة الكلام لمقتضى الحال . فإن كلام الله تعالى هو المثال للبلاغة عندما تدرك حد الكمال . ومن ثم فإن اختلاف الحروف بين لفظ وآخر يقتضي اختلاف المعنى والمدلول بلا شك أو جدال . 

بل إن بلاغة كلام الله تعالى تمتد وتتعاظم لتختلف المعاني بين بعض الكلمات المتشابهة في الحروف نتيجة اختلاف السياق الواردة فيه . كمثال : كلمة ( المحصنات ) التي يختلف معناها باختلاف السياق ، فتعني الحرائر في سياق ما ، بينما تعني المتزوجات في سياق آخر . ولعل هذا ينطبق أيضا على لفظ ( عام ) بحيث يشير لمعان متعددة باختلاف السياق .

ولهذا ، لابد من التسليم بأن ثمة دلالة إلهية تترتب على استخدامه سبحانه وتعالى للفظ (سنة) مصاحبا له لفظ ( عام ) في سياق واحد بالآية رقم ١٤ من سورة العنكبوت .

وتنحو أغلب الكتابات الشارحة لألفاظ القرآن الكريم إلى وجود اختلاف في المعنى بين لفظ سنة ولفظ عام ، انطلاقا من السياق القرآني الذي يشير في الغالب وفقا لرأيهم إلى لفظ ( سنة ) بمعنى الزمن الذي تلازمه شدة وضيق الحال ، بينما يشير إلى لفظ ( عام ) بمعنى الزمن الذي تلازمه سعة ولين ويُسر الحال .

وهذا التفسير الشائع يرتفع بمدة لبث نوح في قومه لتصل إلى ( ألف سنة ) ، منها ( ٩٥٠ سنة ) قبل الطوفان عانى فيها نوح من الشدة والضيق لعناد قومه وإصرارهم على كفرهم ، ومنها ( ٥٠ عاما ) من بعد الطوفان أنعم الله فيها على نوح بسعة ولين ويسر الأحوال بعد دحر الكفر واستقرار الإيمان . بحيث يصبح لفظ ( إلا ) استثناء لحال من حال ، وليس استثناء لمدة زمنية من مدة أخرى .

ولكن ثمة فرق آخر في المعنى بين لفظ ( سنة ) ولفظ ( عام ) ينبغي أن يتم أخذه في الحسبان .
فحروف : السين ، والنون ، والتاء المربوطة .. في تتابعها ، تشير إلى معان متعددة ، ولكنها تتفق جميعا في الدلالة .

حيث تشير إلى لفظ ( سَـنة ) بفتح السين ، باعتباره مقياس للزمن ، أي دورة واحدة للأرض حول الشمس .
وتشير أيضا إلى لفظ ( سِـنة ) بكسر السين ، باعتباره الغفوة اللحظية بين اليقظة والنوم ، مثل العبارة القرآنية : (( لا تأخذه سِنـة ولا نوم )) . 
كما تشير إلى لفظ ( سُـنّة ) بضم السين ، باعتباره الطريقة الواحدة والسبيل المتفرد . مثل العبارة القرآنية :  (( سُنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا )) .

وبذلك يشير التحليل اللغوي للفظ ( سنة ) باختلاف تشكيل الحروف إلى دلالة محددة تتمثل في : الإفراد ، والواحدية ، وعدم التجميع ، وعدم الاشتمال على أكثر من شيء .

بينما يشير التحليل اللغوي للفظ ( عام ) إلى : العموم ، والتجميع ، والاشتمال على أكثر من شيء ، والتكرار والشيوع والذيوع . 

ولهذا ، يشير لفظ ( سنة ) من منظور الحركة الفلكية إلى دورة واحدة لجسم حول جسم آخر .
بينما يشير لفظ ( عام ) من منظور الحركة الفلكية إلى مجموع دورات متعددة لجسم حول جسم آخر .

وهذا يجعل لفظ ( سنة ) يمثل فلكيا ( دورة واحدة ) للأرض حول الشمس ، بما يجعل السنة شمسية .
بينما لفظ ( عام ) يمثل فلكيا ( مجموع دورات ) القمر حول الأرض بواقع ١٢ دورة ، بما يجعل العام قمريا . مصداقا لقوله تعالى : (( إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهرا ... )) . سورة التوبة - الآية ٣٦

وانطلاقا من هذا الفهم ، بشأن شمسية السنة وقمرية العام ، فإن تفسير الآية رقم ١٤ من سورة العنكبوت الخاصة بمدة لبث نوح في قومه ، سيشير إلى ألف سنة شمسية مطروحا منها ٥٠ عاما قمريا . الأمر الذي سيسفر أيضا عن زيادة وليس نقصان في مدة رسالة نوح عليه السلام ، وذلك كالتالي :
فالسنة الشمسية = ٣٦٥ يوما تقريبا .. والعام القمري = ٣٥٤ يوما تقريبا
أي أن العام القمري = ٩٧ ٪ من السنة الشمسية 
وبالتالي ، فإن ٥٠ عاما قمريا = ٤٨,٥٤٣٦٨٩٣ سنة شمسية 
فإذا طرحنا قيمة ٥٠ عاما قمريا من ألف سنة شمسية ( ألف سنة الا خمسين عاما ) .
فإن مدة لبث نوح في قومه تصبح تساوي : 
١٠٠٠ سنة - ٤٨,٥٤٣٦٨٩٣ سنة = ٤٦ ,٩٥١ سنة . أي بزيادة سنة ونصف تقريبا عن المدة الزمنية الشائعة ، وهي ٩٥٠ سنة .

ولكن هذا التفسير يصطدم مرة أخرى بالتفسير ( الآخر ) بشأن عدم تطاول مدة لبث نوح في قومه . الأمر الذي يرجح أن لفظ ( عام ) قد يشير إلى مجموع دورات تتجاوز الـ ١٢ دورة الشائعة للقمر حول الأرض . وهو ما يستدعي البحث عن (علاقة) أخرى بين السنة الشمسية والعام القمري ، يمكن أن تمدنا بتفسير جديد للمدة الزمنية التي لبثها نوح عليه السلام في قومه .

ثالثاً - العلاقة بين السنة الشمسية والعام القمري :

توضح الحسابات الفلكية أن العلاقة بين السنة الشمسية والعام القمري ، لا تقتصر فقط على العلاقة  الشائعة التي تجعل العام القمري = ٩٧ ٪ من السنة الشمسية ، وإنما تمتد لعلاقات أخرى ، بما قد يجعل لفظ ( عام ) يساوي مجموع دورات أكبر من دورة الـ ١٢ شهرا الشائعة ، وذلك كالتالي : 

+ العلاقة الأولى : ومفادها أن ٣٢ سنة شمسية = ٣٣ عاما قمريا تقريبا ، وهذه العلاقة تتوافق بموجبها رأس السنة الشمسية الميلادية تقريبا مع رأس السنة القمرية الهجرية كل ٣٢ سنة شمسية أو ٣٣ عاما قمريا ، بفارق ٦,٣٦ يوما ( أي بفارق ستة أيام وثلث تقريبا ) . 

+ العلاقة الثانية : ومفادها أن ١٩ سنة شمسية = ٢٣٥ شهرا قمريا ، أي ( ١٩ عاما قمريا + ٧ شهور قمرية ) . وهذه العلاقة يتم الاعتماد عليها في التقاويم العبرية والقبطية لتحديد مواعيد عيد الفصح وعيد القيامة في الديانتين اليهودية والمسيحية ، وتمت تسميتها الدورة الميتونية Metonic Cicle نسبة إلى الفلكي الإغريقي : ميتون Meton .. الذي اكتشف تلك الدورة عام ٤٣٢ ق.م .

وتعني الدورة الميتونية ، أن ثمة علاقة فلكية بين الأرض والقمر ، تتمثل في أن الإحداثيات الخاصة برصد الأرض والقمر لا تتطابق تقريبيا في أي موضع لهما حول الشمس إلا كل ١٩ سنة ، بحيث تتساوى ١٩ دورة للأرض حول الشمس ومجموعها بالأيام ( ٦٩٣٩,٦٠  يوما ) ، تتساوى تقريبيا مع ٢٣٥ دورة للقمر حول الأرض ومجموعها بالايام ( ٦٩٣٩,٦٨ يوما ) , بفارق ٨ ٪  من اليوم ( ساعتين تقريبا فقط ) . بحيث يعود القمر لنفس إحداثيات موضعه الذي كان فيه حول الأرض بنفس إحداثيات موضعها حول الشمس ، وذلك كل ١٩ سنة . 
( انظر الهامش : رقم ٣ )

أي أن ٢٣٥ دورة للقمر حول الأرض = ١٩ دورة للأرض حول الشمس ، بفارق ساعتين تقريبا فقط .

ولعل هذا يوضح ، أن الدورة الميتونية ( دورة الـ ١٩ سنة ) ، تنخفض بفارق العلاقة بين سنواتها الشمسية وأعوامها القمرية إلى ساعتين فقط ، بخلاف ( دورة الـ ٣٢ سنة ) التي يصل الفرق بين سنواتها الشمسية وأعوامها القمرية إلى ٦ أيام . 
( انظر بالصور : الجدول رقم ١ موضحا به العلاقة بين السنة الشمسية والعام القمري )

بما يعني ، أن لفظ ( عام ) كلما ورد بالقرآن الكريم في سياق واحد متلازما مع لفظ ( سنة ) ، فإنه قد لا يشير بالضرورة الى العام القمري الذي يساوي ١٢ شهرا قمريا ، بل قد يشير الى دورة فلكية أخرى ، قد تكون دورة الـ ٣٣ عاما قمريا التي تكافئ ٣٢ سنة شمسية ، أو الدورة الميتونية دورة الـ ٢٣٥ شهرا قمريا التي تكافئ ١٩ سنة شمسية .

وسنثبت في البند التالي ، أن تفسير لفظ ( عام ) بمعناه المساوي لـ ١٩ سنة شمسية أو ٢٣٥ شهرا قمريا ، هو التفسير الذي تدعمه الأدلة الرقمية الكامنة بالنص القرآني . ومن ثم فإن الدورة الميتونية تبدو هي الأجدر بحساب مدة لبث نوح في قومه .

رابعاً - الإشارات القرآنية الرقمية التي تربط بين قصة نوح عليه السلام والدورة الميتونية :

ثمة إشارات رقمية متعددة ، سواء بمجمل القرآن الكريم ، أو بسوره المتفرقة : كسورة نوح ، وسورة هود ، وسورة المؤمنون ، وسورة آل عمران ، توضح جميعها العلاقة بين قصة نوح عليه السلام والدورة الميتونية ، أو بالأحرى العلاقة بين قصة نوح وكل من رقم ٢٣٥ ورقم ١٩ ، وذلك كالآتي :

+ الاشارة الأولى بسورة نوح ، وهي إشارة لافتة ، وتتمثل في الآتي :
فسورة نوح هي السورة رقم ( ٧١ ) في ترتيب السور بالمصحف الشريف .
وهي السورة رقم ( ٧١ ) في ترتيب النزول لسور القرآن الكريم .
وهي أيضا السورة رقم ( ٧١ ) في الترتيب التنازلي لسور القرآن الكريم وفقا لعدد الآيات . بمعنى أن سورة البقرة تتبوأ المركز رقم ( ١ ) باعتبارها أطول سورة من حيث عدد الآيات ، وتحتل سورة نوح المركز رقم ( ٧١ ) في هذا الترتيب التنازلي .

وكما هو واضح ، فإن هذه العلاقة الثلاثية التي يتطابق بموجبها ترتيب سورة نوح بالمصحف الشريف ، مع ترتيب نزولها من الوحي ، مع ترتيبها التنازلي من حيث عدد الآيات ، هذه العلاقة تتماثل مع العلاقة الثلاثية بين الشمس والأرض والقمر التي تنتظم وفقا لها الدورة الميتونية . 

وهذه العلاقة الثلاثية تتعزز معانيها بإشارة رقمية لافتة تتمثل في الآتي :
ترتيت سورة نوح بالمصحف + ترتيب نزولها + ترتيبها التنازلي وفقا لعدد آياتها = ٧١ + ٧١ + ٧١ = ٢١٣ 
فإذا أضفنا لهذا الرقم عدد حروف عبارة البسملة وهي = ١٩ حرفا
وأضفنا أيضا عدد حروف اسم نوح وهي = ٣ حروف
فإن حاصل جمع هذه الأرقام الثلاثة = ٢١٣ + ١٩ + ٣ = ٢٣٥

.. أي أن التحليل الرقمي المبدئي لسورة نوح يسفر عن ظهور رقم ( ٢٣٥ ) ، وهو عدد الشهور القمرية المكافئة لعدد ١٩ سنة شمسية في الدورة الميتونية .
( انظر بالصور : الجدول رقم ٢ لبيان ترتيب سور القرآن بالمصحف وترتيب نزولها . والجدول رقم ٣ لبيان الترتيب التنازلي لسور القرآن الكريم وفقا لعدد الآيات )

+ الإشارة الثانية بسورة نوح : وتتمثل في الآتي :
إجمالي عدد الكلمات بسورة نوح ( برسم المصحف الشريف ) = ٢٢٦ كلمة 
عدد كلمات عبارة : سورة نوح = ٢ كلمة
حاصل جمع : ٢٢٦ + ٢ = ٢٢٨
ورقم ٢٢٨ = ١٢ × ١٩
.. وهكذا يظهر رقم ( ١٩  ) مرتبطا بسورة نوح .

فإذا أضفنا لرقم ٢٢٨ ، عدد حروف عبارة : سورة نوح = ٧ حروف
فإن حاصل جمع هذه الأرقام الثلاثة = ٢٢٦ + ٢ + ٧ = ٢٣٥
.. وهكذا يظهر رقم ( ٢٣٥ ) للمرة الثانية مرتبطا بسورة نوح .

أيضا يمكن أن تنتظم تلك الإشارة الرقمية الثانية وفقا للتنظيم التالي :

إجمالي عدد الكلمات بسورة نوح = ٢٢٦ كلمة
عدد كلمات عبارة : سورة نوح = ٢ كلمة
عدد كلمات عبارة البسملة = ٤ كلمات
عدد حروف اسم نوح = ٣ حروف
حاصل جمع هذه الأرقام الأربعة = ٢٢٦ + ٢ + ٤ + ٣ = ٢٣٥
( انظر بالصور : الجدول رقم ٤ يوضح إجمالي عدد الكلمات بسورة نوح )

+ الإشارة الثالثة بسورة نوح : وتتمثل في الآيات من رقم ١٦ إلى رقم ١٩ ، حيث قال الله تعالى :
(( وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا * والله أنبتكم من الأرض نباتا * ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا * والله جعل لكم الأرض بساطا )) . 

الآيات السابقة تجمع بين القمر والشمس ، وورد فيها لفظ الأرض بالآية رقم ١٩ بمعنى ( الكوكب الكروي ) الذي تفرض كرويته أن يكون بساطا ، أي مبسوطا بلا حافة يتم إدراكها مهما تواصل عليه المسير .
وفي ذلك إشارة إلى علاقة رقم ١٩ بتلك الأجرام السماوية الثلاثة ( كوكب الأرض - القمر - الشمس ) . 
وهذا ما تؤكده العلاقات الرقمية التالية بين تلك الأجرام :
فالقمر يستمد نوره من الشمس
القمر نورا ( ٩ حروف ) + الشمس سراجا ( ١٠ حروف ) = ١٩ حرفا
والقمر يدور حول كوكب الأرض ويعكس نوره إليها
القمر نورا ( ٩ حروف ) + الأرض بساطا ( ١٠ حروف ) = ١٩ حرفا
.. وهكذا يظهر رقم ( ١٩ ) للمرة الثانية مرتبطا بسورة نوح ، وليؤكد العلاقة بين الشمس والأرض والقمر ورقم ١٩ .

+ الإشارة الرابعة وتتعلق بعدد مرات ورود اسم نوح بمجمل سور القرآن الكريم : 
حيث أن حروف : النون ، والواو ، والحاء ، المتتابعة التي يتكون منها اسم نوح عليه السلام ، قد وردت في مجمل القرآن الكريم ٥٠ مرة ، ٤٣ منها برسم اسم نوح عليه السلام ، و٧ مرات برسم كلمات أخرى ( كلمة نوحيه ٢ مرة - كلمة نوحيها ١ مرة - كلمة نوحي ٤ مرات ). 
.. وهكذا يظهر رقم ٥٠ مرتبطا بالحروف الثلاثة التي يتشكل منها اسم نوح عليه السلام .

ولكن الإشارة اللافتة أن رقم ٤٣ الذي يمثل عدد مرات ورود اسم نوح بالقرآن الكريم ، إذا تم جمعه مع رقم ٧١ الذي تتميز به سورة نوح كما أوضحنا في الإشارة الرقمية الأولى . فإن الناتج يكون رقم ١١٤ ، وهو عدد سور آيات القرآن ، وهو أيضا حاصل ضرب رقم ١٩ في رقم ٦ .
أي أن : ٤٣ + ٧١ = ١١٤ . و ١١٤ = ١٩ × ٦
علماً بأن رقم ( ٦ ) هو رقم ترتيب سورة نوح بالمصحف ضمن ترتيب السور التي وردت بأسماء الأنبياء ، وذلك وفقا للترتيب الآتي : 
١ - سورة يونس ، ٢ - سورة هود ، ٣ - سورة يوسف ، ٤ - سورة إبراهيم ، ٥ - سورة محمد ، ٦ - سورة نوح .
.. وهكذا يظهر رقم ( ١٩ ) للمرة الثالثة مرتبطا باسم نوح عليه السلام .
( انظر الهامش : رقم ٤ )

+ الإشارة الخامسة وتتعلق برحلة سفينة نوح ، من خلال ( ابتهال ) نوح باسم الله مع بدء انطلاقها ، و ( دعاء ) نوح لله متضرعا قبل رسوها . 
الابتهال : تتضمنه سورة هود بالآية رقم ٤١ ، ويتمثل في العبارة القرآنية : ( .. بسم الله مجريها ومرسها .. ) ، ومجموع حروف هذا الابتهال = ١٩ حرفا . 
والدعاء : تتضمنه سورة المؤمنون بالآية رقم ٢٩ ، ويتمثل في العبارة القرآنية : ( .. رب انزلني منزلا مباركا .. ) . ومجموع حروف هذا الدعاء الذي أوحاه الله تعالى لنوح ليتضرع به إليه سبحانه ليبارك فيما تنتهي به رحلة السفينة بعد نهاية الطوفان ، كان مجموع حروفه ١٩ حرفا .
.. وهكذا يظهر رقم ( ١٩ ) للمرة الرابعة والمرة الخامسة مرتبطا بقصة نوح .

+ الإشارة السادسة وتتضمنها الآية رقم ٣٣ من سورة آل عمران والتي يقول فيها تعالى : 
( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ) .
حيث أن عدد حروف عبارة : ( إن الله اصطفى آدم ونوحا .. ) ، تساوي ١٩ حرفا . 
.. وهكذا يظهر رقم ( ١٩ ) للمرة السادسة مرتبطا بنوح عليه السلام .

+ الإشارة السابعة :
أثبت المهندس/ عدنان الرفاعي ، في مقال بعنوان : ألف سنة إلا خمسين عاما ، وفي العديد من الفيديوهات والمقابلات التلفزيونية ، أن عدد حروف سورة نوح = ٩٥٠ حرفا وفقا لرسم كلمات القرآن الكريم . وهو ما استدل من خلاله بأن رقم ٩٥٠ ينصرف إلى عبارة : ( ألف سنة إلا خمسين عاما ) . بما يعني أن فترة رسالة نوح = ١٠٠٠ سنة ، من بداية إرساله لقومه حتى أخذهم بالطوفان . وتلك السنوات الـ ١٠٠٠ التي كان فيها نوح لابثاً في قومه يدعوهم ، تخللتها ٥٠ سنة منفصلة وليست متصلة ، كان فيها نوح لابثاً خارج قومه هاجرا لهم .
ومن خلال طرح سنوات الهجر الخمسين التي لبث فيها نوح خارج قومه من الألف سنة التي لبثها في قومه ، فإن ١٠٠٠ - ٥٠ = ٩٥٠ سنة .

.. وفي تقديرنا المتواضع ، ووفقا لكل ما أوضحناه سلفا من إشارات لغوية ورقمية بالنص القرآني ، فإننا نميل إلى التسليم بأن عدد حروف سورة نوح الذي يساوي ٩٥٠ حرفا لا ينصرف إلى عبارة : ( ألف سنة إلا خمسين عاما ) ، وإنما ينصرف حصرا إلى عبارة : (خمسين عاما) ، بحيث يشير لفظ ( عام ) إلى الدورة الميتونية التي تساوي ١٩ سنة ، فتصبح عبارة : ( خمسين عاما ) = ٥٠ × ١٩ = ٩٥٠ سنة
.. وهكذا  يظهر رقم ( ١٩ ) للمرة السابعة مرتبطا بنوح عليه السلام .
(انظر الهامش - رقم ٥ ) 
............

إذن في ظل كل تلك الإشارات الرقمية القرآنية التي تربط بين نوح عليه السلام ، وكل من رقم ( ١٩ ) ورقم ( ٢٣٥ ) ، بواقع ٧ مرات لرقم ١٩ ، ومرتان لرقم ٢٣٥ .

وفي ظل عدم وجود دليل علمي يؤيد تطاول عمر الإنسان منذ وجوده على الأرض ليصل إلى الأعمار المديدة الواردة بالتوراة .

وفي ظل خلو القرآن الكريم من أي آيات توضح استغراب قوم نوح من عمره المديد.

وفي ظل ذكر مدة لبث نوح في قومه بالقرآن الكريم باستخدام لفظين غير مترادفين ، لفظ ( سنة ) ولفظ (عام ) .

... في ظل كل تلك المقدمات ، فإن التفسير ( الآخر ) بشأن عدم تطاول مدة لبث نوح في قومه يأخذ مكانه تحت الضوء ، وفقا لأسانيد تستوجب التبني والاعتبار .

.. فإلى حساب مدة لبث نوح في قومه وفقاً لكل تلك المعطيات ...
.............

خامسا - حساب مدة لبث نوح في قومه وفقا لمعطيات الدورة الميتونية :

بعد عرض كل تلك الإشارات الكامنة بالنص القرآني والتي توضح ارتباط رقم ( ٢٣٥ ) ورقم ( ١٩ ) بنوح عليه السلام وقصته . فإنه لا يمكن تجاهل أن الاستخدام الإلهي لعبارة : ( ألف سنة الا خمسين عاما ) ، كان يشير إلى معنى مخصوص يخرج بلفظ ( عام ) من دلالته الشائعة التي تساوي ١٢ شهرا قمريا ، لكي تحل محله دلالة أخرى تجعل لفظ ( عام ) يساوي ٢٣٥ شهرا قمريا تكافئ ١٩ سنة شمسية ، أو ٣٣ عاما قمريا تكافئ ٣٢ سنة شمسية .

ومن ثم ، فإن تفسير لفظ ( عام ) بسورة العنكبوت بمعناه الشائع الذي يساوي ١٢ شهرا قمريا ، والذي يرتفع بمدة لبث نوح في قومه ليصل إلى ٤٦ ,٩٥١ سنة ، هو تفسير لا يتلاءم مع تلك الإشارات .

كما أن تفسيرلفظ ( عام ) بمعناه المساوي لـ ٣٣ عاما قمريا تكافئ ٣٢ سنة شمسية ، هو تفسير يجعل ٥٠ عاما = ٥٠ × ٣٢ = ١٦٠٠ سنة . 
ومن ثم ينتج عن عبارة : ( ألف سنة إلا خمسين عاما ) قيمة سالبة . إذ أن : ١٠٠٠ - ١٦٠٠ = - ٦٠٠ ( أي سالب ٦٠٠ ) ، وهي بالطبع نتيجة لا زمنية .

وبناء عليه ، فإن تفسير لفظ ( عام ) بمعناه الذي يتفق مع الإشارات التي توضح ارتباط رقم ٢٣٥ ورقم ١٩ بنوح عليه السلام وقصته ، هذا التفسير يؤدي إلى التسليم بأن لفظ ( عام ) بالآية رقم ١٤ من سورة العنكبوت = دورة ميتونية = ١٩ سنة شمسية .

وبالتالي ، تصبح قيمة ٥٠ عاما = ٥٠ دورة ميتونية = ٥٠ × ١٩ سنة = ٩٥٠ سنة .
فإذا تم طرح هذه القيمة من ١٠٠٠ سنة ، تصبح مدة لبث نوح في قومه = ١٠٠٠ سنة - ٩٥٠ سنة = ٥٠ سنة فقط .

أي أن العبارة القرآنية : ( ألف سنة إلا ٥٠ عاما ) ، تعني ( ألف سنة إلا ٥٠ دورة ميتونية ) = ١٠٠٠ سنة - ٩٥٠ سنة = ٥٠ سنة . 
وإذا شئنا الدقة ٥٠ سنة إلا ٤ أيام .

وهكذا ، تصبح مدة لبث نوح عليه السلام في قومه ٥٠ سنة فقط ، وقد أشار الله تعالى في كتابه الكريم إلى هذا المعنى بعبارة قرآنية تتضمن ظاهرة فلكية تواترية تجمع بين الشمس والأرض والقمر .

بما يعني أن الله تعالى اصطفى نوحا عليه السلام بمعجزة مناخية تمثلت في الطوفان ، ولكن مدة لبثه في قومه لم تكن بنص الآيات والإشارات الكامنة بها معجزة بيولوجية تتعلق بالعمر المديد ، وإنما كانت تتضمن إشارة إلى ظاهرة فلكية تواترية هي الدورة الميتونية . 

وهذه الظاهرة الفلكية كانت معلومة لدى علماء الفلك ورجال الدين اليهودي منذ ٤٣٢ سنة قبل الميلاد ، أي منذ ١٠٤٢ سنة تقريبا قبل بعثة الرسول عليه السلام سنة ٦١٠م .

ولذلك ، أينما ورد لفظ ( عام ) في سياق واحد بالقرآن الكريم مع لفظ ( سنة ) ، فإنه لا يشير إلى العام القمري ، وإنما يشير إلى الدورة الميتونية التي تساوي ١٩ سنة شمسية تكافئ ٢٣٥ شهرا قمريا .

... ولعل هذا سيكون بإذن الله تعالى ، موضوع بوست قادم عن الإشارات الكامنة بالآيات من رقم ٤٧ إلى رقم ٤٩ من سورة يوسف ، والتي يترافق فيها لفظ ( سنين ) مع لفظ ( عام ) في سياق واحد ، بما يستدعي أيضا تفسير لفظ ( عام ) بسورة يوسف وفقا لمعطيات الدورة الميتونية .
........

الخلاصة : 

لعل تدبر الآيات السالف ذكرها الخاصة بنوح عليه السلام في ضوء معطيات الدورة الميتونية ، يقدم تفسيرا مستحدثا لمعاني تلك الآيات . 
قد لا يقبله البعض تمسكا بالتراث والنقل وتوجسا من العقل . 
وقد يستخف به البعض الآخر افتتانا بالعقل وريبة وشكا في النص .

وما بين التمترس خلف التفسير التراثي المتوارث للنص ، أو التحلل من أي تفسير للنص استسلاما للريبة والشك في مصدر هذا النص .
فإن الرد على كلا الفريقين لن يكون إلا ببرهان واحد مفاده : 
إن النتائج المستخرجة من النص تم التوصل إليها بموجب إشارات لغوية ورقمية متضمنة بذات النص .

وبالتالي ، فعلى من يؤمن بالنص أن يحترم ما يتم استخراجه من ثناياه وبطائنه . 
وعلى من يشك في النص ، أن يعيد التفكير في مدى صدقية ذلك النص ، طالما كان يحمل ما يتماشى مع العلم والعقل ولا يتصادم معهما .
...............

الخاتمة :

وأخيراً ، قدم هذا البوست مقاربة لمدة رسالة نوح عليه السلام من منظور ألفاظ القرآن الكريم التي هي غير قابلة للترادف ، وهي مقاربة تحمل تفسيرا نافيا للعمر المديد عن نوح عليه السلام ، وتحمل بالتبعية تفسيرا نافيا للأعمار المديدة المزعومة لباقي أبناء الجيل الأول للبشرية الواردة بالتوراة بسفر التكوين .

ومن ثم فإن عبارة : ( ألف سنة إلا خمسين عاما ) ، تقدم إجابة قرآنية مفادها : أن كافة ماورد بالتوراة أو الأحاديث المنسوبة للرسول عن أعمار مديدة للأجيال الأولي للبشرية من لدن آدم حتى نوح وبنيه ، لا دليل عليه من العلم القابل للكشف والتقصي ، ولذلك ربط الله تعالى العبارة القرآنية التي أشارت لمدة لبث نوح في قومه بظاهرة فلكية تواترية ، ليبرهن لنا سبحانه بأن تلك الأعمار المديدة المزعومة ينبغي استقرائها ضمن براهين العلم وأسبابه. 

وتأسيسا على ما سبق ، ربما يتبادر لذهن البعض أن المنهج الذي اتبعناه لحساب مدة لبث نوح في قومه باستخدام الدورة الميتونية ، هو منهج قابل للتطبيق على باقي الأعمار المديدة الواردة بالتوراة أو بعض الأحاديث النبوية من لدن آدم مرورا بنوح وصولا لإبنائه وأحفاده ، وذلك لمعرفة المدى الزمني الحقيقي لتلك الأعمار قياسا بعمر نوح .

والواقع ، إننا نعتقد بأن ذلك المنهج الذي اتبعناه لا يفتح الباب لإعادة حساب تلك الأعمار المديدة لأبناء الجيل الأول للبشرية وفقا لمعطيات الدورة الميتونية ، بل إنه يغلق ذلك الباب تماما ، باعتبار أن نفي القرآن الكريم العمر المديد عن نوح ، قد  أدى بالتبعية المباشرة إلى نفي تلك الأعمار المديدة عن باقي أبناء الجيل الأول للبشرية ، ومن ثم تصبح هذه الأعمار تدور في إطار المعدلات الطبيعية الشائعة للأعمار الإنسانية . 

وكأن القرآن الكريم ، بنفيه للأعمار المديدة الواردة بالتوراة ، يؤكد المعنى الذي يتردد صداه في قوله سبحانه : ( إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون ) . سورة النمل - الآية ٧٦
ومن إشارات القرآن الكريم أن رقم تلك الآية هو : ٧٦ 
ونظرا لأن رقم ٧٦ = ١٩ × ٤
فإن رقم ( ١٩ ) يطل بوجهه مرة أخرى ، ليشير من ضمن ما يشير إلى الدورة الميتونية ، باعتبارها تكشف بعض ما اختلف فيه بني إسرائيل ، والذي كان وفقا لمضمون هذا المقال يتعلق بالأعمار المديدة المزعومة لأبناء الجيل الأول للبشرية .
..........

تنويهات واجبة : 

- التنويه الأول :
تم التعامل مع الدورة الميتونية في هذا البوست باعتبارها ظاهرة فلكية تتكرر بموجبها ذات الإحداثيات لمواضع الأرض والقمر بالنسبة للشمس كل ١٩ سنة أو ٢٣٥ شهرا قمريا ، وليس باعتبارها تقويما فلكيا ابتكره أيضا الفلكي : ميتون ، ليحقق التوافق بين السنة الشمسية والعام القمري .

ولقد قام ( ميتون ) بتوليف تقويمه هذا من خلال ما يسمى بـ ( نظام الكبس ) ، الذي تصبح بموجبة سبعة أعوام قمرية من كل ١٩ عاما قمريا أعواما كبيسة ، أي يصبح عدد شهورها ١٣ شهرا وليس ١٢ شهرا ، بما يجعل ١٩ عاما قمريا لا تساوي ٢٢٨ شهرا ، وإنما تساوي ٢٣٥ شهرا (  ٢٢٨ شهرا + ٧ شهور ) ، الأمر الذي يحقق التوافق بين الشهور الشمسية والقمرية ، ومن ثم تحل المناسبات المرتبطة بالشهور القمرية في موعد متوافق مع الشهور الشمسية .

ورغم أن هذه التوليفة التوفيقية التي ابتكرها ( ميتون ) يتم استخدامها في التقويم اليهودي لتحديد موعد ( عيد الفصح ) ، وفي التقويم المسيحي لتحديد موعد ( عيد القيامة ) ، إلا أن هذه التوليفة لا تتلاقى مع المعنى الظاهر لقول الله تعالى : ( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والارض منها أربعة حرم .. ) . سورة التوبة - الآية ٣٦ 

ولذلك نؤكد بأن الدورة الميتونية في هذا البوست لا تستند إلى تلك التوليفة التوفيقية التي لا تتلاقى مع الآية رقم ٣٦ من سورة التوبة ، وإنما تستند إلى الظاهرة الفلكية الثابتة والمستقرة علميا ، بشأن تكرار ذات الإحداثيات لمواضع الأرض والقمر بالنسبة للشمس كل ١٩ سنة .

بما يعني أن البوست يتحدث عن الدورة الميتونية باعتبارها اكتشاف فلكي ، وليس باعتبارها توليفة بشرية للتوفيق بين السنة الشمسية والعام القمري .

- التنويه الثاني :
اتجهت بعض الكتابات إلى نفي العمر المديد عن نوح وباقي أبناء الجيل الأول للبشرية ، من خلال التكهن بأن وحدات الزمن التي استخدمها الإنسان في العصور القديمة كانت تختلف عن وحدات الزمن الحالية . 
بمعنى أن وحدة الزمن كانت تتمثل في دورة القمر حول الأرض بمنازله المتعاقبة من الهلال إلى البدر إلى الهلال ( أي الشهر القمري ) ، بما يجعل مفهوم السنة لدى الجيل الأول للبشرية يساوي شهرا قمريا ، الأمر الذي يفيد بأن عمر نوح البالغ ٩٥٠ سنة يساوي وفقا لذلك المفهوم ٩٥٠ شهرا قمريا ، ومن ثم يصبح عمره عليه السلام = ٩٥٠ ÷ ١٢ = ٧٩,١٦ سنة . ( انظر الهامش : رقم ٦ )

ولكن هذا المفهوم الذي تبنته تلك الكتابات ، لا يتفق مع نصوص واضحة وصريحة بالتوراة بشأن نوح وقصته ، ورد فيها لفظ شهر باعتباره أحد مكونات السنة ، وورد فيها لفظ يوم بوصفه من مكونات الشهر . وفيما يلي بعض الآيات التي تثبت ذلك كالآتي :

 - (( لأني بعد سبعة أيام أيضا أمطر على الأرض أربعين يوما وأربعين ليلة. وأمحو عن وجه الأرض كل قائم عملته )) . سفر التكوين الإصحاح ٧ - الآية ٤ 

- (( في سنة ست مئة من حياة نوح، في الشهر الثانى، في اليوم السابع عشر من الشهر في ذلك اليوم، انفجرت كل ينابيع الغمر العظيم، وانفتحت طاقات السماء )) . سفر التكوين الإصحاح ٧ - الآية ١١ 

- (( وكان المطر على الأرض أربعين يوما وأربعين ليلة )) . سفر التكوين الإصحاح ٧ - الآية ١٢ 

- (( واستقر الفلك في الشهر السابع، في اليوم السابع عشر من الشهر، على جبال أراراط )) . سفر التكوين الإصحاح ٨ - الآية ٤ 

- (( وكانت المياه تنقص نقصا متواليا إلى الشهر العاشر. وفي العاشر في أول الشهر، ظهرت رؤوس الجبال )) . سفر التكوين الإصحاح ٨ - الآية ٥ 

- (( وكان في السنة الواحدة والست مئة، في الشهر الأول في أول الشهر، أن المياه نشفت عن الأرض. فكشف نوح الغطاء عن الفلك ونظر، فإذا وجه الأرض قد نشف )) . سفر التكوين الإصحاح ٨ - الآية ١٣ 

- (( وفي الشهر الثاني، في اليوم السابع والعشرين من الشهر، جفت الأرض )) . سفر التكوين الإصحاح ٨ - الآية ١٤ 

- (( وعاش نوح بعد الطوفان ثلاث مئة وخمسين سنة )) . سفر التكوين الإصحاح ٩ - الآية ٢٨ 

- (( فكانت كل أيام نوح تسع مئة وخمسين سنة، ومات )) . سفر التكوين الإصحاح ٩ - الآية ٢٩ 

ووفقا لكل هذه الآيات بسفر التكوين التي تسرد قصة نوح والطوفان ، فإنه يتبين أن التكهنات التي ذهبت إلى أن كلمة سنة تعني شهرا قمريا ، هي تكهنات تتناقض مع النص ، وتتجاهل ما تضمنته آيات سفر التكوين من ذكر صريح للفظ سنة ولفظ شهر ولفظ يوم .

ومن ثم يظل لفظ سنة الوارد بالعهد القديم غير قابل للتأويل بغير معناه الشائع ، والذي يفيد أن السنة لم تكن في ذلك العهد من تاريخ البشرية تساوي شهرا ، وإنما كانت تتكون من ١٢ شهر .

.. أيضا ، فإن بعض الكتابات الأخرى ، اتجهت إلى القول بأن القدماء كانوا يستخدمون نظام العد الخماسي وليس العشري ، استنادا لآلهة قوم نوح الخمسة ( ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر ) . وأن الوحدة الزمنية لديهم كانت تتمثل في رقم ٧ ، بما ينخفض بعمر نوح إلى ٧١ سنة ونصف تقريبا . ( انظر أيضا الهامش : رقم ٦ )

والواقع ، أن تلك الكتابات وإن كانت تنفي العمر المديد عن نوح ، وتقدر عمره بـ ٧١ سنة تقريبا ، بما يتفق مع علاقة سورة نوح اللافتة برقم ٧١ . إلا أن النتائج التي تصل  لها تلك الكتابات لا تستند لمقدمات ثابتة علمياً ، بل هي نتائج متصورة ولا تأكيد عليها ، سواء ما يتعلق منها بنظام العد الخماسي ، أو الوحدة الزمنية المتمثلة في رقم ٧ ، بما يجعل نتائجها تفتقر للبراهين والأدلة . 

ولعل الارتباط اللافت لرقم ٧١ بسورة نوح ، قد يدفع نحو الميل لاعتبار هذا الرقم بمثابة إشارة رقمية إلى عمر نوح عليه السلام ، بمعنى أنه لبث في قومه ٥٠ سنة ، ومجمل عمره كان ٧١ سنة .

ولكننا لا نؤيد الخوض في تفاصيل لم يتطرق لها القرآن الكريم ، ونكتفي بإعمال الاجتهاد والتدبر في مدة لبث نوح في قومه فقط ، دون التطرق لأبعد من ذلك ، طالما تجاوز القرآن الكريم ذلك وسكت عنه .

لذا لزم التنويه ... 

اللهم بارك لنا في قراءتنا لقرآنك الكريم ، وتدبرنا في آياته يارب العالمين .
...........

دكتور / محمد محفوظ

الهوامش : 

١ - روى ( ابن عساكر ) عن ( أبان بن أبي عياش العبدي ) عن ( أنس ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما بعث الله نوحا إلى قومه بعثه وهو ابن خمسين ومائتي سنة ، فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما وبقي بعد الطوفان خمسين ومائتين سنة ، فلما أتاه ملك الموت قال : يا نوح يا أكبر الأنبياء ويا طويل العمر ويا مجاب الدعوة ، كيف رأيت الدنيا ؟ قال : مثل رجل بني له بيت له بابان فدخل من واحد وخرج من الآخر .
( إسناد الحديث واه ، أبان هذا متروك ، كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب . قال الحافظ في اللسان : ضعفه أحمد وجماعة ، وكذبه ابن معين مرة . وقال أبو حاتم : متروك ذاهب الحديث . وقال النسائي : ليس بثقة ) . 
المصدر :
٢ - عن ابن عباسٍ قال : إن الله عز وجل لما خلق آدم مسح ظهره فأخرج منه ما هو من ذراري إلى يوم القيامة، فجعل يعرض ذريته عليه فرأى فيهم رجلا يزهر، فقال: أي رب من هذا؟ قال: هذا ابنك داود، قال: أي رب كم عمره؟ قال: ستون عاما، قال رب: زد في عمره. قال: لا، إلا أن أزيده من عمرك، وكان عمر آدم ألف عام. فزاده أربعين عاما، فكتب الله عز وجل عليه بذلك كتابا وأشهد عليه الملائكة، فلما احتضر آدم وأتته الملائكة لتقبضه قال: إنه قد بقي من عمري أربعون عاما، فقيل إنك قد وهبتها لابنك داود، قال: ما فعلت، وأبرز الله عز وجل عليه الكتاب وشهدت عليه الملائكة . 
( رواه أحمد واللفظ له عن ابن عباس والترمذي، وصححه عن أبي هريرة . ورواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي ) . مسند أحمد : حديث رقم (3519) .
المصدر :
٣ - تعريف الدورة الميتونية بدائرة المعارف البريطانية
٤ - ورد اسم نوح بمجمل القرآن الكريم ٤٣ مرة في عدد ٢٨ سورة . واللافت أن رقم ٢٨ هو عدد آيات سورة نوح . والأمر اللافت الإضافي ، أن حاصل جمع ٤٣ + ٢٨ = ٧١ ، وهو الرقم المميز لسورة نوح .

٥ - عدنان الرفاعي : ألف سنة إلا خمسين عاماً
( مقال يوضح أن عدد حروف سورة نوح = ٩٥٠ حرفا ، وأن مدة لبث نوح في قومه = ٩٥٠ سنة )
٦ - روابط لبعض الكتابات التي نفت العمر المديد عن نوح ، ولكن وفقا لأدلة غاب عنها دليل ( الدورة الميتونية ) .
انظر كل من :
+ شرح كلمة أزمنة العهد القديم
+ محمد بن ابراهيم : عمر النبي نوح المضاعف بين الألف سنة والـ ١٠٠٠ سنة
+ د. عبد الوهاب القرش : هل حدد القرآن الكريم عمر نوح عليه السلام وفق تقويم عصره ؟!!
 + د. رشيد الجراح : كم لبث نوح في قومه؟
+ الباحث السوري أسد زيتون : العمر الحقيقي الذي عاشه النبي نوح في قومه
دكتور / محمد محفوظ
#نوح_عليه_السلام
#نوح
#القرآن_الكريم
#التوراة
#سفر_التكوين
#الحديث_الشريف
#الدورة_الميتونية







لينك الجدول رقم ( ١ ) :