د. محمد محفوظ يكتب : المملكة .. من (( السعودة )) إلى (( السلمنة ))
بصعود الأمير محمد بن سلمان لمنصب ولي العهد في المملكة ، بعد إعفاء سلفه وابن عمه من ولاية العهد ومن كافة مناصبه .
بذلك الصعود تفتح المملكة صفحة جديدة في سجل توارث عرشها . وصفحة جديدة في مسار تطورها السياسي والاقتصادي والعسكري في المنطقة .
ولي العهد الشاب البالغ من العمر ٣١ عاماً وبضعة شهور ، قد يمكث في العرش بعد والده ما بين أربعة أو خمسة عقود ، ستصطبغ فيها المملكة بلونه ورجاله وسياساته وطموحاته المتصاعدة .
يرى ولي العهد الشاب والملك المستقبلي ، أن المملكة تمتلك الكثير من مقومات القوة الشاملة التي تؤهلها لقيادة المنطقة الإسلامية والعربية .
القوة الروحية باعتبارها مهد الرسالة ومقر الحرمين الشريفين .
والقوة الاقتصادية التي تتمثل في تريليونات الأصول السيادية والمحافظ المالية .
والموقع الجغرافي المهم على البحر الأحمر والخليج العربي .
والميراث التاريخي الممتد من حكم قريش لدولة الخلافة الإسلامية الأموية ومن بعدها العباسية .
كل ذلك ينظر له الملك المستقبلي باعتباره مبرر وحافز وقاعدة ، يمكن الانطلاق منها لقيادة المنطقة الإسلامية والعربية بعربها وعجمها . بحيث تصبح حقبة نضوب النفط القادمة لا محالة ، بمثابة فرصة سانحة لكي تثبت المملكة جدارتها في التحول من أرض الصدفة الجيولجية المتناقصة إلى أرض الوعود الاستثمارية الرابحة .
ربما يكون امتلاك القوة النووية بمثابة المفاجأة التي قد يدخرها الملك المستقبلي لكي يؤسس لقيادة المملكة على بساط من القوة المفرطة ، ولكن المحكومة بمعادلات السياسة والأحلاف والعلاقات المتشابكة . والمعاكسة لقوة نووية إيرانية محتملة قد يكون من الأولى موازنة رعبها بدلًا من إشعال مخاطر تدميرها .
وربما تكون عصرنة المملكة لتدشين مؤكدات تحديثها هي المفارقة التي قد يطلقها الملك المستقبلي ، بحيث يتم تغييب الوجه التديني المذهبي للوهابية واستدعاء وجهها الأيدلوجي القيادي التوسعي ولكن بنكهة مزدوجة ، نكهة تستلهم جموح أسامة بين لادن وطموح الوليد بن طلال بما يعزز من قفزات المملكة على مدارج تحديثها وعصرنتها .
مصر في مشهد يقود الأمير الشاب فيه المملكة ؛ مجرد جمهورية تابعة ، ينبغي الحفاظ على انشغالها بمشكلاتها المزمنة ، وإمدادها بهبات ومساعدات ومنح بالقدر الذي يمنع فقط تفككها أو سقوطها .
ودولة الإمارات وباقي دول مجلس التعاون الخليجي ، ينبغي أن تقر بقيادة المملكة لجزيرة العرب لاستعادة المجد الزائل الذي يتطلع له ولي عهدها وملكها المستقبلي ، باعتباره الميراث المستحق لقريش وأحفادها ، بحيث يتحول المجلس إلى نادٍ سعودي تتمثل مسوغات عضويته فقط في رضا المملكة والقبول بتوجهاتها .
وقطر بالذات ؛ في مشهد يقود الأمير الشاب فيه المملكة ، ما هي إلا إمارة متمردة ينبغي أن تعود للفلك . وإلا ينبغي ضمها بالقوة لحدود المملكة .
ولعل فتح النار على قطر في الأسابيع الماضية ، لم يكن للحرب على الإرهاب الذي تتورط في رعايته كل الممالك والإمارات والجمهوريات في الشرق الأوسط الإسلامي أو العربي ، وإنما كان لوراثة دور قطر الإعلامي والسياسي والدولي الذي تراه المملكة حقها الشرعي الذي استلبته منها إمارة تعطي نفسها أكبر من حجمها وأكثر من قدرها .
جزيرتا تيران وصنافير لا تبتعدان كثيرا عما يتم تجهيزه داخل المطابخ السياسية لقصور المملكة . فهما بمثابة عنوان لنفوذ المملكة في البحر الأحمر وخليج العقبة ومضيق تيران . وكارت ذهبي يمكن أن تستخدمه المملكة لكي تلعب دوراً بارزاً في " صفقة القرن " لحل القضية الفلسطينية وتدشين الشرق الأوسط الجديد ، وشغل مقعد العراب الآمر الناهي في المنطقة .
ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي سينتقل فيها العرش - بعد ان يرحل الملك سلمان - من أبناء الملك عبد العزيز إلى أحفاده .
ولكن في ظل ملك شاب قد يتصدر العرش لعقود قادمة ، فربما بل بالأحرى لن ينتقل العرش من بعده إلا لأبنائه ومن بعدهم لأحفاده . بما يعني أن المملكة ستخلع عباءة " السعودة " لترتدي ثوب " السلمنة " .
ولعل الفقرة " ب " من المادة الخامسة لنظام الحكم الأساسي بالمملكة التي تم تعديلها لتمنع ولاية الابن لعهد والده - من باب ذر الرماد في العيون لتمرير تصعيد ولي ولي العهد لموقع ولاية عهد والده - لعل هذه المادة سيتم - بكل ثقة وبين يوم وليلة في أحد الأعوام البعيدة القريبة القادمة - تعديلها .
ولكن السؤال : هل الأمير الطموح الذي ما زال يشغل منصب وزير الدفاع ، وظن أن الحرب في اليمن قد تضع أوزارها بعد شهر أو اثنين من اندلاعها . فإذا بها تتجاوز العامين دون مدى واضح لقرب انتهائها . هل ذلك الأمير سيقود المملكة بنفس منطق وحسابات حرب اليمن ليكتشف أن طموحاته الشاهقة ستتعثر في أحجار وفخاخ أرض السياسة الدولية ، وأزقة أسواقها الاقتصادية العالمية ، وملاعب قواها العظمى النووية العولمية ؟
المستقبل سيسطر قادم أعوام المملكة . ليقدم إجابة لكل تلك الأسئلة ، بل وربما عن السؤال الأكثر حساسية ، وهو : هل سيتقبل أحفاد عبد العزيز تدشين أكاليل السلمنة على ضريح أطلال السعودة ؟
*****
- لينكات :
- تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد ذروة ثورة في قيادة السعودية
http://www.bbc.com/arabic/middleeast-40353620
بذلك الصعود تفتح المملكة صفحة جديدة في سجل توارث عرشها . وصفحة جديدة في مسار تطورها السياسي والاقتصادي والعسكري في المنطقة .
ولي العهد الشاب البالغ من العمر ٣١ عاماً وبضعة شهور ، قد يمكث في العرش بعد والده ما بين أربعة أو خمسة عقود ، ستصطبغ فيها المملكة بلونه ورجاله وسياساته وطموحاته المتصاعدة .
يرى ولي العهد الشاب والملك المستقبلي ، أن المملكة تمتلك الكثير من مقومات القوة الشاملة التي تؤهلها لقيادة المنطقة الإسلامية والعربية .
القوة الروحية باعتبارها مهد الرسالة ومقر الحرمين الشريفين .
والقوة الاقتصادية التي تتمثل في تريليونات الأصول السيادية والمحافظ المالية .
والموقع الجغرافي المهم على البحر الأحمر والخليج العربي .
والميراث التاريخي الممتد من حكم قريش لدولة الخلافة الإسلامية الأموية ومن بعدها العباسية .
كل ذلك ينظر له الملك المستقبلي باعتباره مبرر وحافز وقاعدة ، يمكن الانطلاق منها لقيادة المنطقة الإسلامية والعربية بعربها وعجمها . بحيث تصبح حقبة نضوب النفط القادمة لا محالة ، بمثابة فرصة سانحة لكي تثبت المملكة جدارتها في التحول من أرض الصدفة الجيولجية المتناقصة إلى أرض الوعود الاستثمارية الرابحة .
ربما يكون امتلاك القوة النووية بمثابة المفاجأة التي قد يدخرها الملك المستقبلي لكي يؤسس لقيادة المملكة على بساط من القوة المفرطة ، ولكن المحكومة بمعادلات السياسة والأحلاف والعلاقات المتشابكة . والمعاكسة لقوة نووية إيرانية محتملة قد يكون من الأولى موازنة رعبها بدلًا من إشعال مخاطر تدميرها .
وربما تكون عصرنة المملكة لتدشين مؤكدات تحديثها هي المفارقة التي قد يطلقها الملك المستقبلي ، بحيث يتم تغييب الوجه التديني المذهبي للوهابية واستدعاء وجهها الأيدلوجي القيادي التوسعي ولكن بنكهة مزدوجة ، نكهة تستلهم جموح أسامة بين لادن وطموح الوليد بن طلال بما يعزز من قفزات المملكة على مدارج تحديثها وعصرنتها .
مصر في مشهد يقود الأمير الشاب فيه المملكة ؛ مجرد جمهورية تابعة ، ينبغي الحفاظ على انشغالها بمشكلاتها المزمنة ، وإمدادها بهبات ومساعدات ومنح بالقدر الذي يمنع فقط تفككها أو سقوطها .
ودولة الإمارات وباقي دول مجلس التعاون الخليجي ، ينبغي أن تقر بقيادة المملكة لجزيرة العرب لاستعادة المجد الزائل الذي يتطلع له ولي عهدها وملكها المستقبلي ، باعتباره الميراث المستحق لقريش وأحفادها ، بحيث يتحول المجلس إلى نادٍ سعودي تتمثل مسوغات عضويته فقط في رضا المملكة والقبول بتوجهاتها .
وقطر بالذات ؛ في مشهد يقود الأمير الشاب فيه المملكة ، ما هي إلا إمارة متمردة ينبغي أن تعود للفلك . وإلا ينبغي ضمها بالقوة لحدود المملكة .
ولعل فتح النار على قطر في الأسابيع الماضية ، لم يكن للحرب على الإرهاب الذي تتورط في رعايته كل الممالك والإمارات والجمهوريات في الشرق الأوسط الإسلامي أو العربي ، وإنما كان لوراثة دور قطر الإعلامي والسياسي والدولي الذي تراه المملكة حقها الشرعي الذي استلبته منها إمارة تعطي نفسها أكبر من حجمها وأكثر من قدرها .
جزيرتا تيران وصنافير لا تبتعدان كثيرا عما يتم تجهيزه داخل المطابخ السياسية لقصور المملكة . فهما بمثابة عنوان لنفوذ المملكة في البحر الأحمر وخليج العقبة ومضيق تيران . وكارت ذهبي يمكن أن تستخدمه المملكة لكي تلعب دوراً بارزاً في " صفقة القرن " لحل القضية الفلسطينية وتدشين الشرق الأوسط الجديد ، وشغل مقعد العراب الآمر الناهي في المنطقة .
ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي سينتقل فيها العرش - بعد ان يرحل الملك سلمان - من أبناء الملك عبد العزيز إلى أحفاده .
ولكن في ظل ملك شاب قد يتصدر العرش لعقود قادمة ، فربما بل بالأحرى لن ينتقل العرش من بعده إلا لأبنائه ومن بعدهم لأحفاده . بما يعني أن المملكة ستخلع عباءة " السعودة " لترتدي ثوب " السلمنة " .
ولعل الفقرة " ب " من المادة الخامسة لنظام الحكم الأساسي بالمملكة التي تم تعديلها لتمنع ولاية الابن لعهد والده - من باب ذر الرماد في العيون لتمرير تصعيد ولي ولي العهد لموقع ولاية عهد والده - لعل هذه المادة سيتم - بكل ثقة وبين يوم وليلة في أحد الأعوام البعيدة القريبة القادمة - تعديلها .
ولكن السؤال : هل الأمير الطموح الذي ما زال يشغل منصب وزير الدفاع ، وظن أن الحرب في اليمن قد تضع أوزارها بعد شهر أو اثنين من اندلاعها . فإذا بها تتجاوز العامين دون مدى واضح لقرب انتهائها . هل ذلك الأمير سيقود المملكة بنفس منطق وحسابات حرب اليمن ليكتشف أن طموحاته الشاهقة ستتعثر في أحجار وفخاخ أرض السياسة الدولية ، وأزقة أسواقها الاقتصادية العالمية ، وملاعب قواها العظمى النووية العولمية ؟
المستقبل سيسطر قادم أعوام المملكة . ليقدم إجابة لكل تلك الأسئلة ، بل وربما عن السؤال الأكثر حساسية ، وهو : هل سيتقبل أحفاد عبد العزيز تدشين أكاليل السلمنة على ضريح أطلال السعودة ؟
*****
- لينكات :
- تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد ذروة ثورة في قيادة السعودية
http://www.bbc.com/arabic/middleeast-40353620
- صعود محمد بن سلمان والمغزى من تعديل الفقرة "ب"
https://arabic.rt.com/middle_east/884736-السعودية-وتداعيات-تعديل-فقرة-من-المادة-الخامسة/
https://arabic.rt.com/middle_east/884736-السعودية-وتداعيات-تعديل-فقرة-من-المادة-الخامسة/
- محمد بن سلمان وليا للعهد بصلاحيات وسلطات "قيصرية"
https://arabic.rt.com/middle_east/884766-الأمير-الشاب-محمد-بن-سلمان-وليا-للعهد-بصلاحيات-قيصرية/?utm_source=spotim&utm_medium=spotim_recirculation
https://arabic.rt.com/middle_east/884766-الأمير-الشاب-محمد-بن-سلمان-وليا-للعهد-بصلاحيات-قيصرية/?utm_source=spotim&utm_medium=spotim_recirculation
- ما الذي يعنيه اختيار محمد بن سلمان وليا للعهد في السعودية؟
http://www.bbc.com/arabic/interactivity-40357725
*****
dr.mmahfouz64@gmail.com
http://www.bbc.com/arabic/interactivity-40357725
*****
dr.mmahfouz64@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق