ليس هناك معرفة مطلقة
وكل من يدعيها عالماً كان أم عقائدياً إنما يفتح الباب للمأساة
إن كل البيانات قاصرة وعلينا أن نعالجها بتواضع
هذا هو الشرط الإنساني للمعرفة وما دونه هو معرفة الآلهة
( جاكوب برونوفسكي )
أولاً - المدخل :
يتطور العلم بالتراكم المعرفي .
ولكن هذا التراكم لا يعني حتماً أن كل المعارف السابقة صحيحة .
بل على العكس ، فقد يكون بعضها خاطئاً ويكون التراكم هنا طامراً لها وليس متأسساً عليها .
وبالتالي تظل المعارف المطمورة حاضرة فقط في كتب تاريخ العلم ، ولكنها تبتعد تماماً عن كتب العلوم المعاصرة وتطبيقاتها العملية في أرض الواقع .
وتضم المعارف المطمورة ، العلوم الزائفة التي لا تندرج تحت بند العلوم أصلاً ، أو العلوم التي ترتبط بمناهج انقرضت نتيجة التطور العلمي .
ويدخل تحت بند العلوم الزائفة - على سبيل المثال وليس الحصر - ما اصطلح على تسميته بعلم الأبراج أو التنجيم المرتبط بقراءة الطالع والتنبؤ بالمستقبل ، أو علم السحر بمعناه الخارق للقوانين الطبيعية ، أو علم الباراسيكولوجي بمسلماته حول التخاطر عن بعد والتحكم العقلي في الأجسام المادية ، بالإضافة إلى ما يُطلق عليه نظرية المؤامرة بمسلماتها حول الحكومة العالمية الخفية والمؤامرة الكونية الكبرى .. إلى آخر هذه العلوم الزائفة المُدّعاة التي لا تساندها قوانين ثابتة توفر نتائج متساوية في الظروف المتماثلة ، أو نتائج متناسبة في الظروف المتناسبة .
بينما يدخل تحت بند العلوم التي تستند إلى مناهج منقرضة - على سبيل المثال وليس الحصر - ما اصطُلح على تسميته بعلم الخيمياء ، بتطلعاته لما يُسمى بحجر الفلاسفة وتحويل المعادن إلى ذهب ، اعتماداً على منهج كان سائداً في العصور القديمة مفاده بأن هناك خواص أو أبعاد سحرية للعناصر يختلط فيها المادي بالروحي ، بما قد يسفر عن نتائج خارقة للطبيعة دون مقدمات منطقية منضبطة .
لهذا يجب على أي جامعة أو هيئة علمية معتبرة أن تهتم بمراجعة العلوم المدرجة على لائحة برامجها التعليمية ، بحيث تميز بين ما ينبغي إدراجه منها تحت بند تاريخ العلم وبين ما يندرج تحت بند العلوم المعتمدة .
والواقع أن الأزهر الشريف باعتباره هيئة علمية متخصصة في مجال العلوم الدينية ، تقع عليه مسئولية جسيمة وحساسة فيما يتعلق بهذه المراجعة . إذ أن معظم العلوم الدينية التي تندرح في لائحة برامجه التعليمية تعتمد اعتماداً كلياً في الغالب الأعم على أصول تراثية تسمى بأمهات الكتب ، تم تأليفها منذ قرون عديدة ولكنها رغم ذلك باتت تمثل المراجع المعتبرة بل وربما الوحيدة لأي برامج تعليمية أو خطط بحثية في المناهج الأزهرية .
ولقد أدى ارتباط هذه العلوم التراثية بالدين وقرب صلتها الزمنية ببعثة الرسول أو بالقرون الهجرية الأولى ( القرون المفضلة ) وقرب نشأة الأزهر الشريف ذاته من تلك القرون ، إلى تغليف هذه العلوم بصبغة تقديسية بمرور الوقت ، بما جعلها تفارق دائرة الفكر الديني التي تنتمي إليها وتصبح امتداداً للدين ذاته .
ولعل هذا يوضح ، لماذا توقف الاجتهاد أو تعطل في الفكر الإسلامي نتيجة لختم القداسة غير المستحق الذي انطبعت به هذه العلوم الدينية ، بما أخرجها من دائرة المراجعة النقدية والتمحيص العلمي .
والواقع أن التطور العلمي الهائل أسفر عن مجموعة من النظريات والأدوات والمناهج التي لا ينبغي تجاهلها عند التعامل مع العلوم الدينية التراثية لإعادة مراجعتها وتصنيفها في ضوء هذا التطور ، فيتبين ما الذي ينتمي منها إلى العلم بمعناه المعاصر ولا يدخل تحت بند العلوم الزائفة ، وما الذي يعتمد فيها على المناهج العلمية المنضبطة ولا يرتبط بمناهج منقرضة تصدعت مبادئها وسقطت مسلماتها .
ولعل المتفحص للعلوم الدينية التراثية في مجال القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والفقه . سيجد بأن ثمة مقدمات معرفية استندت إليها تلك العلوم قد تتناقض مع تعريف العلم بمفهومه المعاصر ومع المنهج العلمي بضوابطه المنطقية . مما يستدعي ضرورة إخضاعها للدراسة النقدية في ضوء النظريات والمناهج والعلوم الحديثة .
فالقراءة النقدية لعلوم القرآن الكريم بهدف مراجعة الأسس العلمية التي تأسست عليها ستفتح الباب لإعادة النظر علي سبيل المثال وليس الحصر في العديد من المسائل والقضايا.
ففي علم التفسير ، تبدو مسألة الترادف والحروف الزائدة والتورية في ألفاظ القرأن الكريم جديرة بتسليط الضوء عليها لإعادة فهم هذه الألفاظ في ضوء السياق العام للنص الإلهي المقدس وليس السياق اللغوي للمحيط الاجتماعي البشري . فالتناول الإلهي للغة غير الاستخدام الإنساني لها . ولا يستقيم في المدلول الإلهي أن تتشابه المعاني بين الكلمات غير المتشابهة في الحروف . فكلمة رسول لا تساوي المدلول الإلهي لكلمة نبي ، ونفس القياس ينطبق على عبارتي أهل الكتاب والذين أوتوا الكتاب ، أو اليهود وبني إسرائيل ، أو الرب والإله .. وهكذا .
وبنفس المنطق ، فإن التسليم بوجود حروف زائدة في القرآن الكريم قد ينحرف بالمدلول الإلهي الذي لا يستقيم إلا بحسبان كل الحروف واجبة لاكتمال المعنى دون أدنى احتمال لأي زيادة .
ولذلك يصبح من المهم الاستفادة من ( نظرية الحقول الدلالية ) لتقديم نموذج علمي للسياقات التي تأتي فيها الكلمات القرآنية بمدلولاتها الإلهية ، بما ينعكس على مراجعة الكثير من المسلمات التراثية في علم التفسير التي استندت إلى منهج عشوائي ينبغي انقراضه لتفريغه النص القرآني من مدلوله الإلهي وتسليط مدلولات بشرية أو خرافية عليه تنحرف بمعانيه ومقاصده .
وفي علم الناسخ والمنسوخ ينبغي الاستفادة من ( أسلوب أو أداة تحليل المضمون ) لتجاوز المنهج التراثي الذي ينبغي انقراضه القائم على الفهم السطحي للمعاني القرآنية ، بما أدى إلى نسخ عدد مُختَلَف عليه من آيات القرآن بما تتضمنه من أحكام وأوامر ونواهي بل ومقاصد إلهية ، ومن ثم ترسيخ الانطباع بأن آيات القرآن تتصادم مع بعضها بعضاً بدلاً من دورانها في إطار تكاملي تعاضدي ، وهو ما يؤكد بأن علم الناسخ والمنسوخ ينبغي أن يحتل مكانه الواجب في كتب تاريخ العلم باعتباره علم زائف يستند لمنهج عشوائي غير منضبط بل ومختلق .
والواقع أن استمرار التعامل التراثي مع علوم القرآن اعتماداً على مقدمات معرفية غير علمية ، أو مناهج عتيقة كان ينبغي منذ زمن أن تتراجع إلى موقعها المستحق في كتب تاريخ العلم ، كل ذلك أدى الى تغييب الكثير من المعاني الإلهية الكامنة أو حتى الظاهرة في النص ، بما جعل هذا النص المقدس قد يبدو عاجزاً - والعياذ بالله - عن بيان مقاصده إلا بالاعتماد على عامل مساعد هو السنة الشريفة ، التي لم تسلم علومها هى الأخرى من المسلمات التراثية غير العلمية .
فعلوم السنة الشريفة بما تتضمنه - على سبيل المثال وليس الحصر - من علم الجرح والتعديل ، وعلم الرجال أو طبقات الرجال أو التراجم ، وعلم مُختَلَف الحديث ، وعلم مُشكِل الحديث ، كل هذه المعارف ينبغي مراجعتها لتقييم المقدمات المعرفية التي تأسست عليها في ضوء المناهج العلمية المعاصرة .
فعلم الرجال أو طبقات الرجال أو التراجم يتأسس على مرويات وسرديات لا دليل علمي منهجي موثق على صحتها ، أو عدم خضوعها للتعصبات القبلية أو المبالغات الشائعة أو النوازع الشخصية ، ولا مقياس منضبط لاعتماد مسلماتها حول درجة التقوى أو الورع أو الأمانة أو الصدق أو القدرة على الحفظ التي يتم الركون إليها في جرح رواة الحديث أو تعديلهم . فلا أحد يعلم ما هى طبيعة ومواصفات ( العينة العلمية ) التي تم الاعتماد عليها لجمع المعلومات حول الرجال في علم الرجال أو طبقاتهم أو تراجمهم . وإذا سلمنا بقيام شخص ( أ ) استناداً لتلك المعلومات بجرح أو تعديل شخص ( ب ) فإن الشخص ( أ ) سيكون هو الآخر بحاجة إلى شخص ( ج ) لجرحه أو تعديله ، وهكذا سندخل في سلسلة لا تنتهي من التقييم ؛ الذي حتى إن تم فإنه لا يمكن أن يستند في بعض جوانبه لأي منهج علمي منضبط .
فبينما يمكن حالياً - وهو مالم يكن متوفراً قديماً - قياس درجة تحصيل المعلومات والقدرة على الحفظ ، إلا أنه لم يتوفر قديماً - ولا حتى في وقتنا الحالي - أي إمكانية لقياس درجة الورع أو التقوى أو الصدق ، مصداقاً لقوله تعالى : ( .. هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ) . وهو ما يتفق تماماً مع رأي معظم الأوساط العلمية العالمية التي لا تعترف - على سبيل المثال - بنتائج جهاز كشف الكذب باعتبارها غير موثوقة ولا تستند إلى منهج علمي منضبط .
علاوة على ذلك ، فإن كل من علم مُختَلَف الحديث وعلم مُشكِل الحديث يعتمدان منهجية جدلية سوفسطائية تحاول التوفيق الذي يصل إلى حد التلفيق بين الروايات المتعارضة ، من خلال استبدال المعاني الظاهرة للألفاظ والعبارات بمعاني بعيدة عن سياق النص الأصلي ، بما يهدره ويسلط عليه نصاً متخيلاً لمجرد الحفاظ على النص في صورته الشكلية ولكن بعد تفريغه من مضمونه الصريح .
ومن ثم ، فإن الاستفادة من مبادئ ( نظرية الإدراك الانتقائي والتذكر الانتقائي ) لتطبيق مسلماتها على درجة الحفظ لدى رواة الأحاديث النبوية الشريفة ، والاعتماد على ( منهج دراسة الحالة ) بخطواته العلمية المنضبطة لتطبيقه على مسلمات علم الرجال وطبقاتهم وتراجمهم ، والاستفادة من ( نظرية الفروق الفردية ) و( نظرية السمات ) و( علم سيكولجية الشخصية ) لمراجعة مسلمات علم الجرح والتعديل ، وكشف مدى اعتماده على فرضيات غير علمية تتناقض مع الفهم العلمي المعاصر لتعقد منظومة النوازع والغرائز البشرية الكامنة في الشخصية الإنسانية ، بما يوضح مقدار صعوبة الجزم بعدول أشخاص ما أو تجريحهم . لاسيما أن الحوادث الدموية المعروفة في تاريخ المسلمين بــ ( الفتنة الكبرى ) تمثل الدليل الأكبر على تعقد الشخصية الإنسانية ، وتراوحها ما بين التقوى والغواية باختلاف المراحل وتشابك الحوادث وتقدم الأعمار !!
وفي تقديري ، فإن الدراسة النقدية لعلوم القرآن الكريم وعلوم السنة الشريفة - وفقاً لمستحدثات نظرية المعرفة وفلسفة العلم ونظريات الاتصال وعلم الدلالة وعلم النفس وعلم الاجتماع - ستلقي بالضرورة بآثارها على المعارف الأخرى التي تم استنباطها من تلك العلوم ، بحيث تمتد أيضاً إلى علم الفقه بأصوله وقواعده وفروعه باعتباره متغير تابع في معادلة العلوم الدينية .
فأدلة الفقه التي تصل إلى 12 أو 13 دليلاً ، وأحكامه الشرعية التكليفية الخمسة ، وأحكامه الشرعية الوضعية ، وقواعده الخمس الكبرى ، وقواعدة الكلية الأربعين ، وقواعده الخاصة المتعددة بتعدد المسائل ، وفرعاه المتمثلان في فقه العبادات وفقه المعاملات .. كل هذا البحر المتلاطم من الاجتهاد البشري ينبغي أن يخضع للدارسة النقدية للخروج به من حيز ( المنطق البديهي ) والانطلاق نحو حيز ( المنطق المركب ) المتوافق مع النضج الإنساني في مدارج العلم المعاصر .
فلا مجال في القرن الواحد والعشرين لاجتهادات فقهية تراثية تُسلّم بأن أقصى مدة الحمل 4 سنوات ، أو أن الطفل للفراش ، أو أن العلاقة الجنسية بين الإنس والجن حقيقة شرعية !!!
وبنفس المنطق ، فإن علم العقيدة ذاته ، ينبغي أن تمتد إليه جهود المراجعة والتجديد . فالتصورات التراثية عن ذات الله سبحانه وتعالى وصفاته وأفعاله مرتبطة بالضرورة بالتصورات المعرفية التي كانت سائدة في القرون الهجرية الأولى عن عالمنا الأرضي المنبسط غير الكروي الذي بدأ خلقه منذ 4000 عام قبل الميلاد ويحتل مركز الكون وتدور حوله الشمس وباقي الكواكب وتزين سماءه النجوم .. إلى آخر تلك التصورات التراثية المحكومة بسقف المعارف السائدة والخرافات الشائعة آنذاك .
وبالطبع فإن التصورات التي يقدمها العلم المعاصر عن كوكب الأرض الذي يصل عمره إلى 4500 مليون سنة ، وعن الكون الذي يصل عمره الي 13700 مليون سنة وطول قطره الذي يزيد عن 27000 مليون سنة ضوئية ، ومايزال في حالة زيادة نظراً لما أثبتته ( نظرية الانفجار العظيم ) و( نظرية الخلفية الإشعاعية للكون ) من أنه في حالة تمدد ... كل هذه التصورات التي يقدمها العلم المعاصر تسمو بنا عالياً فوق الفهم التراثي البدائي المتعلق بالذات الإلهية وما يرتبط بها من صفات وأفعال ، كما تساهم في الارتفاع بمستوى وعينا المتخيل حول الملائكة وعالم الجن ويوم القيامة ، من خلال استلهام النتائج العلمية لــ ( نظرية النسبية ) لأينشتاين حول نسبية الزمان واعوجاج الزمكان والتكافؤ بين الكتلة والطاقة ، والنتائج العلمية الباهرة لــ ( نظرية الأوتار الفائقة ) التي وحدت بين تصورات ميكانيا الكم والنظرية النسبية ، وقدمت الوصف العلمي للجسيمات الأولية باعتبارها أوتار مهتزة تتنوع وفقاً لدرجة اهتزازها الجسيمات الذرية التي هي أصل كل الموجودات في كوننا الشاسع الفسيح .
لهذا ينبغي مفارقة الفهم التراثي للكون والوجود لتأسسه على تصورات وفرضيات بدائية تجاوزها العلم الحديث والمعاصر ، والتسليم بضرورة نقل المعارف الدينية التي أفرزها هذا الفهم من كتب العلوم إلى مكانها المستحق في كتب تاريخ العلم ، وإلى موقعها الطبيعي في خانة الفكر الديني باعتبارها ليست امتداداً للدين .
ثانيا - المخرج :
بالطبع من السذاجة أن نعتقد بأن علماء الأزهر الشريف ستكون لديهم القدرة على أو حتى الرغبة في استيعاب هذا ( المدخل ) الذي قدمناه لعرض جوانب المشكلة العلمية التراثية التي يعاني منها الأزهر ، بما يجعلهم ينشغلون بمهمة البحث عن ( المخرج ) .
فثقافة المؤسسة التي يتجاوز عمرها الألف عام ، قد رسخت في عقول وقلوب الأزهريين بأن الأزهر الشريف هو الحافظ للدين وعلومه التي اكتسبت بمرور الزمن جلالاً ساهم في جعلها - ودون حرج - امتداداً لهذا الدين .
ولذلك فإن التعويل على قيام الأزهر الشريف كمؤسسة علمية بمراجعة علوم الدين لتنقيتها من العلوم الزائفة والمناهج المنقرضة هو أمر يدخل في باب المحال .
كما أن الجنوح نحو منطق هدم المعبد العتيق لبناء المعبد الجديد - في ظل المواجهة الضارية مع الإرهاب بارتباطاته الداخلية والإقليمية والدولية - هو أمر لا يتسع له جدول الأعمال .
وبالتالي ، مثلما هو من المحال الإصلاح من الداخل ، فإن الإصلاح من الخارج هو أمر بعيد المنال لأنه سيتم الترويج له باعتباره مؤامرة لهدم الدين تستدعي اشتعال الحرب بين الردة والإيمان .
وبالتالي : ما هو المخرج ؟؟؟
في تقديري ، فإن المخرج يتمثل في استلهام المنهج الآتي :
منهج الإصلاح من الخارج من خلال الاختراق من الداخل .
وهذا المنهج لن يتحقق إلا بتدخل تشريعي ، قد يبدو ليناً في مظهره ، ولكنه سيكون نافذاً في مخبره .
ويتضمن هذا التدخل التشريعي استحداث قسماً علمياً جديداً بكل الكليات والمعاهد المختصة بالعلوم الدينية التابعة للأزهر الشريف .
وهذا القسم سيحمل اسم : قسم الدراسات النقدية للتراث .
ويتولى هذا القسم المهام الآتية :
- إعداد تخصصات علمية نقدية لكافة العلوم الدينية التراثية .
- وصياغة هذه التخصصات في صورة مناهج دراسية يتم توزيعها على كافة المراحل الدراسية بكليات ومعاهد الأزهر الشريف لكي تترافق مع العلوم الدينية التراثية الأخرى .
- ويضاف إلى هذه المناهج مواد دراسية عامة ، تهتم بتقديم إطلالة بانورامية على النظريات والعلوم الحديثة في كافة مناحي المعرفة الإنسانية التي ترتبط بالعلوم الدينية أو تتماس معها .
وبالطبع لا ينبغي أن يتولى وضع المناهج الدراسية بهذا القسم المستحدث إلا لجنة علمية من خارج الأزهر الشريف ، تضم كوكبة من المفكرين والباحثين المتخصصين في قضايا نقد التراث الديني .
وفي تقديري ، فإن قسم الدراسات النقدية للتراث .. سيكون بمثابة الكيان الذي سيحتضن البذرة الأولى القادرة على نقل كروموسومات ( التجديد ) إلى تربة ( الخطاب الديني ) .
.. إن الربيع .. لا يعنيه أن يقتنع الخريف .. بتفتح الزهور .
ولهذا ، لا ينبغي أن ننشغل مرة أخرى بمطالبة الأزهر الشريف بالتنقيب في خزائن تراثه عن العلوم الزائفة والمناهج المنقرضة ، طالما أننا نعلم بأنه لن يراها إلا بعيون الأقدمين .. مجداً وفخاراً .
بل يجب أن نبادر بفتح نافذة أو شرفة لطلابه ؛ ليطلوا منها على العالم بغير عيون التراث العتيق السحيق .. فيعتاد وعيهم على الضوء .. فتتفتح القلوب .. وتسطع العقول .
وليعلم كل الأزهريين .. بأننا ما تطلعنا إلى ما نصبو إليه ، إلا خوفاً على الأزهر الشريف .
ليس خوفاً من أن يظل ( جامعة ) للعلوم الزائفة والمناهج المنقرضة .
ولكن فزعاً من أن يمسي ( متحفاً ) للعلوم الزائفة والمناهج المنقرضة .
*****
dr.mmahfouz64@gmail.com
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفالرائع في هذا المقال بعد استيفاءه لمعايير المقال العلمي المتخصص كونه سعى حثيثا كي يطرح الحلول للقضية موضوع المقال . ولكن التفاؤل الشديد في امكانية تطبيق الحل متمثلا في لجنة عليا من خارج الأزهر لتنقية التراث لهو الامر المفزع ذاته من وجهة نظر الأزهريين الذين ينظرون لانفسهم بنرجسية الحافظين للدين ! تحية للطرح والعمق والشمول والترتيب الرائع للأفكار والتسلسل المنطقي للمعالجة.
ردحذفتحياتي وامتناني واحترامي ومودتي دكتور حسام
حذف