يوسف ( ٧ + ٧ + ١ = ١٩ )
..........
مقدمة :
في البوست السابق الخاص بمدة لبث نوح عليه السلام في قومه ، أوضحنا بموجب أسانيد لغوية وإشارات رقمية بالنص القرآني ، أن هذه المدة كانت ٥٠ سنة فقط وليس ٩٥٠ سنة ، وفقا لمعطيات ( الدورة الميتونية ) التي تطل برأسها كلما ورد بالقرآن الكريم لفظ ( عام ) مصاحبا للفظ ( سنة ) في سياق واحد ، بحيث لا يشير لفظ ( عام ) حينئذ إلى العام القمري المساوي لـ ١٢ شهرا قمريا ، وإنما يشير إلى الدورة الميتونية التي تساوي ١٩ سنة شمسية أو ٢٣٥ شهرا قمريا .
ونظرا لأن سورة يوسف ، هي الموضع الآخر بالقرآن الكريم الذي ورد فيه لفظ سنة ولكن بصيغة الجمع ( سنين ) مصاحبا له لفظ ( عام ) في سياق واحد بالآيات من رقم ٤٧ إلى رقم ٤٩ ، فإن ذلك يستدعي التحليل اللغوي والرقمي لتلك الآيات ، لكشف مدى انطباق دلالات الدورة الميتونية على لفظ ( عام ) من عدمه .
أولا - التحليل اللغوي :
للوهلة الأولى يبدو أن إجمالي المدة الزمنية التي وردت بالآيات من رقم ٤٧ إلى رقم ٤٩ بسورة يوسف ، تساوي ١٥ سنة تقريبا ، باعتبارها حاصل جمع ٧ سنين + ٧ سنين + عام .
ولكن لفظ ( ثم ) الوارد بالآية رقم ٤٨ والآية رقم ٤٩ ، هو لفظ يشير لغويا إلى : التتابع المصاحب للتراخي في الزمن إما بفترة ( قصيرة ) أو فترة ( طويلة ) . بما يفيد أن ثمة فترات زمنية بينية تقطع التلاصق والاتصال بين السبع سنين الأولى ، والسبع الشداد التالية ، والعام المتمم الذي يغاث فيه الناس .
ولعل ما يشير إلى أن تلك الفترات الزمنية البينية ليست ( قصيرة ) هو العبارة القرآنية : ( ثم يأتي من بعد ذلك ) التي تفصل بين السبع سنين الأولى والسبع الشداد ، وتفصل بين السبع الشداد والعام الذي يغاث فيه الناس .
فتلك العبارة طويلة نسبيا ، ولو اقتصرت على كلمتين فقط ( ثم يأتي ) ، مع استبعاد عبارة ( من بعد ذلك ) ، فإن دلالة التتابع كانت ستظل قائمة يصاحبها تراخي في الزمن قصير الأمد ، مقارنة بالعبارة القرآنية ( ثم يأتي من بعد ذلك ) التي تفيد التتابع المصاحب للتراخي طويل الأمد زمنيا.
وبالتالي ، فإن التحليل اللغوي المبدئي يوضح بأن المدة الزمنية التي تتضمنها الآيات من رقم ٤٧ إلى رقم ٤٩ بسورة يوسف ، هي مدة ليست متصلة وإنما تتخللها فترات بينية طويلة الأمد زمنيا ، ومن ثم فإن تلك المدة ينبغي أن تزيد عن ١٥ سنة .
وبناء عليه ، فإنه يصبح من المنطقي البحث عن إشارات رقمية بسورة يوسف ، تؤكد أو تنفي أن لفظ ( عام ) الوارد مصاحبا للفظ ( سنين ) ، لا يشير إلى العام القمري المساوي لـ ١٢ شهرا قمريا ، وإنما يشير كما أثبتنا في قصة نوح إلى الدورة الميتونية التسع عشرية ، بحيث تصبح المدة التي تتضمنها الآيات من رقم ٤٧ إلى رقم ٤٩ تساوي ١٩ سنة .
ثانيا - التحليل الرقمي ( الإشارات الرقمية ) :
مثلما تضمنت قصة نوح بالقرآن الكريم إشارات رقمية متعددة تتعلق برقم ١٩ ، فإن سورة يوسف هي الأخرى تتضمن إشارات رقمية لافتة تدور حول ذات الرقم .
الإشارة الأولى :
وتتمثل في أن عدد الشخصيات الرئيسية التي تضمنتها قصة يوسف عليه السلام = ١٩ شخصية ، بيانها كالتالي :
إخوة يوسف ( ١١ ) + والدا يوسف ( ٢ ) + عزيز مصر وامرأته وشاهد من أهلها ( ٣ ) + صاحبا السجن(٢) + الملك ( ١ ) = ١٩ شخصية
.. وهكذا ، يظهر رقم ١٩ مرتبطا بعدد الشخصيات الرئيسية في سورة يوسف وقصته .
الإشارة الثانية :
وتتمثل في أن مجموع حروف اسم يوسف ، وأبيه يعقوب ، وجده إسحاق، وجده الأكبر إبراهيم عليهم جميعا السلام ، مجموع حروف هذه الأسماء(برسم حروف القرآن الكريم ) = ١٩ حرفا .
حيث قال تعالى في الآية رقم ٦ من سورة يوسف :
(( وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبرهيم وإسحق إن ربك عليم حكيم )) .
وقال تعالى في الآية رقم ٣٨ من سورة يوسف :
(( واتبعت ملة ءاباءي إبرهيم وإسحق ويعقوب .. )) .
وبجمع حروف اسم يوسف وأبيه وجديه ، كالتالي :
يوسف ( ٤ حروف ) + يعقوب ( ٥ حروف ) + إسحق ( ٤ حروف ) + إبرهيم ( ٦ حروف ) ، فإن المجموع يساوي = ١٩ حرفا
.. وهكذا ، يظهر رقم ١٩ للمرة الثانية بسورة يوسف مرتبطا باسم يوسف وأبيه وجديه .
الإشارة الثالثة :
وتتمثل في أن حاصل جمع أرقام الآيات ٤٧ و ٤٨ و ٤٩ الخاصة بتفسير يوسف لحلم الملك يساوي : ٤٧ + ٤٨ + ٤٩ = ١٤٤
وبإضافة رقم ١٤٤ لعدد حروف عبارة : ( سورة يوسف ) التي تساوي ٨ حروف ، فإن النتيجة تكون كالتالي : ١٤٤ + ٨ = ١٥٢
ونظرا لأن رقم ١٥٢ = ١٩ × ٨
.. فإن رقم ١٩ يظهر للمرة الثالثة مرتبطا بكل من : مجموع أرقام الآيات التي تتضمن تفسير يوسف عليه السلام لحلم الملك ، وعدد حروف عبارة : ( سورة يوسف ) .
الإشارة الرابعة :
وتتمثل في أن عبارة ( ثم يأتي من بعد ذلك ) ، والتي وردت بالآية رقم ٤٨ والآية رقم ٤٩ من سورة يوسف ، تلك العبارة تتكون من خمس كلمات ، وعدد حروف تلك الكلمات الخمس يساوي ١٤ حرفا ، أي أن عدد الكلمات ( ٥ ) + عدد حروف الكلمات ( ١٤ ) = ١٩
.. وهكذا ، يظهر رقم ١٩ للمرة الرابعة مرتبطا بقصة يوسف وتفسيره لحلم الملك .
.........
وبناء على ما سلف ..
فإن ارتباط رقم ١٩ بعدد شخصيات قصة يوسف عليه السلام . وارتباطه بمجموع عدد حروف اسم يوسف وأبيه يعقوب وجده إسحاق وجده الأكبر إبراهيم عليهم جميعا السلام.
وارتباطه بأرقام وبعض ألفاظ الآيات التي ورد فيها تفسير يوسف لحلم الملك .
هذا الارتباط المتكرر يؤكد مرة أخرى ، أن لفظ ( عام ) أينما ورد بالقران الكريم في سياق واحد مع لفظ ( سنة ) أو ( سنين ) ، فإنما يشير إلى الدورة الميتونية التسع عشرية .
ومن ثم ، يصبح المدى الزمني الذي تحقق خلاله حلم الملك هو١٩ سنة وليس١٥ سنة ، تخللتها فترات زمنية بينية متساوية ، أوضحتها عبارة ( ثم يأتي من بعد ذلك ) التي تكررت مرتين .
وهو ما يجعل مجموع الفترات الزمنية المتتابعة بالآيات لا يساوي ٣ فترات ( ٧ للزراعة + ٧ للجدب + عام الغيث ) ، وإنما هي ٥ فترات ( ٧ للزراعة + فترة زمنية بينية + ٧ للجدب + فترة زمنية بينية + فترة الغيث ) .
ونظرا لارتباط قصة يوسف عليه السلام برقم ١٩ .
ونظرا لأن مجموع عدد كلمات عبارة ( ثم يأتي من بعد ذلك ) وعدد حروف تلك الكلمات = ١٩
فإننا نميل إلى الترجيح بأن الفترة الزمنية البينية الأولى التي تتلو السبع سنوات الأولى = ١٩ شهرا ، وكذلك الفترة الزمنية البينية الثانية التي تتلو سنوات الجدب السبع = ١٩ شهرا .
بما يعني أن المخطط الزمني لتفسير حلم الملك كان كالتالي :
٧ سنوات للزراعة بدأب + ١٩ شهرا فترة زمنية بينية + ٧ سنوات جدب + ١٩ شهرا فترة زمنية بينية + ٢٢ شهرا تكتمل بها السنوات الـ ١٩ يغاث خلالها الناس بمطر غزير في مواسم الشتاء . ( انظر الجدول المرفق )
وهو ما يوضح بأن لفظ ( عام ) الوارد بالآية رقم ٤٩ ، لا يشير إلى العام القمري المساوي لـ ١٢ شهرا قمريا ، وإنما يشير لدورة تتكون من ١٩ سنة هي الدورة الميتونية ، ولذلك فإن عبارة : ( ثم يأتي من بعد ذلك عام .. ) ، تعني أن ( العام ) بسنواته الـ ١٩ يكتمل بالفترة الزمنية الأخيرة التي يغاث فيها الناس .
.........
- ملحوظة : الجدول المرفق يوضح المخطط الزمني لتفسير يوسف لحلم الملك ، ويبدأ هذا المخطط الزمني بشهر نوفمبر باعتباره شهر زراعة القمح بأرض مصر ، بينما شهر مايو هو شهر الحصاد .
...........
اللهم بارك لنا في قراءتنا لقرآنك الكريم ، وتدبرنا في آياته يارب العالمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق