د. محمد محفوظ يكتب : الرئيس .. بين الرحيل بلمس الأكتاف أو التهميش بالنقاط .. برنامج عمل ) ثو / سياسي (
اللي وقف يوم ٣/ ٧ مابيخافش
" السيسي "
لم يعد لدي أدنى شك في أن أولويات الرئيس ليست هي أولويات أغلب المصريين . وأن انحيازاته ليست كانحيازات معظم مثقفيها ومفكريها وصحفييها وإعلامييها وشبابها وثوارها . فالأزمات العبثية الهزلية التي تتوالى على رؤوسنا كالصواعق ؛ توضح بأن متخذ القرار منشغلا بأولويات وانحيازات أخرى ليس لها علاقة بما يرجوه أغلبنا من مسار .
كما لم يعد لدي أدنى شك في أن الرئيس ليس طيعا في نزع المُلك أو فتح مساحات للمعارضة ، مثلما هو طيعا في نزع الأرض بموجب اتفاقيات ترسيم الحدود .
ولذلك ، فكما تمسك غير المأسوف عليه محمد مرسي بحبال وخيوط الشرعية الزائفة التي ما دونها الدماء .
فسوف يتمسك السيسي باعتبار إنه ما " بيخافش " كما قال في خطابه بتاريخ ٥ مايو ٢٠١٦ بالفرافرة ، سوف يتمسك بسلاسل وجنازير حماية مؤسسات الدولة من الهدم جراء " المؤامرة الجهنمية " الداخلية الخارجية التي يقف وراءها " أهل الشر " .
وكما رفع أنصار مرسي بنادق الإرهاب وزرعوا متفجراته ودبروا اغتيالاته .
فسوف يتقدم أنصار السيسي من " أهل الخير " بالبلاغات لعقد محاكمات الاتهام بالعمالة والخيانة والتمويل ؛ بموجب القضية رقم ٢٥٠ والقضية رقم ٢٥٠ مكرر ؛ وهلم جرا ؛ ليتم الزج بالمعارضين داخل غياهب السجون بموجب قرارات الحبس الاحتياطي أو بالأحرى "الاعتقال القضائي" .
ولهذا .. لا يبدو رحيل الرئيس قبل نهاية فترته بلمس الأكتاف أمرا يكتسب الأفضلية في ميزان تحقيق أهداف الثورة المصرية . نظرا لما يمكن أن يؤدي إليه من شيطنة للتحركات الاحتجاجية ؛ وتفاقم للاستقطاب المجتمعي ؛ ورفع لدرجة حرارة الهستيريا الجماعية الحكومية والشعبية .
ومن هنا .. فإن السبيل الأولى بالاتباع هو التعويل على مباراة سياسية تتوالى أشواطها ؛ يكون المستهدف منها تحقيق أكبر قدر من النقاط لتهميش الرئيس سياسيا وخفوت نجمه شعبيا . بدلا من استنزاف الجهود في شوط واحد أملا في رحيله بلمس الأكتاف ، رغم أنه "مابيخافش" .
ولعل ذلك التهميش السياسي سيساهم في تحرير الطبقة السياسية المصرية من الدوران في فلك الرئيس باعتباره الفرعون شبه الإله . كما سيساهم أيضا في فتح الطريق لممارسة الصلاحيات السياسية الواسعة التي رسمها الدستور لكل من مجلس النواب ومجلس الوزراء قياسا بالصلاحيات الهامشية التي خصصها للرئيس لضمان عدم تركز السلطات في يده دون غيره . علاوة على أن خفوت النجم الشعبي سيضع الرئيس في موضعه الحقيقي باعتباره قائدا مرحليا ، وليس مصلحا اجتماعيا ، أو مخلصا سماويا ، أو " مابيخافش " .
ولكن السؤال : كيف يمكن إدارة هذه المباراة السياسية التي تتطلع لتهميش الرئيس بالنقاط وتستبعد رحيله بلمس الأكتاف ؟
في تقديري ، فإن تلك المباراة السياسية تحتاج إلى برنامج عمل ثو/سياسي ؛ أي ثوري / سياسي ، يسعى إلى صياغة منهج جديد للاحتجاج يساهم في فضح السياسات الفاشلة والإصلاحات الغائبة والأزمات العبثية المتوالية ، كما يسعى إلى التأكيد على إعداد البديل السياسي الحزبي المؤهل للتداول السلمي للسلطة .
ويتضمن هذا البرنامج عدد ٦ محاور تتمثل في الآتي :
أولا - الانتقال بالممارسات الاحتجاجية من الدائرة الثورية إلى الدائرة القضائية : بما يعني لف حبل قانون تنظيم التظاهر حول رقبة النظام بدلا من لفه حول رقبة النشطاء أو المعارضة . وذلك من خلال التنسيق مع كافة القوى الاحتجاجية المدنية الديمقراطية بشأن الالتزام بالخطوات القانونية التي حددها القانون للموافقة على الوقفات والمسيرات والتظاهرات . وإعداد إحصاءات دورية بعدد ما لم يحظ منها بموافقة الجهات الرسمية . ورفع الأمر للجهة القضائية المختصة للبت في مدي مشروعية قرارات عدم الموافقة . الأمر الذي سيمثل بمرور الوقت عنوانا قضائيا موثقا يوضح مدى عسف النظام تجاه الحقوق والحريات المقررة بالدستور ، ومدى عدم تقبله للاحتجاج أو المعارضة .
ثانيا - الانتقال بالممارسات الاحتجاجية من الدائرة الميدانية إلى الدائرة الإعلامية : بما يعني التمسك بالحق الوارد في المادة رقم ١٥ من قانون تنظيم التظاهر التي تنص على الآتي : يصدر المحافظ المختص قرارا بتحديد منطقة كافية داخل المحافظة تباح فيها الاجتماعات العامة أو المواكب أو التظاهرات السلمية للتعبير السلمي فيها عن الرأي دون التقيد بإخطار .
ولعل ذلك سيساهم في عدم قصر الاهتمام فقط على الميدان أو الشارع أو المنطقة التي سيتم في حرمها الاحتجاج ؛ قدر الاهتمام بدائرة الضوء الإعلامية التي ستتركز على المنطقة المخصصة باستمرار للتظاهر دون إخطار مسبق . الأمر الذي سيؤدي إلى التغطية الإعلامية للفاعليات الاحتجاجية بكل سهولة دون الجري في الشوارع خلف التظاهرات . ويضمن توفير حرم آمن يساهم في الدفع بفئات جديدة للتعبير عن احتجاجها أو غضبها أو معارضتها دون خوف من الملاحقة الأمنية . ويوفر ساحة مستديمة تتجاوز عائق رفض السلطات لمنح تراخيص لمعظم المظاهر الاحتجاجية .
ثالثا - الانتقال بالممارسات الاحتجاجية من الدائرة الشعبية الجماهيرية إلى الدائرة السياسية الحزبية : بما يعني مفارقة المقولة الساذجة التي تستحسن التأكيد علي تغييب وإخفاء الصفة الحزبية أو الهوية السياسية عند الاحتجاج على السياسات والإخفاقات والانتهاكات الحكومية الكارثية . والتحول نحو الإمعان في تجسيم الصفة الحزبية والهوية السياسية في الفاعليات الاحتجاجية باعتبار أن ذلك هو الذي سيقدم لجماهير الناخبين البديل السياسي المتطلع لتداول السلطة ، وليس مجرد الناشط الميداني المحرك للسخط الشعبي . علاوة على أن ذلك سيساعد على تكوين كوادر سياسية حزبية تكشف عن بدائلها وبرامجها في الشارع ووسط الجماهير ؛ وليس في الغرف والقاعات المغلقة داخل مقرات الأحزاب .
رابعا - حتمية الاندماج السياسي للأحزاب المتقاربة أيدلوجيا : بما يعني ضرورة التحلي بالمسئولية الوطنية ؛ وتقدير المرحلة المفصلية التي تمر بها مصر بعد ثورتين للانتقال من الدولة الاستبدادية البوليسية إلى الدولة المدنية الديمقراطية . الأمر الذي يستدعي ضرورة وحتمية الاندماج بين كافة الأحزاب المدنية مهما تمايزت توجهاتها الأيدلوجية بين اليمين واليسار والوسط . وتدشين صيغة اندماجية تذوب فيها تلك الأحزاب في كيان حزبي واحد ؛ مع الاتفاق علي فترة انتقالية يتم فيها تداول منصب رئاسة الحزب الموحد بين رؤساء الأحزاب المندمجة فيه .
وكما هو متعارف عليه في كل الدول الديمقراطية ، فإن الأحزاب الكبيرة تستوعب بداخلها أجنحة سياسية من اليمين مرورا بالوسط وصولا إلى اليسار . الأمر الذي سيفتح الطريق أمام حياة سياسية حقيقية وليست كرتونية ؛ يبدو فيها ذلك الكيان الحزبي الموحد كلاعب رئيسي في الساحة السياسية ؛ وبديل جاهز دائما لتولي مقاليد السلطة والحكم .
خامسا - الاستعداد المبكر لانتخابات المحليات وضمان عدم تكسير الأصوات : فالمعطيات السياسية تؤكد بأن إمكانية التغيير في منظومة السياسات الحكومية هو أمر بعيد المنال في مواجهة رئيس مابيخافش ، وحكومة بلا رؤية ، ومجلس نواب بلا عزيمة . ولذلك فإن النفاذ من أسفل السلم السياسي بدءا من المحليات بمجالسها المنتخبة ؛ قد يكون هو السبيل المتاح وأول الطريق للتغيير المتدرج ولكن المثابر المستمر .
ولعل الكيان الحزبي الموحد السابق الإشارة إليه لو تم تدشينه سريعا ؛ قد يكون بمثابة رمانة الميزان التي ستضمن عدم تكرار تجربة انتخابات مجلس النواب التي أدت إلى تكسير أصوات الناخببن بين مرشحين متقاربين أيدلوجيا ؛ بما أسفر عن أغلبية نيابية غير سياسية موالية للنظام ومداهنة للناخبين .
سادسا - التأكيد على إبراز المسئولية التقصيرية للرئيس دستوريا وسياسيا : فلم يعد مقبولا التمسك بالمقولة اللزجة الممجوجة المكررة التي مفادها أن الرئيس حلو وكل اللي حواليه وحشين . فواقع الحال يؤكد بأن المحيطين بالرئيس هم نتاج اختياراته ، واختياراته هي ترجمة لمنهجه في الحكم والإدارة . ومن ثم فهو المسئول الأول عن مواطن القصور وغياب الإصلاح وتردي الأوضاع .
وبالتالي ، فإن التأكيد على إبراز ذلك سيساهم في خفوت الهالة الشعبية التي أحاطت بالرئيس نتيجة خطابات عاطفية وممارسات استعراضية ؛ تتناقض في واقع الحال مع القرارات والسياسات الرئاسية التي تشير إلى عدم تبني بل ومخاصمة دفينة لكل أهداف الثورة المصرية على الفساد والاستبداد .
------
إن المثابرة على إحراز النقاط دون الانشغال بلمس الأكتاف ؛ ستؤدي - حتى لو تمكن الرئيس من الفوز بفترة رئاسة ثانية - إلى وضع نقطة في نهاية السطر للرؤساء القادمين من خلفية عسكرية . وتؤسس لسطر جديد في كتاب مسيرة الوطن ؛ عنوانه :
قيادة سياسية مدنية .
ومؤسسة عسكرية غير سياسية غير اقتصادية .
وعلاقات مدنية عسكرية تمتثل للمعايير الديمقراطية .
وسلطات تؤمن بأن الفصل فيما بينها هو جوهر الالتزام بالسيادة الشعبية .
ونظام سياسي جديد يضع النظام القديم في مكانه المستحق بالمقابر السياسية .
وأخيرا .. رئيس لا يجرؤ على التصريح للشعب بإنه " مابيخافش " .
*****
dr.mmahfouz64@gmail.com
اللي وقف يوم ٣/ ٧ مابيخافش
" السيسي "
لم يعد لدي أدنى شك في أن أولويات الرئيس ليست هي أولويات أغلب المصريين . وأن انحيازاته ليست كانحيازات معظم مثقفيها ومفكريها وصحفييها وإعلامييها وشبابها وثوارها . فالأزمات العبثية الهزلية التي تتوالى على رؤوسنا كالصواعق ؛ توضح بأن متخذ القرار منشغلا بأولويات وانحيازات أخرى ليس لها علاقة بما يرجوه أغلبنا من مسار .
كما لم يعد لدي أدنى شك في أن الرئيس ليس طيعا في نزع المُلك أو فتح مساحات للمعارضة ، مثلما هو طيعا في نزع الأرض بموجب اتفاقيات ترسيم الحدود .
ولذلك ، فكما تمسك غير المأسوف عليه محمد مرسي بحبال وخيوط الشرعية الزائفة التي ما دونها الدماء .
فسوف يتمسك السيسي باعتبار إنه ما " بيخافش " كما قال في خطابه بتاريخ ٥ مايو ٢٠١٦ بالفرافرة ، سوف يتمسك بسلاسل وجنازير حماية مؤسسات الدولة من الهدم جراء " المؤامرة الجهنمية " الداخلية الخارجية التي يقف وراءها " أهل الشر " .
وكما رفع أنصار مرسي بنادق الإرهاب وزرعوا متفجراته ودبروا اغتيالاته .
فسوف يتقدم أنصار السيسي من " أهل الخير " بالبلاغات لعقد محاكمات الاتهام بالعمالة والخيانة والتمويل ؛ بموجب القضية رقم ٢٥٠ والقضية رقم ٢٥٠ مكرر ؛ وهلم جرا ؛ ليتم الزج بالمعارضين داخل غياهب السجون بموجب قرارات الحبس الاحتياطي أو بالأحرى "الاعتقال القضائي" .
ولهذا .. لا يبدو رحيل الرئيس قبل نهاية فترته بلمس الأكتاف أمرا يكتسب الأفضلية في ميزان تحقيق أهداف الثورة المصرية . نظرا لما يمكن أن يؤدي إليه من شيطنة للتحركات الاحتجاجية ؛ وتفاقم للاستقطاب المجتمعي ؛ ورفع لدرجة حرارة الهستيريا الجماعية الحكومية والشعبية .
ومن هنا .. فإن السبيل الأولى بالاتباع هو التعويل على مباراة سياسية تتوالى أشواطها ؛ يكون المستهدف منها تحقيق أكبر قدر من النقاط لتهميش الرئيس سياسيا وخفوت نجمه شعبيا . بدلا من استنزاف الجهود في شوط واحد أملا في رحيله بلمس الأكتاف ، رغم أنه "مابيخافش" .
ولعل ذلك التهميش السياسي سيساهم في تحرير الطبقة السياسية المصرية من الدوران في فلك الرئيس باعتباره الفرعون شبه الإله . كما سيساهم أيضا في فتح الطريق لممارسة الصلاحيات السياسية الواسعة التي رسمها الدستور لكل من مجلس النواب ومجلس الوزراء قياسا بالصلاحيات الهامشية التي خصصها للرئيس لضمان عدم تركز السلطات في يده دون غيره . علاوة على أن خفوت النجم الشعبي سيضع الرئيس في موضعه الحقيقي باعتباره قائدا مرحليا ، وليس مصلحا اجتماعيا ، أو مخلصا سماويا ، أو " مابيخافش " .
ولكن السؤال : كيف يمكن إدارة هذه المباراة السياسية التي تتطلع لتهميش الرئيس بالنقاط وتستبعد رحيله بلمس الأكتاف ؟
في تقديري ، فإن تلك المباراة السياسية تحتاج إلى برنامج عمل ثو/سياسي ؛ أي ثوري / سياسي ، يسعى إلى صياغة منهج جديد للاحتجاج يساهم في فضح السياسات الفاشلة والإصلاحات الغائبة والأزمات العبثية المتوالية ، كما يسعى إلى التأكيد على إعداد البديل السياسي الحزبي المؤهل للتداول السلمي للسلطة .
ويتضمن هذا البرنامج عدد ٦ محاور تتمثل في الآتي :
أولا - الانتقال بالممارسات الاحتجاجية من الدائرة الثورية إلى الدائرة القضائية : بما يعني لف حبل قانون تنظيم التظاهر حول رقبة النظام بدلا من لفه حول رقبة النشطاء أو المعارضة . وذلك من خلال التنسيق مع كافة القوى الاحتجاجية المدنية الديمقراطية بشأن الالتزام بالخطوات القانونية التي حددها القانون للموافقة على الوقفات والمسيرات والتظاهرات . وإعداد إحصاءات دورية بعدد ما لم يحظ منها بموافقة الجهات الرسمية . ورفع الأمر للجهة القضائية المختصة للبت في مدي مشروعية قرارات عدم الموافقة . الأمر الذي سيمثل بمرور الوقت عنوانا قضائيا موثقا يوضح مدى عسف النظام تجاه الحقوق والحريات المقررة بالدستور ، ومدى عدم تقبله للاحتجاج أو المعارضة .
ثانيا - الانتقال بالممارسات الاحتجاجية من الدائرة الميدانية إلى الدائرة الإعلامية : بما يعني التمسك بالحق الوارد في المادة رقم ١٥ من قانون تنظيم التظاهر التي تنص على الآتي : يصدر المحافظ المختص قرارا بتحديد منطقة كافية داخل المحافظة تباح فيها الاجتماعات العامة أو المواكب أو التظاهرات السلمية للتعبير السلمي فيها عن الرأي دون التقيد بإخطار .
ولعل ذلك سيساهم في عدم قصر الاهتمام فقط على الميدان أو الشارع أو المنطقة التي سيتم في حرمها الاحتجاج ؛ قدر الاهتمام بدائرة الضوء الإعلامية التي ستتركز على المنطقة المخصصة باستمرار للتظاهر دون إخطار مسبق . الأمر الذي سيؤدي إلى التغطية الإعلامية للفاعليات الاحتجاجية بكل سهولة دون الجري في الشوارع خلف التظاهرات . ويضمن توفير حرم آمن يساهم في الدفع بفئات جديدة للتعبير عن احتجاجها أو غضبها أو معارضتها دون خوف من الملاحقة الأمنية . ويوفر ساحة مستديمة تتجاوز عائق رفض السلطات لمنح تراخيص لمعظم المظاهر الاحتجاجية .
ثالثا - الانتقال بالممارسات الاحتجاجية من الدائرة الشعبية الجماهيرية إلى الدائرة السياسية الحزبية : بما يعني مفارقة المقولة الساذجة التي تستحسن التأكيد علي تغييب وإخفاء الصفة الحزبية أو الهوية السياسية عند الاحتجاج على السياسات والإخفاقات والانتهاكات الحكومية الكارثية . والتحول نحو الإمعان في تجسيم الصفة الحزبية والهوية السياسية في الفاعليات الاحتجاجية باعتبار أن ذلك هو الذي سيقدم لجماهير الناخبين البديل السياسي المتطلع لتداول السلطة ، وليس مجرد الناشط الميداني المحرك للسخط الشعبي . علاوة على أن ذلك سيساعد على تكوين كوادر سياسية حزبية تكشف عن بدائلها وبرامجها في الشارع ووسط الجماهير ؛ وليس في الغرف والقاعات المغلقة داخل مقرات الأحزاب .
رابعا - حتمية الاندماج السياسي للأحزاب المتقاربة أيدلوجيا : بما يعني ضرورة التحلي بالمسئولية الوطنية ؛ وتقدير المرحلة المفصلية التي تمر بها مصر بعد ثورتين للانتقال من الدولة الاستبدادية البوليسية إلى الدولة المدنية الديمقراطية . الأمر الذي يستدعي ضرورة وحتمية الاندماج بين كافة الأحزاب المدنية مهما تمايزت توجهاتها الأيدلوجية بين اليمين واليسار والوسط . وتدشين صيغة اندماجية تذوب فيها تلك الأحزاب في كيان حزبي واحد ؛ مع الاتفاق علي فترة انتقالية يتم فيها تداول منصب رئاسة الحزب الموحد بين رؤساء الأحزاب المندمجة فيه .
وكما هو متعارف عليه في كل الدول الديمقراطية ، فإن الأحزاب الكبيرة تستوعب بداخلها أجنحة سياسية من اليمين مرورا بالوسط وصولا إلى اليسار . الأمر الذي سيفتح الطريق أمام حياة سياسية حقيقية وليست كرتونية ؛ يبدو فيها ذلك الكيان الحزبي الموحد كلاعب رئيسي في الساحة السياسية ؛ وبديل جاهز دائما لتولي مقاليد السلطة والحكم .
خامسا - الاستعداد المبكر لانتخابات المحليات وضمان عدم تكسير الأصوات : فالمعطيات السياسية تؤكد بأن إمكانية التغيير في منظومة السياسات الحكومية هو أمر بعيد المنال في مواجهة رئيس مابيخافش ، وحكومة بلا رؤية ، ومجلس نواب بلا عزيمة . ولذلك فإن النفاذ من أسفل السلم السياسي بدءا من المحليات بمجالسها المنتخبة ؛ قد يكون هو السبيل المتاح وأول الطريق للتغيير المتدرج ولكن المثابر المستمر .
ولعل الكيان الحزبي الموحد السابق الإشارة إليه لو تم تدشينه سريعا ؛ قد يكون بمثابة رمانة الميزان التي ستضمن عدم تكرار تجربة انتخابات مجلس النواب التي أدت إلى تكسير أصوات الناخببن بين مرشحين متقاربين أيدلوجيا ؛ بما أسفر عن أغلبية نيابية غير سياسية موالية للنظام ومداهنة للناخبين .
سادسا - التأكيد على إبراز المسئولية التقصيرية للرئيس دستوريا وسياسيا : فلم يعد مقبولا التمسك بالمقولة اللزجة الممجوجة المكررة التي مفادها أن الرئيس حلو وكل اللي حواليه وحشين . فواقع الحال يؤكد بأن المحيطين بالرئيس هم نتاج اختياراته ، واختياراته هي ترجمة لمنهجه في الحكم والإدارة . ومن ثم فهو المسئول الأول عن مواطن القصور وغياب الإصلاح وتردي الأوضاع .
وبالتالي ، فإن التأكيد على إبراز ذلك سيساهم في خفوت الهالة الشعبية التي أحاطت بالرئيس نتيجة خطابات عاطفية وممارسات استعراضية ؛ تتناقض في واقع الحال مع القرارات والسياسات الرئاسية التي تشير إلى عدم تبني بل ومخاصمة دفينة لكل أهداف الثورة المصرية على الفساد والاستبداد .
------
إن المثابرة على إحراز النقاط دون الانشغال بلمس الأكتاف ؛ ستؤدي - حتى لو تمكن الرئيس من الفوز بفترة رئاسة ثانية - إلى وضع نقطة في نهاية السطر للرؤساء القادمين من خلفية عسكرية . وتؤسس لسطر جديد في كتاب مسيرة الوطن ؛ عنوانه :
قيادة سياسية مدنية .
ومؤسسة عسكرية غير سياسية غير اقتصادية .
وعلاقات مدنية عسكرية تمتثل للمعايير الديمقراطية .
وسلطات تؤمن بأن الفصل فيما بينها هو جوهر الالتزام بالسيادة الشعبية .
ونظام سياسي جديد يضع النظام القديم في مكانه المستحق بالمقابر السياسية .
وأخيرا .. رئيس لا يجرؤ على التصريح للشعب بإنه " مابيخافش " .
*****
dr.mmahfouz64@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق