استدعاء الأشباح لمقاومة التغيير
دكتور / محمد محفوظ
نشر : نوفمبر 2008
( الهيمنة – الأطماع الخارجية –
السيطرة على ثروات الأمة – التبعية للخارج – التدخل الخارجى – الهجمة الاستعمارية –
الاستعمار الجديد – الإمبراطورية الأمريكية – الحرب على الإسلام والمسلمين –
تحقيق التفوق لدولة إسرائيل ..... إلخ ) .
هذه هى الأشباح الجديدة القديمة
التى تروج لها بدون كلل ثلاثة اتجاهات سياسية متباينة ومتعارضة ومتصادمة ومتقاتلة , و لكن العجيب
أنها تتضامن مع بعضها البعض فى استدعائها لهذه الأشباح , انطلاقا من اتفاقها جميعا
فى شيء واحد فقط هو : العداء للحرية والديمقراطية .
وهذه الاتجاهات هى
:
- أبواق
و أقلام وأتباع نظم الحكم القائمة فى المنطقة العربية .
- الأصوليون
الإسلاميون .
-
اليساريون ( القوميون العرب –
الناصريون ) .
وللأسف فان كراهية هذه
الاتجاهات للحرية والديمقراطية تؤكدها وقائع التاريخ ومجريات الحاضر , وهذه النتيجة تتأسس على مبدأ هام ينص على أن (
أفضل أسلوب للحكم على أى اتجاه سياسى يتمثل فى معاينة النتائج التى أسفرت عنها
سياسات هذا الاتجاه عندما تم تطبيقها على أرض الواقع ) .
وعند تطبيق هذا المبدأ على
حصيلة ممارسات هذه الاتجاهات الثلاثة عند توليها لمقاليد الحكم فى أى بلد , فإننا
سنجد بالفعل أن هذه الاتجاهات معادية للحرية ومناوئة للديمقراطية .
فالوقائع الراهنة والتاريخية
تؤكد بأن هذه الاتجاهات الثلاثة أذاقت الشعوب التى شاء لها حظها العاثر أن تقع تحت
قبضة حكمها الذل والمهانة والقهر والاستبداد , بالإضافة إلى تبديدها لثروات هذه الشعوب إما فى مغامرات عنترية غير
محسوبة لمعاداة القوى الكبرى , أو فى
تمكينها اللصوص والمرتزقة من نهب المال العام .
وإذا بدأنا بنظم الحكم الراهنة القائمة فى المنطقة
, فان الأمر لن يحتاج إلى كتابة أية كلمات لتوضيح النتائج التى ترتبت على استئثار
هذه النظم بالسلطة وتخريبها للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والتعليمية والعلمية
... إلخ . و ذلك لأن أرض الواقع المعاش تصرخ بما هو أبلغ من كل الكلمات
التى يمكن أن تعجز عن وصف هذا الواقع الكئيب المعادى للحرية والديمقراطية .
أما الاتجاه اليسارى ( القومى
أو الناصرى ) فان نظام ناصر 67 الذى أضاع فى 6 ساعات أراضى من 4 دول عربية , ونظام الأسد 73 الذى عجز فى ظل زلزال نصر أكتوبر عن تحرير رقعة محدودة من الأرض (
مرتفعات الجولان ) ولم يجرؤ على تنظيم أى مقاومة مسلحة بداخلها أو تسريب المقاتلين من حدوده إلى حدود
هذه الرقعة المحتلة , بينما يتغاضى عن ضبط الحدود مع العراق لتمكين عناصــــــر
الإرهاب من اختراقها لتخريب التجربة الديمقراطية الوليدة هناك . ونظام القذافى
الذى بدد الثروة البترولية الليبية فى مغامرات إرهابية ويسدد الآن أضعافها لدفع
تعويضات لضحايا هذه المغامرات . ونظام صدام الدموى الذى أحال العراق إلى معتقل
كبير يسكنه الخوف والطغيان والقتل الجماعى والتنكيل وابتزاز دول الجوار .... إن كافة هذه النظم القومية
المزعومة لا تمتلك أية إنجازات للحرية والديمقراطية على أرض الواقع المعاش , إلا
حرية الفوضى والدمار والاستبداد والقهر
والتصادم مع العالم أجمع من أجل شعارات رنانة صارخة يكذبها كل شئ على الأرض .
أما الاتجاه الأصولى
فنتائج حكمه بدءاً من الدولة الإسلامية القديمة ( الدولة الأموية – العباسية –
العثمانية ) وصولا الى حكم آيات الله فى إيران وحكم الإسلاميين فى السودان وحكم طالبان فى أفغانستان .. توضح بأن
الحياة فى ظل نظم الحكم الحالية أو نظم الحكم القومية هى بمثابة جنة سماوية قياسا
بجحيم التعصب الدينى وفتاوى الحاكمين بأمر الله التى لا تقبل الجدل أو الاستئناف
أو النقض , فاتهامات الكفر والزندقة والخروج على صحيح الدين وإجماع الأمة وولى الأمر , كلها اتهامات
نهائية تبيح القتل مباشرة , وكل ذلك تحت اسم الشريعة الغراء والحكم بما أنزل
الله .
وبالتالى .. ينبغى علينا فى ضوء النتائج التى يصرخ بها أرض
الواقع أو حقائق التاريخ , أن نرفض
كمواطنين نمتلك الوعى السياسى والحس الوطنى تسليم عقولنا للخديعة مرة أخرى , لكى
يتبول بداخلها المستبدون الطغاة أعداء الحرية والديمقراطية , فليس مكتوبا علينا
أن نظل فى غفلة مدى الحياة , وبالتالى نوفر الفرصة تلو الأخرى لأسوأ من فينا لكى
يستغفلوننا ويحكموننا
بالحديد والنار .
ينبغى علينا جميعا كمواطنين نعشق
الحرية , أن ننقل رسالة واضحة للمستبدين , بأن استدعاء أشباح التدخل الخارجى
المزعوم لم تعد تهز فينا
شــــــــــعرة , فى ظل حقائق التاريخ التى توضح لنا بأن الديمقراطية
اليابانية والألمانية نشأتا نتيجة التدخل الخارجى , ورغم ذلك أصبحت الدولتان من
أكبر القوى الاقتصادية فى العالم , ولم تنهب الإمبريالية المزعومة أو الاستعمار الوهمى ثرواتهم ولا يحزنون .
ولا تحدثوننا عن دعم أمريكا أو الغرب لنظم
حكمنا الاستبدادية فى الماضى القريب , لأننا نعلم أن ظروف الحرب الباردة فرضت على المعسكر
الغربى التعاون ولو مع الشيطان من أجل تدمير إمبراطورية الطغيان الســـــــــوفيتية
, وبالتالى فما تروجون له أصبح خدعة قديمة لن نشربها كما شربنا غيرها بالماضى .
أيها الدجالون .. تحضير الأشباح
والعفاريت لمقاومة وإجهاض التغيير لم يعد يخيل علينا أو يرهبنا أو يخدعنا . وإذا كان ( اللى بيخاف من العفريت بيـــــــــــطلع له ) , فإننا
نقول لكم بأن الشعوب العربية بلغت سن الرشد السياسى , وينبغى عليها كى يحترمها
العالم ألا تخاف من أشــــــــباحكم وعفاريتكم بعد اليوم .
*****
دكتور / محمد محفوظ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق