كمال الشاذلى
( المغزى من ؛ الذى له مغزى )
تاريخ النشر : 20 نوفمبر 2010
يوقظ الموت لدى الناس فضيلة
التدبر ؛ ومراجعة النفس ؛ وإعادة قراءة الأحداث بلغة الحكمة وليس المصلحة .
وربما تكون مسيرة ( كمال
الشاذلى ) ؛ ومرضه ورحلة علاجه ؛ ثم إشاعة وفاته ؛ وأخيراً خبر وفاته الحقيقية ،
ربما تكون كل تلك الأمور تحمل الكثير لمن يريد أن يتدبر .
وبالطبع لا تغيب مسيرة كمال
الشاذلى السياسية على أحد , ذلك أن 46
عاماً
فى السلطة ) الحزبية أو التشريعية أو التنفيذية ) ؛ لا يمكن أن تخفى على أحد .
فطول المدة ؛ وطول الرجل وعرضه ؛ ونفوذه وبأسه ؛ كلها مظاهر للقوة التى عاينها
المجتمع المصرى .
كما أن مرضه ورحلة علاجه
ليست بالأمر الجديد ؛ فالكل فى فريق السلطة أو من يواليها يتم علاجه بالطبع على
نفقة الدولة (
أقصد
على نفقة الشعب ) , بدءاً من شيخ الأزهر والبابا شنودة وانتهاءً
بالموالين من الفنانين والفنانات , فكل هؤلاء الأعلام ينالهم من هذا الحب جانب .
لكن الواقعتين اللتين لا
يمكن القفز عليهما فيما يتعلق بكمال الشاذلى ؛ هما شائعة وفاته ؛ ثم خبر وفاته
الحقيقية من بعدها .
فقد حملت شائعة وفاة كمال
الشاذلى الكثير من المفارقات , ليس فيما يتعلق بالإشاعة ذاتها ؛ ولكن ما يتعلق
بطريقة كمال الشاذلى فى التعامل معها . فلقد انتشرت إشاعة وفاة كمال الشاذلى بعد
عودته من رحلة العلاج ؛ وظهور صورته التى صدمت الناس ؛ لأنه بدا فيها كرجل آخر ؛
فقد طوله وعرضه ووزنه ؛ وشحب وجهه ؛ وارتعش صوته . ثم ما هى إلا أيام ثم بدأت
تتردد إشاعة وفاته ؛ فما كان منه إلا أن أصدر بياناً وقدم بلاغاً للنائب العام جاء
فيهما - وفقاً لما ورد بالموقع الإلكترونى لجريدة الأسبوع بتاريخ 10 نوفمبر 2010م
- التالى : ( دأب منذ أيام مرشح حزب الوفد محمد كامل بدائرة الباجور، علي بث
إشاعة كاذبة ومغرضة مفادها إننى انتقلت إلي رحمة الله تعالي، وكان ذلك بقصد
التأثير علي العملية الانتخابية، حيث أنه يئس من الحصول علي ثقة الجماهير فى دائرة
الباجور التي تربطنى بهم صله تاريخية متينة ) .
وأهم ما أثار انتباهى فى
هذا البيان ؛ بعيداً عن لغة المشاكسات السياسية ؛ هو العبارة التالية : ( إشاعة
كاذبة مفادها إننى انتقلت إلى رحمة الله ( . لقد صدمتنى هذه العبارة عند نشرها ، فمن الذى
ينفى إشاعة تقول إنه انتقل إلى رحمة الله تعالى . بالطبع يحق لأى فرد أن ينفى أى
إشاعة تفيد وفاته , ولكن أن يقول أى شخص إنه ينفى انتقاله لرحمة الله تعالى ؛ فان
ذلك يبدو شيئاً مثيراً للجزع والفزع .
وبالطبع تحمل هذه العبارة
بلاغة بائسة ، بلاغة تشبه بلاغة ( ترزية القوانين ) ؛ الذين صاغوا مئات النصوص
القانونية التى حكمت المحكمة الدستورية بمخالفتها للدستور , بلاغة تتبرأ من رحمة
الله تعالى !!!!!
أما وفاة كمال الشاذلى
الحقيقية , والتى جاءت بعد ( 6 ) أيام من بيان نفى الإشاعة ؛ فهى – الأخرى - تحمل
فى توقيتها الزمنى الكثير من عناصر الميلودراما .
فوفاة كمال الشاذلى حدثت
بعد إغلاق باب الترشيح لانتخابات مجلس الشعب ؛ وبالتالى خسرت عائلة الشاذلى مقعد
الباجور ، لأنه لا يمكن طبقاً لنص القانون إعادة فتح باب الترشيح لأحد نجليّ كمال
الشاذلى ؛ لشغل المقعد الذى احتفظ به والدهما طوال مدة عمله السياسى .
فمن الذى كان يمكن أن يتوقع
خسارة كمال الشاذلى لمقعد دائرة الباجور ،
رغم إنه أحد ( 3 ) مقاعد بمجلس الشعب يضمنهم الحزب الوطنى
بنسبة 100٪ ,
ثانيهما وثالثهما مقعدى الدكتورين زكريا عزمى وفتحى سرور . ولكن يبدو أن ملاك
الموت كانت له كلمة أخرى .
لهذا ؛ ربما يستعمل الرئيس
مبارك السلطة المخولة له بموجب المادة ( 87 ) من الدستور ؛ التى تجيز له تعيين عدد ( 10 ) أعضاء فى
مجلس الشعب ، ويقوم بتعيين أحد نجليّ الشاذلى كنوع من الترضية لأسرة وجماهير كمال الشاذلى
.
--------------------------------------
كثيرة - إذن - هى العبر
والإشارات ؛ التى يمكن الخروج بها من مسيرة الشاذلى ؛ ورحلة علاجه ؛ وإشاعة وفاته
؛ ووفاته الحقيقية .
وحيث تشتبك تلك الدلالات
والإشارات ؛ يقفز إلى الذهن المغزى تلو المغزى ؛ مِن الذى له مغزى . ولكن هل يحاول كل الناس فهم المغزى مما له مغزى
، أم أن الكثير من الأشياء التى لها مغزى تمر - عند البعض - بلا أدنى مغزى .
بسم الله الرحمن الرحيم
( ... والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون )
صدق الله العظيم ( سورة
يوسف - 21 )
دكتور / محمد
محفوظ
dr.mmahfouz64@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق