د. محمد محفوظ .. يكتب : مذبحة أسوان .. والبؤر القابلة للإشعال
تاريخ النشر : 8 إبريل 2014
هناك بؤر قابلة للإشعال فى الجسد
المصرى .. يلعب عليها المتربصون .
كانت أولى هذه البؤر هى ( سيناء ) ..
التى رأى فيها تنظيم الإخوان الإرهابى برميل بارود قابل للانفجار .. يمكن من خلاله
إما توريط الجيش المصرى فى مناوشات حدودية مزمنة مع إسرائيل ؛ أو توريطه فى حرب
عصابات مستعصية مع مجموعات إرهابية تكفيرية .
وكانت النتيجة المتوقعة من هذين
السيناريوهين لا تخرج عن أحد أمرين :
الأمر الأول ؛ أن يؤدى استنفار الجيش
المصرى على الحدود الاسرائيلية إلى انشغاله عن الجبهة الداخلية ؛ فتخلو الساحة لتنظيم
الاخوان لكى ينشر فى ربوع البلاد ميليشياته ويتحكم فى مفاصل الدولة ؛ فى ظل انشغال
القوة الوحيدة الغاشمة التى يمكن أن تهدد استمرار هذا التنظيم .
أما الأمر الثانى ؛ فهو أن تخرج مناطق
من سيناء من تحت سيطرة الجيش وتصبح مناطق تابعة لتنظيم الإخوان يمكن استخدامها كدويلة
أو دويلات بديلة يمكن اللجوء إليها فى حال تهديد وجود التنظيم أو إسقاطه ؛ على
غرار دويلة غزة المختطفة من تنظيم حماس الإخوانى الإرهابى .
ثانى هذه البؤر هى ( الفتنة الطائفية )
التى حاول تنظيم الإخوان إشعالها مراراًعلى مدى ثلاث سنوات من الثورة ؛ ولكنها
تجلت بقذارة ودناءة فى يوم فض اعتصامى رابعة والنهضة بتاريخ 14 أغسطس 2013م ؛ حيث
تم إشعال عشرات الكنائس والأديرة ؛ فى رغبة محمومة لخلق نزاع طائفى يؤدى إلى دق
طبول حرب أهلية طائفية ؛ تشق اصطفاف غالبية الشعب بمسلميه ومسيحييه خلف هدف واحد
هو إسقاط حكم تيار الإسلام السياسى لمصر ؛ الأمر الذى يستدعى التدخل الدولى لحماية
المصريين الأقباط ؛ ومن ثم حصر الدولة فى زاوية بما يجعلها تستجيب للضغوط الخارجية
التى تريد الحفاظ على مكان للإخوان فى الساحة السياسية .
ثالث هذه البؤر هى ( الفتنة القبلية
العرقية ) ؛ التى تم إشعالها مؤخرا فى أسوان ؛ لاستغلال وقود العصبية العرقية بين
القبائل العربية والقبائل النوبية ؛ واستثمار المظلومية النوبية التاريخية التى
بدأت إما مع التدفق الكثيف للقبائل العربية على الصعيد عقب الفتح الإسلامى لمصر
عام 641م ؛ وإما منذ عام 1899م عندما تم البدء فى بناء خزان أسوان وما سببه من
إغراق لبعض مناطق النوبة ؛ ثم تسبب بناء السد العالى فى الستينات فى إغراق ما تبقى
من هذه المناطق .
وبالتالى يمكن من خلال استفزاز هذه
المظلومية التاريخية ؛ صب النار على البنزين لتحضير عفريت الانفصال والانسلاخ عن
الدولة المصرية الذى يداعب خيال بعض الشخصيات النوبية المتطرفة ؛ فيتم الانضمام
مرحلياً للسودان ؛ ثم دق طبول حرب ونزاع عسكرى بين الدولتين المصرية والسودانية حول
مثلث حلايب وشلاتين ؛ وقد يمتد إلى أسوان بأكملها التى يراها بعض المتطرفين النوبيين
دولة النوبة المستقبلية . الأمر الذى يؤدى إلى إبعاد الجيش عن الجبهة الداخلية نتيجة
انشغاله بالمناوشات الحدودية ؛ ومن ثم إمكانية نشر الفوضى فى الداخل بما يفوق
قدرات جهازالشرطة ؛ أو على أقل تقدير تعطيل أى تنمية مستحقة نتيجة استنزاف الموارد
فى تدعيم الآلة العسكرية .
.... إذن ثمة بؤر قابلة للإشعال فى
الجسد المصرى ؛ وليست هذه الأفكار نابعة من أدبيات نظرية المؤامرة ؛ بل هى بمثابة
تحليل لنقاط الضعف والقوة فى بنية الدولة المصرية ؛ التى يعكف التنظيم الدولى للإخوان
المسلمين بالتعاون مع المخابرات التركية والقطرية ؛ وبعض مخابرات الدول الغربية ؛
على دراستها ورسم السيناريوهات لاستغلالها لإفشال الموجة الثورية التصحيحية لثورة
25 يناير فى 30 يونيو .
وبالطبع مازالت كل هذه السيناريوهات
تفشل واحداً بعد الآخر ؛ ولكن ( العيار اللى ما يصبش يدوش ) ؛ والدعم المالى غير
المحدود الذى يوفره التنظيم الدولى للعناصر المتربصة فى الداخل المصرى ؛ يجعل تلك
السيناريوهات قابلة للتجدد والإشعال .
لهذا .. ينبغى على الدولة المصرية التى
مازالت مرتبكة ومرتعشة ؛ أن تستفيق وتنتبه بسلطاتها التنفيذية والتشريعية
والقضائية . وتضع السيناريوهات الكفيلة بردم تلك البؤر لتصبح مجرد شرخ فى الماضى ؛
لا يمكنه التمدد فى الحاضر ؛ أو شق طريقه نحو المستقبل .
*****
دكتور
/ محمد محفوظ
dr.mmahfouz64@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق