08 أغسطس 2014

الإسكندرية تموت عطشاً ولا صوت للفاشلين

د. محمد محفوظ .. يكتب : الإسكندرية تموت عطشاً ولا صوت للفاشلين

تاريخ النشر : 5 يوينو 2014

ربنا لا تولى علينا من لا يخافك ولا يرحمنا
دعاء مأثور

لليوم الثانى على التوالى تموت الإسكندرية عطشاً .
العاصمة الثانية بملايينها الخمسة من السكان وزائريها من المصطافين والسياح ورجال الأعمال ؛ عادت إلى ما قبل عام 1860 م ؛ تاريخ توصيل مياه الشرب إلى أحياءها  ؛ وأصبحت بيوتها ومدارسها ومستشفياتها ومحلاتها وشركاتها ومصانعها ومساجدها وكنائسها وفنادقها والقنصليات الاجنبية بها ؛ أصبحت تحلم بقطرة الماء .
منذ عام تقريباً أو يزيد ؛ بدأت مشكلة انقطاع المياه فى الأحياء الراقية والمتوسطة بالإسكندرية ؛ حيث كان ضغط المياه ينخفض فى الساعات المتأخرة بعد منتصف الليل حتى تنقطع تماماً مع الفجر وحتى الساعات الأولى من الصباح . إلا أنه اعتباراً من 16 مايو 2014م ؛ انقطعت المياه لمدة يوم كامل ولم تعد بكامل ضغطها إلا بعد منتصف اليوم الثانى . ومنذ ذلك الوقت أصبح ضغط المياه ضعيفاً فى معظم الأوقات إن لم تنقطع المياه على فترات قصيرة ومتفاوتة ؛ إلى أن انقطعت المياه تماماً اعتباراً من يوم 4 يونيه 2014م وعادت قبل المغرب لمدة ساعة ؛ ثم انقطعت مرة أخرى ولم تعد إلا بضغط ضعيف فى الساعات الأولى من الصباح ؛ ثم انقطعت تماماً .
التفسير الفنى الذى تروجه الصفحه الرئيسيه للخط الساخن 125 لشركة مياه الشرب بالإسكندريه ؛ يتمثل فى انخفاض منسوب ترعة المحمودية التى تغذى محافظة الإسكندرية بمياه نهر النيل .
بينما التفسير الشعبى يشير إلى مؤامرة إخوانية لخفض منسوب ترعة المحمودية للتنغيص على حياة الناس وإفشال الرئيس عبد الفتاح السيسى .
ولكن سواء كان التفسير فنياً أم تآمريا ؛ فإنه يشير إلى فشل الحكومة فى مواجهة أى من الأمرين . ولكن لنترك الآن التفسير التآمرى لعدم وجود دليل عليه حتى حينه ؛ ولنتفحص التفسير الفنى . 
فالتفسير الفنى لانخفاض المنسوب يتمثل فى بدء موسم زراعة شتلات الأرز ؛ وكان وزير الرى قد أدلى بتصريحات صحفية منشورة بتاريخ 8 مايو 2014م ؛ مفادها : ( أن وزارة الموارد المائية والرى بدأت في تنفيذ برنامج الزيادة التدريجية من مياه النيل خلف السد العالي ؛ استعداداً لموسم زراعة شتلات الأرز ؛ وذلك بمعدل 5 ملايين متر مكعب يومياً .. و أن الزيادة ستتم تدريجياً خلال الفترة المقبلة وفقاً لحجم المساحات التى يتم « شتلها » على مستوى 10 محافظات تقرر فيها زراعة الأرز ؛ وذلك بالتنسيق مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي والمحافظات ؛ وأنه ستتم متابعة التنسيق بين كل الأجهزة المعنية لمتابعة مخالفات زراعات الأرز للتصدى الفورى لها ) .
انتهى كلام وزير الزراعة .. وهو مجرد كلام ؛ كالأشباح توسوس لنا ولا نراها ؛ فوزير الرى الهُمام رغم الفشل الذريع لأسلوب إدارته للموارد المائية فى مصر ؛ وفشله فى مفاوضات سد النهضة ؛ إلا أنه نجا بقدرة قادر من التعديل الوزارى لحكومة الببلاوى واستمر  فى حكومة محلب !!!!
أما محافظ الإسكندرية ؛ الذى تولى من قبل منصب المحافظ فى محافظة الوادى الجديد ومن قبلها فى محافظة البحر الأحمر ؛ فحدث ولا حرج عن تلال القمامة التى تملأ الإسكندرية بمناطقها الراقية قبل العشوائية ؛ وعن المبانى المخالفة التى ترتفع تحت سمع وبصر رؤساء الأحياء ومهندسى التنظيم . ولكن ما زاد فى عهد المحافظ الهُمام هو كارثة انخفاض منسوب المياه فى ترعة المحمودية .
أما عن رئيس شركة مياه الإسكندرية ؛ فلن أرهق أصابعى بأن أكتب عنه شيئاً ؛ فيكفى دعوات المواطنين المفتوحة لها أبواب السماء . ولو إننى أتساءل : كيف يواجه الرجل أقاربه وجيرانه وأسرته عندما يصارحونه بمعاناة الناس ؛ الذين هم منهم ؟!!!
وأثناء كتابتى لهذا المقال بتاريخ اليوم 5 يونيه 2014م ؛ فقد نشرت الصفحه الرئيسيه للخط الساخن 125 لشركة مياه الشرب بالإسكندريه على الفيس بوك هذا البوست بالحرف الواحد : ( الجهات التى تم إبلاغها بمشكلة انخفاض المنسوب منذ بداية حدوثه : الشركه القابضه لمياه الشرب والصرف الصحى ـ محافظة الإسكندرية ـ وزارة الرى والموارد المائيه .. و مازلنا فى انتظار أى تدخل لأجل تعديل الوضع ورفع منسوب المياه ) . انتهى بوست الصفحة .
إذن ؛ أنا لا أتجنى على وزير الرى أو محافظ الإسكندرية ؛ فالصفحة الرسمية على الفيس بوك لشركة مياه الإسكندرية ؛ تقول بأنها أخطرتهما بالمشكلة منذ البداية ... ولكن ؛ لا حياة لمن تنادى ؛ فإنك لا تُسمع الموتى ولا تُسمع الصُم الدعاء .
ولقد استبشرت خيراً عندما قرأت على نفس الصفحة على الفيس بوك تعليقاً لمواطن كتب فيه بالنص : ( أنا قدمت بلاغ رسمي ورفعت قضية ضد شركة مياه الشرب وإن شاء الله ماشي في إجراءات لحقوق الإنسان وممكن توصل دولية ياريت الناس المحترمة تنضم ليا ) .
إلا إننى تألمت أشد الألم عندما قرأت على نفس هذه الصفحة على الفيس بوك ؛ تعليقاً لشاب مازال فى الأيام الأولى لشهر العسل ؛ قال فيه بالحرف الواحد : ( نبوس رجليكو المياه جت السبت وقطعه من يوم الأحد مساءً إلى الآن في شهر العسل ) .
أدعو الله الواحد القهار العزيز المنتقم ؛ أن يذل كل من أذل هذا الشعب الصبور ؛ الذى قام بثورتين ؛ ورغم ذلك مازال يتبوأ عدد كبير من مقاعد السلطة بهذا البلد مجموعة من الفشلة عديمى الكفاءة ؛ الفقراء إلى الخيال والابتكار ؛ المتشبثون بالكراسى وكأنها ميراث عن عائلاتهم .
لماذا لم يستقل وزير الرى حتى الآن والملايين من أبناء مصر هبة النيل يملأون الجراكن والباستلات والحلل لتوفير احتياجاتهم لمواجهة انقطاع المياه ؟؟
ولماذا لم يستقل محافظ الاسكندرية حتى الآن ؛ والمدينة التى يحكمها تقع على شاطئ بحر عظيم تملأه المياه المالحة ؛ بينما يعجز هو عن الحفاظ على منسوب المياه فى ترعة صغيرة ؛ ياسيادة اللواء أركان حرب ؛ هل تريد لأهالى الإسكندرية الكرام أن يغتسلوا كل صباح ومساء فى البحر ؟!!! ولكن هل سيشربوا منه أيضاً ؟!!!!
ياناس ياهوووو .. ياخلق هوووو .. حد معاه منسوب زياده عن حاجته نرفع بيه منسوب ترعة المحمودية ؛ طالما لواء أركان حرب ؛ ودكتور فى علوم الرى ؛ ومهندس فى تنقية وتوصيل مياه الشرب ؛ عجزوا جميعاً عن رفع هذا المنسوب الواطى ابن الواطى .
*****

dr.mmahfouz64@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق