مسخرة : برلمان الثورة لا يملك حق إصدار قانون إلا بموافقة المجلس العسكرى
تاريخ النشر : 16 يناير 2012
بقلم
دكتور / محمد محفوظ
وكم
ذا بمصر من المضحكات .. ولكنه ضحك كالبكا
(
المتنبى )
عندما قالوا لنا لعنهم الله ؛ بأن مجلس
الشعب القادم اللى بيسموه ( برلمان الثورة ) لا يمكنه تشكيل الحكومة ؛ قلنا معلش
نصبر على حكومة الإنقاذ لغاية ما ترحل أو تجيلها ..... .
وعندما قالوا لنا قاتلهم الله ؛ بأن
مجلس الشعب القادم اللى بيدلعوه بـ ( البرطمان ) لا يمكنه سحب الثقة من حكومة الإنقاذ
؛ قلنا معلش ما إحنا ساحبين الثقة منها من قبل ما تتشكل ؛ وفاقدين الثقة فيها من
بعد أحداث شارع مجلس الوزراء ؛ وبالتالى ما فيش ثقة أساساً عشان نسحبها .
ولكن .. عندما أوضحت لأحد أصدقائى ؛
وهو شخص مهذب ومحترم وابن ناس ؛ عندما أوضحت له أن مجلس الشعب القادم اللى بيسموه
فى العلوم السياسية ( السلطة التشريعية ) ؛ لا يملك حق إصدار أى قانون يعترض عليه
المجلس العسكرى ؛ فإنه لم تخرج من لسانه كلمة معلش ؛ بل انفجر بكلمة نابية تشبه الكلمة
التى يقولها من تلسعه النار ؛ وخرج من زوره صوت أبيح يشبه صوت الشخير أثناء
النوم ..... .
وقاللى : بقى السلطة التشريعية ملهاش
حق إصدار أى قانون يعترض عليه المجلس العس عس عس كرى .. ليه يعنى بتاع إيه وعشان
إيه .. واستمر فى البرطمة واللعن والسب والشتم فى اللى بالى بالكم ؛ والدعا عليهم
واحد واحد ونفر نفر ...................
فأكدت له بأن ما أقوله ليست قفشة ؛ ولا
هزار بايخ .. لأنه بالفعل مجلس الشعب القادم يا ولاد الحلال ويا ولاد الحرام مالوش
حق إصدار أى قانون يعترض عليه العسكر .. لكن إزاى وبأمارة إيه .. خد عندك ..
ينص البند رقم 5 من المادة رقم 56
من الإعلان الدستورى ؛ على أن للمجلس
الأعلى للقوات المسلحة : حق إصدار القوانين أو ( الاعتراض ) عليها .
وهى ذات المادة رقم 112 فى دستور 71
الملغى والتى كانت تنص على أنه : لرئيس الجمهورية حق إصدار القوانين أو الاعتراض
عليها .
ولكن اعتراض رئيس الجمهورية على
القوانين فى دستور 71 كان مقيداً بقيد يجعل اعتراضه ليست له قيمة حقيقية فى مواجهة
برلمان قوى ؛ وذلك لأن المادة رقم 113 فى دستور 71 كانت تنص على الآتى :
إذا اعترض رئيس الجمهورية على مشروع
قانون أقره مجلس الشعب رده إليه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إبلاغ المجلس إياه،
فإذا لم يُرَد مشروع القانون في هذا الميعاد اعتبر قانونا وأصدر. وإذا رُدْ في
الميعاد المتقدم إلى المجلس وأقره ثانية بأغلبية ثلثي أعضائه أعتبر قانونا وأصدر.
يعنى دستور 71 كان بينص على إن لو رئيس
الجمهورية اعترض على قانون ؛ فقد كان من حق المجلس بأغلبية الثلثين حق إصدار هذا القانون
غصب عن رئيس الجمهورية .
والغريب أن هذا القيد الوارد فى دستور
71 لم يظهر فى الاعلان الدستورى ؛ بل اختفى بقدرة قادر ؛ وبالتالى أصبحت سلطة
الاعتراض على القوانين المخولة للمجلس العس عس كرى ؛ سلطة مطلقة غاشمة مستبدة غير
ديمقراطية ؛ لأن الإعلان الدستورى الذى هو أحد إنجازات المستشار طارق البشرى
وتلميذه النائب الإخوانى الحالى صبحى صالح ؛ هذا الإعلان خلا تماماً من النص على
أى إجراء يمكن أن يقوم به مجلس الشعب لو اعترض المجلس العسكرى على أى قانون ؛
وبالتالى للمجلس العسكرى سلطة الاعتراض على القوانين اللى ما تعجبوش أو اللى ضد
امتيازاته أو توجهاته ؛ وللبرلمان أن يموت غيظاً وكمداً !!!!
يعنى بالبلدى كده وبالمفتشر وعلى عينك
يا تاجر وعلى قفاك يا نائب ؛ أى قانون ما يوافقش عليه العسكر : بلوه واعصروه واشربوا
ميته ؛ لأن السلطة التنفيذية بتاعتهم ؛ والتشريعية فى قبضتهم ؛ والقضائية بالها
طوييييييل ويومها بسنة ومين عارف بكره مخبى إيه .
هذا هو إذن مجلس الشعب القادم أو برلمان
الثورة أو برلمان ما بعد الثورة أو البرطمان كما يسخر منه السلفيون . مجلس وبس لكن
مالوش علاقة بالشعب ؛ يعنى مصطبة ؛ أو مكلمة ؛ أو قبة لكن ما تحتهاش شيخ تحتها
دقون بس ؛ أو قاعة الناس تقعد تهرى وتونكت فيها شوية وبعدين مراويح . وأى قانون مش
على هوى العسكر مصيره أقرب كوم زبالة زى جثث الشهداء !!!!
وطبعاً حيرد عليا واحد ناصح ونبيه من
بتوع ( خربتوا البلد ) ويقول : وحضرتك يعنى زعلان ليه ؛ ما مجلس الشعب بعد 30
يونيو 2012 أكيد حيكون له حق إصدار القوانين حتى لو اعترض عليها رئيس الجمهورية
الجديد ؛ لأن أكيد الدستور الجديد حيبقى فيه مادة زى المادة 113 اللى كانت فى
دستور 71 ؛ وبالتالى إيه المشكلة إن مجلس الشعب يحاول يعمل توافق مع العسكر لغاية
30 يونيو ؛ وبعد كده يبقى يصدر أى قانون اعترض عليه المجلس العسكرى خلال الفترة
الانتقالية .
واسمحوا لى أرد على البيه الناصح وأقول
له : لأ طبعا ؛ المسألة مش بالبساطة دى ؛ واللى دخلوا كلية الشرطة زيى ؛ أو دخلوا
الكليات العسكرية زى اللى بالى بالكم ؛ عارفين إن العملية مش 5 شهور لغاية آخر
يونيو 2012 وخلاص ؛ لكن العملية إنه سيتم برمجة مجلس الشعب خلال الـ 5 شهور عشان يدخل
بيت الطاعة ؛ زى ما بيحصل خلال الـ 45 يوم فى الكليات العسكرية ؛ يمسكوا الطلبة
يمردوا بوزهم ويمسحوا بيهم الأرض ويفرَّغوا شخصيتهم بشكل مريع ؛ لغاية ما تتحول
شخصيتهم لزكيبة فاضية يمكن لأى سلطة إنها تحشيها بأى تعليمات حتى لو كانت مخالفة
للدستور والقانون ؛ فيتحول الطالب إلى منفذ آلى للتعليمات ويدين بالسمع والطاعة
والولاء لمن فى يده مقاليد الأمور حتى لو كان قرد بسلسلة .
وبالتالى سيتعلم مجلس الشعب خلال الـ 5
شهور القادمة ؛ نتيجة تجربته المريرة مع القوانين التى سيكون مصير معظمها صفيحة
الزبالة ؛ سيتعلم كيف يكون تابعاً للسادة الكبار الذين يملكون القوة الحقيقية ؛
قوة السلاح والعتاد والجند والذخيرة . وسيتعلم أن السلطة التشريعية المنقوصة سلطة
رمزية ولكن السلطة الحقيقية هى السلطة المادية القهرية التى تملكها وتوجهها السلطة
التنفيذية . وسيوقن بأن القوانين التى يصدرها ما هى إلا حبر على ورق ما لم ترغب فى
تنفيذها السلطة التنفيذية . وسيتمرس نتيجة سلب حقه فى سحب الثقة من الحكومة على
تنطع نوابه على مكاتب الوزراء لتوقيع الطلبات واقتناص العطايا وقبول الهبات ؛
وبالتالى سيفهم أعضاء السلطة التشريعية المشروطة بموافقة العسكر بأنه لا مجال
للصدام مع السادة الحقيقيين .
وهكذا سيخرج مجلس الشعب من الـ 5 شهور لكى
يصبح : المجلس الذى فقد ظله !!!!
فمن تربى فى حضن السلطة حتى لمدة 5
شهور فقط ؛ وذاق عسلها وحلب لبنها ؛ تتلبسه حالة دائمة من الحنين إليها والرغبة
الخفية فى الوصال معها ؛ ومن ثم تغيب كل كلمات النقد أو العتاب عندما يقف بين
يديها !!!!
ولهذا ستكون الأغنية الوطنية المفضلة
لدى معظم أعضاء مجلس الشعب : أوعى تكلمنى بابا جاى ورايا .. ياخد باله منى ويزعل
ويايا .. حاسب .. أوعى تكلمنى .. بابا جاى ورايا ..
وطبعاً عبارة إوعى تكلمنى ستكون موجهة
للشعب ؛ أما بابا فهو : المجلس العس عس كرى .
*******
دكتور / محمد محفوظ
dr.mmahfouz64@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق