08 أغسطس 2014

للمرة المليون .. أين قانون مكافحة الإرهاب ؟


د. محمد محفوظ .. يكتب : للمرة المليون .. أين قانون مكافحة الإرهاب ؟

تاريح النشر : 28 ديسمبر 2013

رغم أن القرار الذى أصدره مجلس الوزراء بتاريخ 25 ديسمبر 2013م ؛ بإعلان جماعة الإخوان جماعة إرهابية هو قرار طال انتظاره ؛ ويدخل فى نطاق القرارات الجريئة من الناحية السياسية . إلا أنه من الناحية القانونية بمثابة قرار بلا جدوى قانونية ؛ ويوضح المستوى الضحل للقدرات القانونية لحكومة ـ وياللعجب ـ بها طائفة من المحسوبين كرموز فى الحقل القانونى المصرى .
فالقرار الذى أصدرته الحكومة ؛ لا يغنى عن ضرورة صدور قانون لمكافحة الإرهاب ؛ إذ أن القرار بصيغته الطريفة قانونياً ؛ هو قرار محكوم عليه بالإلغاء أمام القضاء الإدارى بمجلس الدولة ؛ لأنه لا يستند إلى أى نص فى القانون المصرى .
ولنقرأ معاً القرار ....
(( ينص القرار حرفياً فى بنديه الأول والثانى على الآتى :
إعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وتنظيمها تنظيماً إرهابياً في مفهوم نص المادة 86 من قانون العقوبات بكل ما يترتب على ذلك من آثار أهمها :-
1. توقيع العقوبات المقررة قانوناً لجريمة الإرهاب على كل من يشترك في نشاط الجماعة أو التنظيم، أو يروج لها بالقول أو الكتابة أو بأي طريقة أخرى، وكل من يمول أنشطتها .
2. توقيع العقوبات المقررة قانوناً على من ينضم إلى الجماعة أو التنظيم واستمر عضواً في الجماعة أو التنظيم بعد صدور هذا البيان )) .
.. وللأسف ؛ فالرؤية القانونية التى تم بناء القرار عليها ؛ لا علاقة لها بعلم القانون ؛ للأسباب الآتية :
1ـ لا يوجد فى القانون المصرى أى نص قانونى يتيح للحكومة تصنيف أى منظمة بأنها إرهابية ؛ وإنما اكتفى القانون بتعريف الجريمة الإرهابية قى المادة رقم 86 من قانون العقوبات ؛ وأفرد لها العقوبات المناسبة . وبالتالى فقرار إعلان منظمة ما بأنها إرهابية هو أمر لا تتضمنه القوانين المصرية الحالية ؛ ومن ثم يصبح أمر إلغاء قرار مجلس الوزراء أمام أى محكمة بالقضاء الإدارى بمجلس الدولة هو أمر مرجح الحدوث . الأمر الذى يؤكد بأن قرار إعلان الجماعة كجماعة إرهابية هو مجرد حبر على ورق ولن يكون له أى أثر قانونى .
2ـ إن العقوبات التى يشير اليها كل من البند الأول والبند الثانى من قرار الحكومة ؛ هى عقوبات مقررة قانوناً فى المادة رقم 86 مكرر ؛ والمادة 86 مكرر أ ؛ والمادة 86 مكرر ب  ؛ وبالتالى ما الجديد الذى يضيفه قرار الحكومة ؛ فالمحاكم كانت ستحكم بتلك العقوبات سواء صدر قرار مجلس الوزراء أم لم يصدر ؛ لأن هذه العقوبات التى نص عليها ذلك القرار هى موجودة أصلا فى قانون العقوبات ؛ وكل من يرتكب الجرائم المرتبطة بها سينال العقوبة المنصوص عليها بالقانون سواء أكانت جماعة الإخوان إرهابية أم ملائكية .
وبالتالى نحن أمام إجراء عبثى ؛ لا جدوى منه ولا طائل ؛ ولن يضيف جديداً ؛ بل هو مجرد خبطة سياسية تعوض بها الحكومة خطواتها المرتعشة والمرتبكة فى التعامل مع الجماعة . ففضلاً عن اعتصامى رابعة والنهضة اللذين تم تركهما لمدة 48 يوماً دون حصار يمنع تسريب الأسلحة والمواد البترولية ومواد البناء إليهما حتى تفاقمت خطورتهما ؛ الأمر الذى زاد من معدلات الخسائر البشرية أثناء فضهما سواء من قوات الشرطة أو من المعتصمين .
فإن الحكومة تراخت أيضاً فى التعامل بقوة واحترافية مع التظاهرات فى الجامعات ؛ ولا يوجد أى خطة علمية مدروسة لمواجهتها ؛ مما يؤدى الى تفاقم الوضع الأمنى المتردى داخل عدد من الجامعات وبالأخص جامعة الازهر ومدينتها الجامعية ؛ فى ظل بوابات لا توجد عليها رقابة إلكترونية لهويات المترددين على الجامعة من الطلاب أو الزوار ؛ وفى ظل انعدام أو صورية التفتيش الإلكترونى على السيارات والحقائب لضمان عدم تسريب أسلحة نارية أو بيضاء.
وهاهى الحكومة التى ناضلت من أجل قانون التظاهر الجديد ؛ رغم أنه كان يوجد لديها قانون قائم لم تنفذه ؛ هاهى لا تستطيع تنفيذ الضوابط التى نص عليها هذا القانون الجديد فى مواجهة استخفاف الإخوان ومناصريهم به .
ولا أحد يعلم ؛ لماذا كانت يد الحكومة مطلوقة فى إصدار قانون التظاهر ؟ بينما يدها مربوطة فى إصدار قانون مكافحة الإرهاب !!
وكيف وافق الببلاوى الذى سبق أن صرح بأنه لا يوجد فى القانون المصرى ما يتيح له تصنيف منظمة ما بأنها إرهابية ؛ كيف وافق على صدور هذا القرار ؛ قبل أن يتم إصدار قانون لمكافحة الإرهاب يعطى الحكومة رخصة لتصنيف المنظمات الإرهابية .
علماً بأن الببلاوى نفسه ؛ كان قد صرح فى غضون شهر أكتوبر 2013م بأنه تم الانتهاء من إعداد قانون لمكافحة الإرهاب جارى اصداره قبل انتهاء حالة الطوارئ فى 14 نوفمبر 2013م ؛ ولكن مرت الأيام ولم يصدر إلا قانون التظاهر !!!!
لماذا يد الحكومة مربوطة فيما يتعلق بقانون الإرهاب ؟ وخصوصاً بعد أن ألغت المحكمة الدستورية العليا بحكمها فى 2 يونيو 2013م سلطة أجهزة الأمن فى الاعتقال مطلقاً ؛ كما ألغت سلطتى القبض والتفتيش دون التقيد بضوابط قانون الإجراءات الجنائية . الأمر الذى يضع أجهزة الأمن فى مأزق ؛ فكيف يمكنها مواجهة مجموعات إرهابية تعتنق عقيدة انتحارية بدون أن يوجد قانون يوفر لها إجراءات استثنائية تتيح لها القدرة على اتخاذ تدابير احترازية لمنع الجرائم الإرهابية قبل وقوعها . لاسيما وأن هذا الأمر معمول به فى كل الدول الديمقراطية ؛ حيث تملك أمريكا وروسيا والدول الاوربية وعدد كبير من دول العالم قوانين لمكافحة الإرهاب تتيح لأجهزة الأمن سلطات استثنائية خارج الإطار العادى لقوانين الإجراءات الجنائية .   
إذن للمرة المليون ؛ نحن فى حاجة إلى قانون لمكافحة الإرهاب ؛ يعطى أجهزة الأمن القدرة على اتخاذ تدابير احترازية فى مجالات الاعتقال والمراقبة والتنصت والتفتيش دون التقيد بضوابط قانون الإجراءات الجنائية فى مواجهة الجرائم الارهابية . كما ينظم هذا القانون كيفية إعلان الدولة لقوائم بالمنظمات الإرهابية والمنظمات والدول والشخصيات الراعية للإرهاب . وبحيث ينص ذلك القانون على منع كل المشتبه فيهم بالتورط فى الإرهاب من مباشرة الحقوق السياسية .
لقد تمكنت الولايات المتحدة الامريكية وهى دولة عملاقة من حيث المساحة واتساع نطاق المصالح المستهدفة لها على مستوى الداخل والخارج ؛ من التصدى بقوة للمخاطر الإرهابية المحتملة عقب أحداث 11 سبتمبر 2001م ؛ نتيجة إصدار الكونجرس لقانون باتريوت لمكافحة الإرهاب ؛ ونتيجة إفتتاح معتقل أو معسكر احتجاز جوانتانامو ؛ ونتيجة الصلاحية التى يوفرها القانون لوزارة الخارجية فى إدراج المنظمات والدول والأفراد المشتبه فى علاقتهم بالإرهاب على قوائم المنظمات الارهابية أو الراعية للإرهاب لمدة سنتين قابلتين للتجديد ؛ على أن يقوم الكونجرس بمراجعة المبررات التى استندت لها الوزارة فى ذلك ؛ كما تقوم المحاكم بالرقابة القضائية على تلك القرارات لإلغائها أو إقرار نفاذها .
.. لا تنجح الدول فى مواجهة الارهاب بقرارت عشوائية ؛ وانما بقرارات قوية ومدروسة ؛ لكى تصيب الهدف فى الصميم . والتردد والتلكؤ فى مواجهة الارهاب أمر باهظ التكلفة فى مجال الأرواح والأموال والاستقرار ؛ ويعطى رسالة خاطئة للجماعات الإرهابية بأنها يمكنها إسقاط الدولة طالما يحكمها مجموعة من الفاشلين المرتعشين .
عدم صدور قانون لمكافحة الإرهاب ؛ ينذر بكارثة قد نرى أصداء تفجيراتها فى أحد المناطق السياحية أو التجارية أو أحد السفارات أو المطارات او الموانىء .
ولذلك ؛ نقولها للمرة المليون ؛ أين قانون مكافحة الارهاب ؟!!!!!!!!!!!

دكتور / محمد محفوظ

dr.mmahfouz64@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق