د. محمد محفوظ .. يكتب دراسة عن : الأمن
المصري في عام .. ما بين أسئلة الثورة وإجاباتها ( * )
تاريخ النشر : 9 مارس 2014
مقدمة :
يبدو عام 2013م عاماً مثالياً لرصد التطورات فى قطاع الأمن فى
مصر ؛ من حيث : السياسات ؛ والتشريعات ؛ وإعادة تعريف العلاقات بين القوى الفاعلة
والمجتمع .
فالنصف الأول من العام ؛ يمثل حكم جماعة الإخوان فى البلد الأم
الذى نشأت فيه دعوة هذه الجماعة . والنصف الثانى من ذات العام يمثل سقوط حكم
الإخوان وانتقال السلطة عقب ثورة شعبية إلى التيار المدنى بمساعدة القوات المسلحة
المصرية .
وما بين النصف الأول من العام ونصفه الثانى ؛ يمكن رصد ومقارنة
الأحداث والتحولات بتشابكاتها وتفاعلاتها المتعددة .
ولكن بالطبع ؛ لا يمكن رصد تلك الفترة الزمنية بمعزل عن الشهور
السابقة لها المرتبطة بها ؛ والتى بحكم طبيعة الفترة تبدأ من 30 يونيو 2012م إبان
تولى جماعة الإخوان لمقعد رئاسة الجمهورية فى مصر .
كما لا يمكن رصد كل هذا المشهد إلا من خلال ربطه بكافة التحولات
التى طرأت على الساحة المصرية ؛ بدءً من تاريخ اندلاع الثورة المصرية فى 25 يناير
2011م .
وفيما يلى عرض للتطورات فى قطاع الأمن المصرى خلال عام 2013م
وما قبلها ؛ من حيث السياسات والتشريعات وإعادة تعريف العلاقات بين القوى الفاعلة
والمجتمع ؛ بالإضافة إلى استعراض المعوقات التى تقف على طريق إصلاح هذا القطاع
ودفع عجلة التطور فى أجهزته المتعددة .
أولاً : السياسات والتشريعات :
1ـ السياسات والتشريعات خلال الفترة الزمنية قبل عام 2013 م :
برصد الفترة الزمنية التى تبدأ منذ قيام ثورة 25 وحتى بداية عام
2013م ؛ يمكن ملاحظة عدد من التطورات المعدودة والمحدودة فى قطاع الأمن المصرى
بمكوناته الخمسة التى تتمثل فى : وزارة الداخلية ـ المخابرات العامة ـ الرقابة
الإدارية ـ الجهاز المركزى للمحاسبات ـ جهاز الكسب غير المشروع . ولقد حدثت تلك
التطورات داخل سياق مضطرب توالى عليه عدد 4 رؤساء وزارة ؛ وعدد 4 وزراء للداخلية ؛
ورؤساء جدد لكل من المخابرات العامة والرقابة الإدارية والكسب غير المشروع . كما
توزعت السلطة التشريعية خلال هذا السياق ؛ لتبقى لمدة عام تقريباً فى يد المجلس
الأعلى للقوات المسلحة ؛ ثم تنتقل لأقل من نصف عام تقريباً فى يد مجلس الشعب الذى
سيطرت عليه الأكثرية الإخوانية وحلفاءها من تيار الإسلام السياسى ؛ لتنتقل مرة
أخرى لتبقى لعدد من الشهور فى يد الرئيس محمد مرسى . هذا بينما استمر زمام السلطة
التنفيذية لمدة عام ونصف فى يد المجلس الأعلى للقوات المسلحة ؛ إلى أن انتقل فى 30
يونيو 2012م إلى رئيس الجمهورية .
إلا أن اللافت للنظر ؛ أن التطورات التى مست قطاع الأمن المصرى
خلال تلك الفترة على مستوى السياسات والتشريعات تنسب إلى المجلس الأعلى للقوات
المسلحة ؛ بينما تخاذلت السلطة التشريعية المحسوبة على تيار الإسلام السياسى عن
إجراء أى تدخلات تشريعية فى هذا المجال ؛ فى حين اكتفى الرئيس المنتمى لنفس التيار
بتغيير القيادات لضمان الولاء للنظام الجديد دون أى تغيير فى السياسات . وحتى
دستور 2012م والذى كان يمكن اعتباره نصاً تشريعياً تأسيسياً يمكن التعويل عليه
لقيادة عملية إصلاح القطاع الأمنى ؛ فإنه لم يتضمن أى نصوص قاطعة واضحة تحرض على
هذا الإصلاح أو تشير إليه ولو من بعيد .
ولقد تمثلت التطورات فى قطاع الأمن المصرى خلال هذه الفترة
الزمنية فى الآتى :
أ ـ الغاء قطاع مباحث أمن الدولة وانشاء قطاع الأمن الوطنى ( 1 ) :
فقد أصدر منصور عيسوى وزير الداخلية بتاريخ 15 مارس 2011م القرار رقم 445 ( سرى ) لسنة 2011م؛ بشأن إنشاء
قطاع الأمن الوطنى وإلغاء قطاع مباحث أمن الدولة ( 2 ) . ورغم أن هذا القرار قد
يبدو من الناحية الشكلية باعتباره نقلة نوعية ؛ وخطوة على طريق الإصلاح داخل وزارة
الداخلية ؛ إلا أن دراسته بموضوعية توضح بأنه لا يخرج عن كونه مجرد تغيير للاسم
دون المساس بالمسمى ؛ وذلك لعدم صدور قانون يوضح ضوابط عمل ذلك الجهاز وطرق مراقبة
أداؤه ؛ بالإضافة إلى أن معظم الجرائم التى مازال يكافحها هذا الجهاز تندرج ضمن
الباب الثانى من الكتاب الثانى من قانون العقوبات
المتعلق بـ "الجنايات والجنح المضرة بالحكومة من جهة الداخل" ،
وتشتمل النصوص القانونية فى ذلك الباب على قدر كبير من الصياغات المطاطة والمصطلحات
التجريمية المبهمة التى تؤدى إلى تكريس إطار عقابى واسع ، يسمح بخلق مناخ من
الترويع ، والتعسف فى استخدام القانون وتأويله .
ب ـ نزع الاختصاصات الانتخابية لوزارة الداخلية وقصرها فقط على
أعمال التأمين :
حيث نصت المادة رقم ( 39 ) من الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ
30 مارس 2011م ؛ على تكليف اللجنة العليا للانتخابات بسلطة الإشراف على مجمل
مجريات العملية الانتخابية بدءً من القيد بجداول الناخبين وحتى إعلان النتيجة .
وبتاريخ 20 مايو 2011 م ؛ تم ترجمة النص الدستورى بإصدار القانون رقم ( 46 ) لسنة
2011م بتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956م ؛ الذى قصر علاقة
وزارة الداخلية بالعملية الانتخابية على القيام بأعمال التأمين فقط ؛ وتكليف
اللجنة العليا للانتخابات بالإشراف على كل مراحل الانتخابات والاستفتاءات .
ج ـ إصدار مدونة قواعد سلوك وأخلاقيات العمل الشرطى ( 3 ) :
اعلنت وزارة الداخلية بتاريخ 22 أكتوبر 2011م ؛ عن إصدار مدونة
قواعد سلوك وأخلاقيات العمل الشرطى . والمتفحص للوثيقة يلاحظ ما يغلب عليها من
الشعارات والعبارات الإنشائية ؛ إلا أن اللافت للنظر هو المنصوص عليه فى بندها
الرابع من أنه : " يلتزم كافة أعضاء هيئة الشرطة بقواعد الضبط والربط العسكرى
المنصوص عليها فى قانون الشرطة " . والواقع أن قانون الشرطة يخلو تماماً من
أى عبارت تشير إلى أى قواعد للضبط والربط العسكرى ؛ الأمر الذى يوضح بأن مدونة
قواعد سلوك وأخلاقيات العمل الشرطى هى أول من ينتهك السلوك القويم عندما تخالف هى
ذاتها قانون الشرطة ؛ وتضفى طابعاً عسكرياً على ضباط وأفراد الشرطة رغم انتمائهم
لهيئة مدنية . فضلاً عن أن صدور المدونة من الوزارة باعتبارها جهة تابعة للسلطة
التنفيذية ؛ يقضى على أى قيمة لها ؛ أذ أن المدونات السلوكية أو المواثيق
الاخلاقية لا تخرج ولا تصاغ ولا تعلن من داخل دوائر السلطة ؛ وإنما من داخل
التنظيمات الذاتية للمهن التى تمثلها .
د ـ انهاء فرض حالة الطوارئ :
بتاريخ 31 مايو 2012م تم انهاء حالة الطوارئ ؛ على خلفية القرار
الجمهورى رقم 126 لسنة 2010م ، الذى كان ينص فى مادته الأولى على مد حالة الطوارئ
لمدة عامين اعتباراً من أول يونيو 2010م وحتى 31 مايو 2012م ؛ لتبدأ منذ ذلك
التاريخ مرحلة غير مسبوقة يعود فيها قطاع الأمن المصرى للعمل فى ظل ضوابط قانون
الإجراءات الجنائية ؛ بعيداً عن الإجراءات الاستثنائية التى كانت ترتبها حالة
إعلان الطوارئ المستمرة .
هـ ـ تعديل قانون الشرطة :
بتاريخ 20 يونيو 2012م ؛ قام المجلس العسكرى عقب انتقال السلطة
التشريعية إليه ؛ بعد حكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب بتاريخ 14
يوينو 2012م ؛ بإصدار القرار بقانون رقم ( 25 ) لسنة 2012م بتعديل بعض أحكام قانون الشرطة ( 4 ) .
وتضمنت التعديلات استحداث رتبة جديدة تتيح لأمناء الشرطة بعد
الوصول لرتبة أمين شرطة ممتاز الترقى إلى رتبة ( ضابط شرف ) . كما تضمنت إلغاء
المحاكمات العسكرية التى كان يخضع لها أفراد الشرطة فى كل ما يتعلق بأعمال وظائفهم
واستبدالها بالمحاكمات التأديبية ؛ واعتماد جدول جديد لرفع مرتبات ضباط وأفراد
الشرطة ؛ بالإضافة إلى إلغاء النص الذى كان يجعل من رئيس الجمهورية الرئيس الأعلى
لهيئة الشرطة ( 5 ) .
ورغم أن تلك التعديلات اهتمت بتحسين الأحوال الوظيفية لضباط
وأفراد الشرطة ؛ والتى هى أحد أركان أى عملية جادة لإعادة تنظيم وهيكلة وزارة
الداخلية ؛ إلا أن تعديل قانون الشرطة ليلبى فقط جانب الحقوق الوظيفية مع تجاهل
كافة الأركان الأخرى التى تتطلبها الهيكلة الشاملة ؛ يؤدى إلى النظر لتلك
التعديلات باعتبارها كانت مجرد امتيازات موجهة لضباط وأفراد الشرطة من أجل تجديد
وتأكيد ولاءهم للنظام .
و ـ الضبطية القضائية لأعضاء الجهاز المركزى للمحاسبات :
بتاريخ 10 أكتوبر 2012م ؛ صدر قرار وزير العدل رقم 8937 لسنة
2012م ؛ بتخويل الأعضاء الفنيين بالجهاز المركزى للمحاسبات صفة مأمورى الضبط القضائى بالنسبة للمستندات التى يقومون بفحصها
أو الموجودات التى يتولون جردها ؛ وكذلك القبض على المتهمين فى أحوال التلبس بأى
من الجرائم التى تمثل مقاومة للحكام أو التعدى عليهم بالسب ؛ متى وقعت هذه الجرائم
فى دائرة اختصاصهم وأثناء قيامهم بأعمال وظائفهم وبسببها .
ز ـ صدور دستور 2012م ( 6 ) :
بتاريخ 26 ديسمبر 2012م صدر دستور 2012م ؛ الذى لم يتضمن بين
مواده ؛ أى نصوص يمكن أن تحقق نقلة نوعية على طريق التطور فى قطاع الأمن المصرى .
فباستثناء النص فى المادة رقم ( 204 ) على إنشاء مفوضية وطنية لمكافحة الفساد ( لم
تخرج إلى النور طوال 6 شهور بعد صدور الدستور ) ؛ وتخصيص مادة شرفية برقم ( 205 )
للجهاز المركزى للمحاسبات . والنص فى المادة رقم ( 202 ) على ضرورة موافقة مجلس
الشورى على تعيينات الرئيس لرؤساء الهيئات الرقابية وعدم جواز عزلهم الا بموافقة
أغلبية أعضاء المجلس ؛ إلا أن واقع المناخ السياسى الذى كان يخلط بين التنظيم
السرى والدولة ؛ ولا يأبه بمبدأ الفصل بين السلطات ترتيباً على أغلبية نيابية ترضخ
لمبدأ السمع والطاعة ؛ هذا الواقع كان يجعل من تلك النصوص مجرد حبر على ورق لا
مجال لتنفيذها على أرض الواقع .
وهذا ا أكدته باقى مواد الدستور مثل المادة رقم ( 199 ) الخاصة
بالشرطة ؛ والتى لم تتضمن أى نصوص تلبى أهداف الثورة التى اندلعت شراراتها فى يوم
عيد الشرطة عام 2011م . كما أكدته الممارسات العملية التى حاولت الالتفاف على
المادة رقم ( 55 ) الخاصة بحق الانتخاب والترشح ؛ وذلك عندما أعملت المحكمة
الدستورية العليا بتاريخ 25 مايو 2013م ؛ رقابتها الدستورية السابقة على قانون
مباشرة الحقوق السياسية وأعادته إلى مجلس الشورى لمخالفة مادته رقم ( 1 ) للدستور
لمنعها ضباط وأفراد القوات المسلحة والشرطة من التصويت الانتخابى ؛ مما دفع دوائر
السلطة للبحث عن صيغة للالتفاف حول حكم المحكمة من خلال الشروع فى إصدار قانون
يمنع الضباط والأفراد من ممارسة هذا الحق لمدة تتراوح من خمس إلى عشر سنوات
لاعتبارات تتعلق بالأمن القومى . كما تكرر نفس الأمر مع المادة رقم ( 52 ) الخاصة
بحرية إنشاء النقابات ؛ حيث التفت وزارة الداخلية على هذا الحق من خلال الإصرار
على الاكتفاء بإجراء انتخابات لنوادى الضباط والأفراد ؛ مع الرفض التام لمبدأ
إنشاء النقابة غير المحظور دستورياً .
2 ـ السياسات والتشريعات فى الفترة الزمنية خلال عام 2013م :
تنقسم الفترة الزمنية الممتدة خلال عام 2013م إلى قسمين : القسم
الأول يمثل النصف الثانى من العام الأول والأخير فى ولاية الرئيس محمد مرسى ؛ ولقد
شهدت بدايات هذا العام تعيين الوزيرالخامس للداخلية ؛ وانتقال سلطة التشريع إلى
مجلس الشورى الذى تسيطر عليه الأغلبية الإخوانية وحلفاءها من تيار الإسلام السياسى
؛ وذلك بموجب نصوص دستور 2012م . ألا ان هذا المجلس كسابقه ( مجلس الشعب ) لم يصدر
أى تشريع واحد يتعلق بإصلاح قطاع الأمن فى مصر ؛ كما أن سياسات الرئيس وحكومته
كانت تصب كلها فى شراء ولاء الأجهزة الأمنية من أجل خدمة أهداف النظام الجديد .
أما القسم الثانى من هذا العام ؛ فيبدأ بالتحركات الجماهيرية
الحاشدة فى 30 يونيو وما بعدها ؛ استجابة لحملة تمرد التى دعت الى سحب الثقة من
الرئيس محمد مرسى واجراء انتخابات رئاسية مبكرة ؛ وتدخل القوات المسلحة لعزل
الرئيس وتعطيل دستور 2012م ؛ وتعيين رئيس المحكمة الدستورية كرئيس مؤقت للبلاد ؛
وحل مجلس الشورى ؛ وتعيين رؤساء جدد للمخابرات والرقابة الإدارية وجهاز الكسب غير
المشروع .
وتتمثل التطورات المتعلقة بقطاع الأمن التى شهدتها هذه الفترة
الزمنية التى ضمت عهدين أو نظامين فى الآتى :
أ ـ اعلان حالة الطوارئ بمدن القناة :
بتاريخ 27 يناير 2013م ؛ تم إعلان حالة الطوارئ وفرض حظر
التجوال بمدن القناة ؛ بسبب الأحداث الدموية أمام سجن بورسعيد التى راح ضحيتها 46
مواطناً ؛ عقب صدور حكم المحكمة بإحالة أوراق 21 متهماً إلى المفتى فى قضية مقتل
74 من مشجعى النادى الأهلى فى ستاد بورسعيد بتاريخ 1 فبراير 2012م .
ب ـ الاستجابة لمطالب أفراد الشرطة بشأن التسليح والحقوق
الوظيفية والرعاية الصحية والاجتماعية :
بتاريخ 16 فبراير 2013م ؛ أعلنت وزارة الداخلية موافقتها على
توفير الموارد المالية اللازمة لدعم الوزارة بعدد 100 ألف طبنجة لتسليح أفراد
الشرطة ، للقيام بواجبهم فى مواجهة العناصر الإجرامية شديدة الخطورة ، وذلك عقب
سلسلة من الإضرابات والوقفات الاحتجاجية والاعتصامات التى قام بها الأفراد
للمطالبة بالتسليح وتحسين الأحوال الوظيفية ومجالات الرعاية الصحية والاجتماعية ؛
الأمر الذى دعا الوزارة إلى إصدار الكتاب الدورى رقم 10 لسنة 2013م ؛ والذى تضمن
الاستجابة لعدد 19 مطلب من هذه المطالب ( 7 ) .
ج ـ مطالبة النيابة العامة للمواطنين بممارسة الضبطية القضائية
:
بتاريخ 13 مارس 2013م ؛
دعت النيابة العامة المواطنين إلى استخدام حقهم فى الضبطية القضائية المنصوص عليه
فى المادة رقم 37 من قانون الاجراءات الجنائية ( 8 ) ؛ فى إشارة إلى عدم الثقة
فى قيام جهاز الشرطة بدوره لمواجهة الاحتجاجات المتصاعدة من الفئات الاجتماعية
والحركات الثورية المتعددة . الأمر الذى أثار علامات استفهام حول سبب قيام النيابة
العامة بدور ليس من أدوارها ؛ يتمثل فى التوعية القانونية .
د ـ الرئيس محمد مرسى يغازل الشرطة :
بتاريخ 15 مارس 2013م ؛ قام الرئيس محمد مرسي بزيارة رئاسة قوات
الأمن المركزي ، بمعسكر الدراسة للأمن المركزى ؛ وذلك في محاولة منه لاحتواء غضب
الضباط والأفراد والمجندين ، نتيجة ما يتردد فى الأوساط الإعلامية والسياسية عن
محاولات جماعة الإخوان المسلمين أخونة وزارة الداخلية ؛ ونتيجة وضع النظام للشرطة
فى مواجهة جديدة مع الشعب . وقد ألقى الرئيس خطاباً متلفزاً على الهواء مباشرة من
داخل المعسكر ؛ قال فيه حرفياً : ( .. هذا عبورنا الثالث ؛ كان العبور الأول
والشرطة جزء منه هو عبور أكتوبر 1973م ؛ وكان العبور الثانى والشرطة فى القلب منه
أيضاً هو 25 يناير 2011م ؛ وقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون 25 يناير هو أيضاً
عيد الشرطة وذكرى ما ضحت به الشرطة ضد الاستعمار وضد المحتل .. ) ( 9 ).
هـ ـ إجراء انتخابات
نوادى ضباط وأفراد الشرطة :
فى غضون شهر مارس 2013م ؛ أصدرت وزارة الداخلية الكتاب الدورى
رقم 370 لسنة 2013م ؛ بشأن إجراءات انتخابات النادى العام لضباط الشرطة والأندية
الفرعية بالمحافظات ؛ وقد تم إجراء الانتخابات خلال يومى 23 و24 إبريل 2013م ( 10 ). ونتيجة لتصاعد الضغوط التى مارسها أفراد الشرطة ؛ فقد أصدر وزير الداخلية
قراراً مماثلاً بشأن انتخابات النادى العام للأفراد والأندية الفرعية بالمحافظات ؛
ونادى العاملين المدنيين بوزارة الداخلية ( 11 ). واللافت فى الأمر ؛ أن
سقف المطالب العالى الذى بدأ بضرورة إنشاء نقابة لضباط وأفراد الشرطة ؛ قد انخفض
حتى وصل إلى مجرد إجراء انتخابات لنوادى الشرطة . ويحاول بعض المبررين لهذا التنازل
أو التخاذل الإشارة إلى تجربة نادى قضاة مصر ؛ الذى يمارس دوراً كبيراً فى الدفاع
عن حقوق القضاة . إلا أن واقع الحال يؤكد بأنه لا مجال للمقارنة بين الوضع الوظيفى
للقضاة والوضع الوظيفى لضباط وافراد الشرطة . فالقضاة وبنص الدستور يتمتعون
بالاستقلالية وغير قابلين للعزل ؛ ومن ثم فإن نادى منتخب قد يكفى تماماً لتجسيد
إرادتهم ؛ أما العاملون بالشرطة فهم قطاع من السلطة التنفيذية ومن ثم فهم غير
مستقلين وقابلون للعزل ؛ الأمر الذى يوضح بأن التنظيم النقابى المحمى دستورياً ـ
وليس النادى المنتخب ـ هو الكيان الوحيد القادر على الدفاع عن حقوق الضباط
والأفراد وتنظيم واجباتهم .
و ـ إلغاء سلطة الاعتقال والقبض والتفتيش من قانون الطوارئ :
بتاريخ 2 يونيو 2013م ؛ قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم
دستورية البند رقم ( 1 ) فى المادة رقم ( 3 ) من قانون الطوارئ ؛ الأمر الذى ألغى
مطلقاً من القانون سلطة الاعتقال ؛ كما ألغى سلطتى القبض والتفتيش دون التقيد
بضوابط قانون الإجراءات الجنائية . وبهذا أصبحت وزارة الداخلية المصرية وكافة
أجهزة قطاع الأمن فى مصر مجردة تماماً من سلطة الاعتقال ؛ فضلاً عن سلطتى القبض أو
التفتيش بمعزل عن الضوابط المحددة فى قانون الإجراءات الجنائية ( 12 ).
ز ـ انشاء وزارة العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية :
بتاريخ 16 يوليو 2013م ؛ تم الإعلان عن تشكيل الحكومة
الانتقالية برئاسة الدكتور حازم الببلاوى ؛ ولقد ضمت الحكومة ولأول مرة وزارة
جديدة تحت مسمى : وزارة العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية .
ح ـ إعلان حالة الطوارئ على مستوى الجمهورية :
بتاريخ 14 أغسطس 2013م ؛ أصدر رئيس الجمهورية المؤقت - بعد
موافقة مجلس الوزراء - قراراً بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء الجمهورية لمدة
شهر ؛ وفرض حظر التجوال ليلاً ؛عقب أحداث العنف التى اشتعلت بالتزامن مع فض قوات
الشرطة لاعتصامى ميدانى رابعة والنهضة . وبتاريخ 12سبتمبر 2013م تم مد حالة
الطوارئ لمدة شهرين إضافيين انتهت فى 14 نوفمبر 2013م (
13 ) .
ط ـ إصدار قانون تنظيم الحق فى التظاهر :
بتاريخ 24 نوفمبر 2013م ؛ أصدر الرئيس المؤقت عدلى منصور ؛
القرار بقانون رقم 107 لسنة 2013م ؛ الخاص بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة
والمواكب والتظاهرات السلمية ( 14 ).
ولقد تضمن القانون فى مادتيه رقم ( 12 ) ورقم ( 13 ) قواعد
جديدة للاشتباك أثناء فض التظاهر ؛ مما استتبع تعطيل البند رقم ( 3 ) فى المادة
رقم ( 102 ) من قانون الشرطة التى كانت تنص على جواز فض التظاهر الذى يعرض الأمن
العام للخطر باستعمال السلاح ( 15 ).
حيث تضمن القانون الجديد عدد من الخطوات المتدرجة التى ينبغى
اتباعها لتفريق التظاهرات غير القانونية تتمثل فى الآتى : توجيه إنذارات شفهية
بالتفرق ـ استخدام خراطيم المياه - استخدام الغازات المسيلة للدموع - استخدام
الهراوات - استخدام الطلقات التحذيرية - استخدام قنابل الصوت أو قنابل الدخان -
استخدام طلقات الخرطوش المطاطى ـ استخدام طلقات الخرطوش غير المطاطى . ولعل
الإضافة التى ترتبت على صدور ذلك القانون تتمثل فى وضع قواعد واضحة ومتدرجة
للاشتباك ؛ بخلاف القواعد العامة لحالات استعمال السلاح التى كان منصوصاً عليها فى
المادة رقم ( 102 ) من قانون الشرطة ؛ والتى كانت تعطى لوزير الداخلية حق تنظيم
إجراءاتها بقرار وزارى . كما أن القانون اعترف بالحق فى ( المنبر العام ) فى مادته
رقم ( 15 ) ؛ من خلال إلزام كل محافظة بتحديد منطقة تباح فيها الاجتماعات العامة
أو المواكب أو التظاهرات السلمية للتعبير فيها عن الرأى دون تقديم إخطار مسبق
للسلطات .
ى ـ الانتهاء من صياغة دستور 2014م ( 16 ) :
بتاريخ 2 ديسمبر 2013م ؛ أنهت لجنة الخمسين أعمالها المتعلقة
بتعديل دستور 2012م . وبتاريخ 14 ديسمبر أصدر الرئيس المؤقت عدلى منصور قراراً
بتحديد يومى 14 و15 من يناير 2014م للاستفتاء على الدستور. وباستقراء نصوص الدستور
؛ يتضح بأنه رغم أن دستور 2014م ؛ استحدث المادة رقم ( 241 ) التى تلزم مجلس النواب
بضرورة إصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة والمحاسبة والمصالحة
الوطنية وتعويض الضحايا وفقاً للمعايير الدولية ؛ الأمر الذى يبشر بإمكانية البدء
ـ ولو متأخراً ـ فى وضع أولى اللبنات فى عملية إصلاح قطاع الأمن ؛ خصوصاً فى ظل
وجود وزارة للعدالة الانتقالية ضمن تشكيل مجلس الوزراء الحالى . إلا أن باقى مواد
الدستور المتعلقة بقطاع الأمن قد استجابت للمخاوف المتزايدة نتيجة الاستقطاب
السياسى والدينى الحاد فى المجتمع ؛ فقامت بتقييد حقوق ضباط وأفراد الشرطة
والرقابة الإدارية والمخابرات العامة فى التصويت الانتخابى والتنظيم النقابى . حيث
نصت المادة رقم ( 76 ) الخاصة بإنشاء النقابات على عدم جواز إنشاء نقابات بالهيئات
النظامية ؛ وذلك لقفل الباب أمام تشكيل نقابة للضباط والأفراد العاملين فى قطاع
الأمن .
كما نصت المادة رقم ( 87 ) الخاصة بالترشح والتصويت الانتخابى ؛
على جواز الإعفاء من أداء هذا الواجب فى حالات محددة يبينها القانون ؛ وذلك لإضفاء
الشرعية الدستورية على الفقرة الأخيرة من المادة رقم ( 1 ) من قانون مباشرة الحقوق
السياسية التى تعفى ضباط وأفراد القوات المسلحة والشرطة من التصويت الانتخابى .
ولقد تم تخصيص مادتين فى الدستور الجديد للشرطة ؛ المادة رقم (
206 ) التى جاءت تقليدية وعامة فى توصيفها لدور الشرطة فى المجتمع ؛ بينما قامت
المادة رقم ( 207 ) بدسترة وضع المجلس الأعلى للشرطة والنص على معاونته لوزير
الداخلية ؛ وضرورة أخذ رأى المجلس فى مشروعات القوانين المتعلقة بالشرطة .
وفى استجابة للخطر الذى تمثله الجماعات الإرهابية المسلحة ؛ تم
استحداث المادة رقم ( 237 ) الخاصة بمواجهة الإرهاب ؛ والتى تضمنت النص على تنظيم
القانون لأحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب . الأمر الذى يوفر ظهيراً دستورياً يتيح
إصدار قانون لمكافحة الإرهاب .
ولقد تم إلغاء المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد التى استحدثها
دستور 2012م ؛ والنص فى المادة رقم ( 218 ) على التزام الدولة بمكافحة الفساد من
خلال إستراتيجية وطنية للمكافحة تتولاها الأجهزة الرقابية .
كما تم النص فى المادة رقم ( 215 ) على اعتبار كل من : الجهاز
المركزى للمحاسبات ؛ وهيئة الرقابة الإدارية؛ من الأجهزة الرقابية . وأفردت المادة
رقم ( 219 ) حدود دور الجهاز المركزى للمحاسبات فى رقابة الأموال العامة للدولة
وللأشخاص الاعتبارية ومراجعة تنفيذ الموازنة العامة للدولة والموازنات المستقلة .
ك ـ مجلس الوزراء يعلن
جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية ( 17 ) :
عقب حادث التفجير الانتحارى أمام مبنى مديرية أمن الدقهلية فجر
يوم 24 ديسمبر 2012م ؛ الذى أسـفر عن مقتل ( 16 ) شهيداً وإصابة أكثر من مائة
وثلاثين جريحاً أكثرهم من رجال الشرطة والباقين من المواطنين ؛ حيث أصيب مدير
الأمن فى الحادث إصابات بالغة واستشهد مديرى مكتبه ؛ كما أدى الانفجار إلى هدم
جزئى لأجزاء من مبنى مديرية الأمن والمبانى المجاورة . فقد قرر مجلس الوزراء
بتاريخ 25 ديسمبر 2013م إعلان جماعة
الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وتنظيمها تنظيماً إرهابياً ؛ وفقاً لمفهوم نص
المادة رقم ( 86 ) من قانون العقوبات ( 18 ) ؛ بكل ما يترتب على ذلك من
آثار أهمها :-
توقيع العقوبات المقررة قانوناً لجريمة الإرهاب على كل من يشترك
في نشاط الجماعة أو التنظيم ، أو يروج لها بالقول أو الكتابة أو بأي طريقة أخرى ،
وكل من يمول أنشطتها . وتوقيع العقوبات المقررة قانوناً على من ينضم إلى الجماعة
أو التنظيم واستمر عضواً في الجماعة أو التنظيم بعد صدور هذا البيان . وإخطار
الدول العربية المنضمة لاتفاقية مكافحة الإرهاب لعام 1998م بهذا القرار . وتكليف
القوات المسلحة وقوات الشرطة بحماية المنشآت العامة ، على أن تتولى الشرطة حماية
الجامعات وضمان سلامة الطلاب من إرهاب الجماعة .
... والواقع أن هذا القرار الذى صدر متأخراً ؛ قد يجر مشاكل
قانونية لو لم يتم تحويله إلى قانون شامل لمكافحة الإرهاب ؛ حيث يمكن الدفع
بإلغائه أمام محاكم مجلس الدولة ؛ الأمر الذى يحتم ضرورة الاستفادة من تجارب الدول
المتقدمة فى مكافحة الإرهاب من خلال إصدار قانون يتيح إعلان قوائم بالمنظمات
الإرهابية وقوائم بالدول والمنظمات الراعية للإرهاب ؛ ويتيح لأجهزة الأمن اتخاذ
تدابير خاصة لإجهاض العمليات الإرهابية قبل وقوعها . فالمادة رقم ( 86 ) من قانون
العقوبات رغم تعريفها للجريمة الإرهابية وتقريرها للعقوبات المناسبة لها ؛ إلا أن
هذا الإطار العقابى لا تقابله إجراءات جمع استدلالات وإجراءات تحقيق تتناسب مع
الطبيعة الخاصة لتلك الجريمة ؛ بما يجعل السياسة التى تحكم مواجهة الإرهاب تقوم
على رد الفعل تجاه الجرائم التى تقع ؛ وليس المواجهة الاستباقية لمنع الجرائم
الإرهابية قبل وقوعها .
ثانياً : إعادة تعريف العلاقات بين القوى الفاعلة فى المجتمع :
تمثل الخصوصية التى تميز بها عام 2013م ؛ باعتباره عام يجمع بين
عهدين ونظامين بينهما ثورة شعبية ؛ المبرر والحافز لكى تنصهر كل القوى الفاعلة
بالمجتمع فى عملية مستمرة لإعادة تعريف العلاقات ؛ بين بعضها بعضاً ؛ وبينها وبين
المجتمع ؛ انطلاقاً من أن القواعد التى كانت تحكم تلك العلاقات ؛ اختلطت وارتبكت
تحت ضغط الفعل الثورى ؛ وتحتاج إلى إعادة ترتيب وفقاً لموازين القوى الجديدة .
وسنعرض فى السطور القادمة لعملية إعادة تعريف العلاقات بين عدد
من القوى الفاعلة فى المجتمع ؛ وأثر ذلك على العلاقة بقطاع الأمن اقتراباً أو
ابتعاداً .
1ـ المجلس الأعلى للقوات المسلحة :
لم تتوفر الإرادة السياسية أو الأخلاقية لدى المجلس العسكرى ـ
طوال عام تولى فيه السلطتين التشريعية والتنفيذية مجتمعتين أو نصف عام إضافى تولى
فيه السلطة التنفيذية منفردة ـ للاعتراف بضرورة إعادة تنظيم وهيكلة قطاع الأمن فى
مصر . فالمجلس باعتباره أحد أركان النظام القديم ؛ كان ينظر لثورة 25 يناير بعين
المداهنة ؛ متوجساً من إصرار الثوار على إعادة بناء وتنظيم كل المؤسسات التى اعتمد
عليها النظام السابق فى استمراره ؛ وفى القلب منها بالطبع المؤسستان الأمنية
والعسكرية . لذلك حافظ المجلس العسكرى على قطاع الأمن كما هو ؛ ليحصنه من هرمونات
التغيير التى لو تمكنت منه ؛ لانتشرت واستشرت فى باقى المؤسسات ؛ وعلى رأسها
المؤسسة العسكرية .
ولقد أدت الفترة الرئاسية التى امتدت لمدة عام للرئيس محمد مرسى
؛ إلى اعادة تعريف العلاقات بين المؤسستين العسكرية والأمنية ؛ لاكتشافهما
بوقوفهما فى خندق واحد للحفاظ على مؤسسات الدولة من الاختراق لصالح تنظيم الإخوان
المسلمين المنتمى له الرئيس ؛ أو لصالح باقى تيارات الإسلام السياسى وعلى رأسها
السلفيون . وبقيام ثورة 30 يونيو 2013م ؛ واصطفاف المؤسستين فى الخندق الذى تقف
فيه أغلبية الشعب ؛ تم التأكيد مرة أخرى على ذات الهاجس الذى يرى بأن أى تغييرات
جذرية فى المؤسسة الأمنية أو قطاع الأمن ؛ ستطال بالضرورة المؤسسة العسكرية ؛ التى
تتوجس من مؤامرة خارجية تسعى إلى تفكيك الجيش المصرى ؛ بعد الانهيار الذى أصاب
الجيش العراقى ؛ والتفكيك الذى أوهن الجيش السورى . ولهذا سيبقى هذا الهاجس بمثابة
الفزاعة التى تساهم فى ارتفاع درجة الممانعة لدى المؤسسة العسكرية نحو أى تغييرات
جذرية تمس قطاع الأمن فى مصر ؛ باعتباره شريك ينبغى الاعتماد عليه فى الفترة
الراهنة والمستقبل القريب لتجاوز الأخطار الإقليمية المحتملة .
2ـ تيار الإسلام السياسى :
أدى وصول تيار الاسلام السياسى إلى السلطة فى مصر بجناحيها
التشريعى والتنفيذى إلى وضعه فى مواجهة الاختبار الحقيقى الخاص بمدى قدرته أو
رغبته فى تنفيذ الإصلاحات المستحقة التى تتعلق بقطاع الأمن . ولقد أكد هذا التيار
بسياساته المداهنة أو تشريعاته الغائبة مدى افتقاره للإرادة السياسية والإرادة
الأخلاقية لتنفيذ أى إصلاحات فى الأجهزة الأمنية ؛ انطلاقاً من مرجعيتة الفكرية
التى يسعى من خلالها إلى إعادة تشكيل هوية المجتمع وفقاً لسياسات متأسلمة متشددة
متطرفة تتصادم مع الطبيعة الوسطية للواقع المصرى ؛ الأمر الذى كان يحتم ضرورة
اندلاع مواجهة تصادمية مع أغلبية المجتمع ؛ تقود إلى فرض تلك السياسات إما
باستخدام بطش الآلة الأمنية ؛ أو بالاعتماد على الترويع الذى تمارسه الجماعات
المسلحة المنتمية إلى هذا التيار .
لذلك تعامل تيار الإسلام السياسى فى البداية مع أجهزة الأمن
بعقيدتها وأساليبها القمعية الموروثة ؛ باعتبارها أجهزة مثالية لتنفيذ أغراضه فى
قمع الجماهير تمهيداً لأسلمة المجتمع . ولكن توريط الأجهزة الأمنية فى مواجهة
جديدة مع الشعب مازالت نيران سابقتها لم تخمد منذ 28 يناير 2011م ؛ أدى إلى بدء
حدوث تململ ثم تمرد فى صفوف القواعد العريضة لتلك الأجهزة ؛ الأمر الذى تم تفسيره
من قبل تيار الإسلام السياسى باعتباره استمراراً فى الولاء للنظام السابق يستدعى
ضرورة العمل على اختراق تلك الأجهزة وتفكيك بنيتها وإضعافها ؛ وبناء أجهزة بديلة
تحل محلها من أجل خدمة الأهداف السياسية والعقائدية للنظام الجديد .
ومن ثم ؛ فإن إعادة تعريف العلاقات بين تيار الإسلام السياسى
وقطاع الأمن فى مصر ؛ فى ظل العمليات الإرهابية الموجهة لمنشآت وتجهيزات وأفراد
الأجهزة الأمنية من قبل الجماعات المسلحة المحسوبة على هذا التيار ؛ توضح بأن
علاقة العداء الإستراتيجى هى النموذج الصالح لتوصيف هذه العلاقة فى الحاضر
والمستقبل؛ بما يمثل قطيعة فى ذهنية هذا التيار تنحرف به بعيداُ عن القبول بفكرة
إجراء أى إصلاحات فى أجهزة الأمن ؛ واستبدال ذلك بضرورة تصفية هذه الأجهزة من خلال
اختراقها وتفكيكها لتدميرها ؛ تمهيداً لبناء أجهزة جديدة بعناصر موالية فى حال
الوصول مرة أخرى إلى السلطة ؛ استلهاماً لنموذج الحرس الثورى الإيرانى .
3ـ الجماعات الإرهابية :
كانت البيئة الأمنية المنفلتة بدرجة غير مسبوقة فى مصر عقب
انهيار الشرطة يوم 28 يناير 2011م ؛ تمثل ساحة مفتوحة على مصراعيها لازدهار تجارة
الأنفاق على الشريط الحدودى بين مصر وغزة ؛ ليمر عبرها وفى الاتجاهين البشر والسلع
من تحت ذقن سيادة الدولة . ثم أدت الثورة الليبية بتوابعها العسكرية إلى بزوغ
تجارة رائجة لنوعيات ثقيلة من الأسلحة ؛ مما شكل ملعباً مجهزاً بالفراغ الأمنى
والتكدس التسليحى ؛ لم يكن ينقصه غير اللاعبين . وللمفارقة ؛ فقد كان المجلس
العسكرى هو أول من استدعى هؤلاء اللاعبين القدامى من السجون من خلال قرارات عفو
صادمة وغير مفهومة ؛ تثير الكثير من علامات الاستفهام التى قد تظل مغلقة على
أسئلتها .
بدأ مسلسل العفو بتاريخ 1 مارس 2011م ؛ أى بعد أقل من 3 أسابيع
من سقوط نظام مبارك ؛ عندما أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة قراراً بالإفراج
الصحى عن القيادى الإخوانى خيرت الشاطر، والقيادى الإخوانى الآخر رجل الأعمال حسن
مالك ؛ بعد قضائهما ما يقرب من 4 سنوات وربع السنة من الحكم عليهما بـ 7 سنوات فى
القضية رقم 2 لسنة 2007م جنايات عسكرية المعروفة إعلامياً بقضية ( ميليشيات الأزهر
) .
وبتاريخ 11 مارس 2011م ؛ أصدر المجلس العسكرى قراراً بالإفراج
عن عبود الزمر وابن عمه طارق الزمر، وكانا يقضيان عقوبة مشددة بالسجن ، إثر
إدانتهما بأحكام صادرة من المحكمة العسكرية العليا ، ومن محكمة جنايات أمن الدولة
العليا « طوارئ » فى قضية ( اغتيال الرئيس الراحل
السادات ) . وكانت مدة الأحكام الصادرة ضد عبود الزمر 65 عاماً ، وضد طارق
الزمر 47 عاماً .
وبتاريخ 17 مارس 2011م ؛ تم الإفراج عن 60 معتقلا سياسياً ، من
بينهم محمد الظواهرى المحكوم عليه بالإعدام غيابياً ؛ وهو الشقيق الأوسط للدكتور
أيمن الظواهرى الرجل الثانى فى تنظيم القاعدة .
وبتاريخ 2 نوفمبر 2011م ، أصدر المجلس العسكرى قراراً بالعفو عن
334 مداناً صدرت ضدهم أحكام نهائية من القضاء العسكرى ؛ ونشرت صفحة المجلس العسكرى
على الفيس بوك القرار بدون أسماء ؛ فى الرسالة رقم ( 77 ) من رسائل المجلس الموجهة
للشعب ( 19 ).
أما الرئيس محمد مرسى ـ وبدون مفارقة ـ فقد استكمل مسلسل العفو
لتجهيز الملعب باللاعبين ؛ حيث أصدر خلال فترة حكمه قرارات رئاسية بالعفو عن عدد
755 سجيناً منهم 8 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين ، كانوا متهمين في القضية
المعروفة بـ " التنظيم الدولي للإخوان المسلمين " ، ومنهم 55 من أعضاء
الجماعة الإسلامية والجهاد ؛ من بينهم 3 أدينوا باغتيال الرئيس المصري الراحل أنور
السادات .
كما شمل العفو الرئاسى عدد 16 سجيناً ألقى القبض عليهم ما بين
عام 2010م وعام 2012م ، بتهمة تهريب الأسلحة الثقيلة من ليبيا إلى سيناء ( 20 ) .
وفى ظل هذا الواقع
الملغم بالفراغ الأمنى ووفرة التسليح وإطلاق سراح رؤوس التطرف ؛ وكثرة الثغرات
الأمنية الحدودية مع نظم أو حركات سياسية موالية لأيدلوجية الإسلام السياسى على
الحدود الشرقية والجنوبية والغربية ؛ بالاضافة إلى دعم سياسى ومالى من دولتى تركيا
وقطر للتنظيم الدولى لجماعة الإخوان المسلمين . فإن كل ذلك يشير إلى أن إعادة
تعريف العلاقات بين الجماعات الارهابية والقوى الفاعلة فى المجتمع ؛ قد أخذ مساراً
يكشف عن أن تلك الجماعات تمارس الإرهاب بالوكالة ؛ لصالح الأذرع السياسية لتيار
الإسلام السياسى ؛ لتسييل البيئة السياسية وإفشال الدولة وزرع الانقسام فى صلب
المؤسسات السيادية ؛ بما يؤدى إلى تحييد تلك المؤسسات أو تهميشها ؛ فتخلو الساحة
للفصيل الذى يمتلك السلاح والتمويل والقدرة على التنظيم المبنى على قاعدة السمع
والطاعة .
ولهذا فإن المواجهة الأمنية مع الجماعات الإرهابية لن تحسم فى
الواقع المصرى قريباً ؛ بل ستمتد لسنوات ؛ قد لا تكون بنفس الوتيرة الدموية
النازفة فى العراق ؛ بل بالأحرى قد تكون بوتيرة متقطعة ؛ ولكنها ستمثل فيروساً
يكمن ثم ينشط ثم يكمن .. وهكذا ؛ ليرهق الدولة ويشتت جهودها ؛ ولكنه لن يستطيع ـ
بإذن الله ـ إسقاطها .
4ـ ائتلافات العاملين بالشرطة :
ربما يكون من المبكر فى معادلة الزمن القطع بشأن الجهات أو
الأشخاص الذين وقفوا خلف فكرة تكوين ائتلافات الشرطة ؛ التى برزت على سطح الواقع
المصرى مع الأسابيع التالية لثورة 25 يناير . فالحافز التلقائى للتنظيم الذاتى فى
مواجهة الأزمات هو غريزة بشرية طبيعية لا يمكن تجاهلها تحت وطأة نظرية المؤامرة .
ولكن التدبير المنظم لاستغلال هذا الحافز فى ظل أجهزة تمتلك القدرة والعلم
والتدريب قد لا يكون غائباً عن كواليس المشهد ؛ ومن ثم لا يمكن بنفس المنطق تجاهله
.
والواقع أن هيئة الشرطة المصرية التى كانت تعانى من القهر
الوظيفى قبل ثورة 25 يناير 2011م ؛ نتيجة غزو العسكرة الإدارية لنظم التشغيل بها
وابتعادها عن المعايير الدولية لساعات الدوام واعترافها بالمحاكمات العسكرية
لأفرادها ؛ هذه الهيئة انقلب حالها رأساً على عقب بمجرد قيام الثورة وأصبحت مصابة
بالتسيب الوظيفى الذى انفرط بسببه عقدها ؛ وصارت القيادات الأمنية التى كانت تحكم
بالحديد والنار لا تملك قرارها ؛ بعد أن انفلت زمام الطاعة ؛ واصبح لا رأى لمن لا
طاعة له .
وبرزت فى هذا التوقيت عدد من ائتلافات الشرطة ؛ من أهمها من حيث
الاستمرارية والتأثير عدد ( 4 ) ائتلافات سنستعرض مسيرتها ؛ كالتالى :
أ ـ ائتلاف ضباط لكن شرفاء ( ائتلاف ضباط شرفاء حالياً ) ( 21 ) :
برز الائتلاف إلى الوجود من قلب ميدان التحرير وبالتحديد فى يوم
1 فبراير 2011م ؛ عندما أعلن مؤسس الائتلاف العقيد / محمد عبد الرحمن يوسف الضابط
بمديرية أمن الدقهلية ؛ عن نشأة الائتلاف أثناء وجوده فى الميدان . وكانت الفكرة
المحورية التى تبناها الائتلاف منذ نشأته تدور حول كيفية إعادة بناء وهيكلة وزارة
الداخلية والشرطة المصرية ؛ استجابة لأهداف ثورة 25 يناير التى قامت فى يوم الاحتفال
السنوى بعيد الشرطة لمواجهة الدولة البوليسية التى تتواطأ فيها أجهزة الأمن مع
النظام .
ولذلك كان اهتمام الائتلاف بالترويج لفكرة ومشروع إعادة تنظيم وهيكلة الداخلية يفوق
أى تصورات أخرى تهتم بالبناء التنظيمى للائتلاف أو عدد المنتمين له ؛ انطلاقاً من
الإيمان بأن إجراء أى تغييرات جوهرية على واقع بناء جهاز الشرطة فى مصر هو أمر
يحتاج إلى إرادة سياسية تأتى من قمة الهرم السلطوى . ومن ثم فإن الاستعداد
بالمشروع والترويج له فى ظل أجواء الزخم الثورى ؛ هو أمر قد يمثل عامل ضغط على
الإرادة السياسية لكى ترضخ لتوجهات الإرادة الشعبية .
ولذك أنشأ الائتلاف صفحته على موقع التواصل الاجتماعى الفيس بوك
بتاريخ 7 مارس 2011م ؛ وبدأ فى كتابة مشروعه حول إعادة تنظيم وهيكلة وزارة
الداخلية ؛ وبتاريخ 7 مايو 2011م تقدم الائتلاف بورقة تتضمن رؤيته تحت عنوان :
إعادة تنظيم وزارة الداخلية ( 22 ) ؛ فى مؤتمر مصر الأول (
الشعب يحمى ثورته ) الذى نظمه المجلس الوطنى المصرى برئاسة الناشط الثورى الدكتور
/ ممدوح حمزة .
وكانت ثمرة هذا المؤتمر أن التفت حول الورقة عدد من منظمات حقوق
الانسان ؛ هى : المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ؛ المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
؛ مركز هشام مبارك للقانون ؛ وعدد من الشخصيات الثورية المستقلة . وتم عقد ورش عمل
مستفيضة وجادة ؛ حتى تم الإعلان بتاريخ 24 أكتوبر 2011م ؛ فى مؤتمر صحفى بمركز
إعداد القادة لإدارة الأعمال ؛ عن : المبادرة الوطنية لإعادة بناء الشرطة ( شرطة
لشعب مصر ) ( 23 ).
ولقد تم إرسال نسخ من المبادرة إلى كل الجهات المعنية مثل :
المجلس العسكرى ؛ ومجلس الشعب ؛ ومجلس الشورى ؛ ورئاسة الوزراء ؛ ووزارة الداخلية
؛ ووزارة العدل ؛ ومراكز الأبحاث الحكومية .. الخ .
كما تم الاستجابة لدعوات للحوار مع أعضاء لجنة الدفاع والأمن
القومى فى مجلس الشعب ؛ ومع مستشارة رئيس الجمهورية للشئون السياسية ؛ ومع وزير
العدل آنذاك .
ولقد حظيت المبادرة باهتمام من معهد السلام الأمريكى UNITED STATES INSTITUTE OF
PEACE حيث أشادت بها دراسة منشورة بتاريح 1
أكتوبر 2012م على موقع المؤسسة تحت عنوان : سياسة إصلاح القطاع الأمنى فى مصر .
واعتبرتها " أكثر المبادرات شمولاً " ؛ وأنها " ارتقت بمستوى
النقاش حول إصلاح القطاع الأمنى " ( 24 ).
كما اهتمت لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى بالمبادرة ؛ وأفردت
لها فصلاً كاملاً تحت عنوان : مبادرات وحلول مجتمعية مطروحة ؛ ضمن التقرير الصادر
عن اللجنة بتاريخ 8 نوفمبر 2012م ؛ بعنوان : إستراتيجية بشأن تطوير الأداء الأمنى
بعد ثورة 25 يناير ( 25 ).
وبتاريخ 13 يوليو 2013م ؛ تلقى أعضاء مبادرة " شرطة لشعب
مصر " دعوة للقاء دكتور حازم الببلاوى ؛ رئيس الوزارء المكلف بتشكيل الحكومة
المؤقتة ؛ ودار اللقاء حول عرض أفكار المبادرة لإعادة تنظيم وزارة الداخلية ؛ كما
تم التأكيد على ضرورة البدء فى تنفيذ برنامج للعدالة الانتقالية يتيح كشف الحقيقة
والقصاص للضحايا (
26 ).
ولقد التزم أعضاء المبادرة بتطويرها لتستجيب للتغيرات التى تطرأ
على حالة الأمن فى مصر ؛ حتى تم إطلاق الإصدار الرابع من المبادرة ليتضمن إضافات
تتعلق ببرامج العدالة الانتقالية ؛ لتمثل دليل عمل لوزارة العدالة الانتقالية التى
تم إنشاءها بعد ثورة 30 يونيو 2013م .
ولقد قام الائتلاف بتغيير مسماه عقب ثورة 30 يونيو ؛ لكى يصبح :
ائتلاف ضباط شرفاء ؛ بدون كلمة : لكن ؛ تقديراً للدور الوطنى الذى وقفته جموع ضباط
وأفراد الشرطة المصرية خلال أحداث هذه الثورة .
ويؤمن الائتلاف بأن الثورة المصرية لن تستطيع إقناع المواطن
المصرى بتحقيق أهدافها ؛ إلا لو كانت أولى خطوات التغيير تستهدف إصلاح أجهزة
الشرطة المصرية ؛ التى انحازت للشعب مؤخراً ؛ ولكن مازال ينقصها الكثير لكى تصبح
شرطة عصرية مهنية محترفة ؛ تمتلك البنية والهياكل والأساليب الحديثة ؛ التى تمنع
ارتدادها لتقع مرة أخرى فى فخ التواطؤ مع النظام وامتهان كرامة المواطنين .
ب ـ الائتلاف العام لضباط الشرطة ( النادى العام لضباط الشرطة
حالياً ) ( 27 ):
تم الإعلان عن تشكيل الائتلاف العام لضباط الشرطة الذي انبثق من
الاجتماع العام الذي عقد بدار الضيافة لضباط الشرطة بمدينة نصر بتاريخ 4 مارس
2011م . وتوضح مسيرة الائتلاف منذ نشأته وعقده لاجتماعاته فى مواقع شرطية حيوية وهامة
؛ وتحت عين وبصر قيادات وزارة الداخلية ؛ بأن الائتلاف لم يكن مستقلاً بالقدر الذى
ينبغى أن يتوفر فى مثل الكيانات التى على شاكلته . وبالطبع لا يمكن التفتيش فى
نوايا الضباط المؤسسين للائتلاف لقياس مدى استقلالهم ؛ ولكن يمكن التأكيد بأن
الأغلبية منهم كانوا يطمحون إلى إنشاء كياناً مستقلاً يمثل ضباط الشرطة بعيداً عن
تدخلات وزارة الداخلية ؛ ولكن خبرة هذه الوزارة العتيدة فى اختراق التنظيمات
وتجنيد بعض عناصرها ؛ قد تكون وجدت لها موطئ قدم داخل ذلك الائتلاف . كما أن ضعف
السيطرة الإدارية على الضباط بعد ثورة 25 يناير ؛ جعلت الوزارة تحاول استبدال
القيادة الإدارية بقيادة معنوية ؛ يظهر فى واجهتها الضباط باعتبارهم يمثلون أنفسهم
؛ بينما تختفى الوزارة من وراء هذه الواجهة لكى تحقق أهدافها التى لا ينبغى
بالضرورة أن تتلاءم مع خيارات القطاع العريض من الضباط .
ولعل ضغطة زر على مواقع البحث على شبكة الإنترنت للبحث تحت
عنوان : الائتلاف العام لضباط الشرطة ؛ ستوضح مسيرة من المواقف المتناقضة التى
تقترب من الوزارة الى حد عقد اجتماعات مشتركة ( 28 ) ؛ أو تتطابق مع الوزارة
لدرجة الإعلان عن حل الائتلاف بتاريخ 24 مايو 2011م ؛ لنجاحه فى " تحقيق قدر
كاف من إنجازات كان يصعب تحقيقها ، والعمل على مد جسور الثقة بفتح قنوات مع منظمات
المجتمع المدنى المختلفة وثوار 25 يناير لإعادة بناء الثقة بين الشعب ورجال الشرطة
" ( 29 ). ثم تنقلب هذه المواقف بقيام وزير الداخلية بإيقاف
المتحدث الإعلامى باسم الائتلاف وضابط آخر بالائتلاف عن العمل لقيامهما بتحريض
أمناء وأفراد الشرطة على الانقلاب ضد الوزارة ( 30 ). ثم تستقيم هذه المواقف
ليصبح الائتلاف مصدر ثقة الحكومة ؛ إلى حد قيام رئيس الوزراء كمال الجنزورى بتاريخ
26 نوفمبر 2011م ؛ باستقبال أعضاء من الائتلاف وتكليفهم بترشيح وزير جديد للداخلية
خلفاً للواء منصور عيسوى ( 31 ). أو تتباعد المسافات بين الائتلاف
والوزارة فيتهمها بتدبير مؤامرة لتزوير انتخابات نادى الشرطة ؛ الذى حل محل
الائتلاف بمجرد إعلان نتائج انتخابات النادى بتاريخ 26 إبريل 2012م ( 32 ).
والواقع أن هذه المسيرة المرتبكة أو الملتبسة للائتلاف ؛ والتى
تطرح علامات استفهام حول مدى استقلاله ليكون معبراً بصدق عن الضباط أو مجرد أداة
من أدوات الوزارة للسيطرة على الضباط ؛ هذه المسيرة يمكن الحكم على مجمل توجهاتها
بأنها كانت دائماً مع التصور الذى يقر بضرورة انفراد وزارة الداخلية وحدها دون
شريك بإنجاز أى هيكلة مستحقة لوزارة الداخلية ؛ ومن ثم النظر إلى أى تدخل من
المجتمع المدنى والحقوقى لتقييم أو تقويم هذه الهيكلة باعتباره عدوان على الأمن
القومى المصرى .
ولكن على الجانب الآخر ؛ فقد وفر هذا الائتلاف صوتاً يمكن
اعتباره جماعياً لمضمون اتجاهات ضباط الشرطة وهو أمر تجلى بصدق فى اجتماع الجمعية
العمومية لنادى ضباط الشرطة ( خليفة الائتلاف ) بتاريخ 15 يونيو 2013م ؛ والذى تم
الإعلان فيه عن عدم تأمين أى مقرات حزبية أو سياسية ؛ وعدم التصدى للمظاهرات السلمية خلال فاعليات يوم 30 يونيو ؛ بالإضافة
إلى تردد هتافات فى الاجتماع بسقوط حكم المرشد ( 33 ).
ولكن مستقبل الائتلاف الذى تحول إلى نادى بعد أن كان يطمح لأن
يكون نقابة ؛ مازال يتراوح ما بين الاستقلال والتبعية لوزارة الداخلية ؛ ولعل هذا
ما تؤكده التصريحات المنشورة على صفحة النادى العام لضباط الشرطة على الفيس بوك
بتاريخ 17 نوفمبر 2013م ؛ والتى تضمنت الآتى :
" نتيجة رفض وتعنت من بعض جهات الوزاره فى التعامل مع
النادى ككيان منتخب ممثل لجموع الضباط بجانب تعنت بعض الجهات المشاركه معنا فى
إعداد اللائحة الخاصة بالنادى والتى انتهينا منها ... بجانب رفض أغلب القيادات
الاعتراف بفكرة النادى من الأساس ويحدث ذلك وكل الطلبات التى طلبها النادى لصالح
الوزارة وجموع الضباط تقابل بالتسويف أو المماطله مما ولد شعور بالإحباط لفترة بعد
المحاولات العديدة من القنوات الشرعية والانضباطية التى سلكناها . ولا نخفى عليكم
سراً أن البعض له مصلحة فى هدم كيان النوادى المنتخبة وإحراجنا مع زملائنا حتى نصل
إلى ما نحن عليه من مقولة " النادى عمل إيه " (
34 ).
هكذا إذن يبدو مشهد نادى ضباط الشرطة خليفة الائتلاف العام ؛
الذى من الواضح أن اختراقه من جانب الوزارة أثناء خطواته الأولى ؛ قد جعله لقمة
سائغة إلى الحد الذى انتهى به لإعلان تلك التصريحات ؛ التى تكشف بأن الكيانات التى
تولد غير مستقلة قد تكون أضعف فى مواجهة المكائد فى مستقبل الأيام .
ج ـ الائتلاف العام لأمناء وأفراد الشرطة ( النادى العام لأمناء
وأفراد الشرطة حالياً ) :
تم الاعلان عن تشكيل الائتلاف العام لأمناء وأفراد الشرطة فى
غضون شهر مارس 2011م ؛ وظهرت صفحته على الفيس بوك بتاريخ 22 مارس 2011م . والواقع
أن القوة النسبية لهذا الائتلاف تشير إلى درجة عالية من التأثير ؛ تفوق كثيراً
تأثير الائتلاف العام لضباط الشرطة ؛ وذلك بحكم الكثرة العددية لأفراد الشرطة
الذين يصل عددهم إلى 380 ألف فرد شرطة ؛ قياساً بضباط الشرطة الذين لا يزيد عددهم
عن 40 ألف ضابط .
ولقد امتلك الائتلاف قدرة على حشد الأفراد للتعبير عن مطالبهم
الوظيفية ؛ من خلال الإضرابات والوقفات الاحتجاجية والاعتصامات ؛ وإغلاق أقسام
الشرطة بالجنازير ؛ وتعطيل العمل بالموانئ والمطارات ؛ بل والتجمهر أمام الوزارة
وتعليق لافتة على مدخلها مكتوب عليها : مغلق للتطهير ؛ علاوة على التعرض للقيادات
إلى حد التعدى اللفظى أو البدنى فى بعض الأحيان .
والواقع أن نفس الملابسات التى صاحبت إنشاء ائتلاف الضباط هى
ذاتها التى صاحبت ائتلاف الأفراد إبان نشأته ؛ بل يمكن القول بأن قدرة الوزارة على
اختراق ائتلافات الأفراد كانت أكبر ؛ انطلاقاً من استغلال محدودية الدخل لدى معظم
الأفراد ؛ ومن ثم تجنيد بعض العناصر من بينهم لاختراق الائتلاف والتأثير على
توجهاته أو على الأقل محاولة احتواءها .
ورغم تحقيق الائتلاف لبعض المكاسب الوظيفية التى تجلت فى
القانون رقم ( 25 ) لسنة 2012م الصادر
بتاريخ 20 يونيو 2012م . إلا أن حلم إنشاء نقابة للدفاع عن حقوق الأفراد وتنظيم
واجباتهم ؛ قد تحطم أمام قدرة الوزارة على اختراق الائتلاف وتقزيم هذا الحلم إلى
نادى للأفراد فقط ؛ لم تتم الموافقة علي إجراء انتخاباته إلا بعد مناورة الإعلان
عن إجراء انتخابات نادى ضباط الشرطة فى أواخر شهر إبريل 2013م ؛ لاستفزاز الأفراد
فيطالبوا بمعاملتهم بالمثل ؛ ومن ثم يتم التنازل عن مبدأ إنشاء النقابة فى غمرة
الرغبة فى الفوز بالنادى .
وحتى الكتاب الدورى رقم 10 لسنة 2013م الخاص بالاستجالة للمطالب
الوظيفية والاجتماعية والصحية لأفراد الشرطة الصادر خلال شهر فبراير 2013م ؛ فإن
معظم استحقاقاته مازالت مجرد حبر على ورق ؛ ولم يتم تنفيذها على أرض الواقع وفقاً
لإجراءات واضحة وجلية ؛ تجعلها حقا مكفولاً وليست مجرد منحة يمكن حجبها عن غير
المرضى عنهم .
والواقع أن مسيرة ائتلاف أمناء وأفراد الشرطة كانت ثورية فى
مجملها العام ؛ أكثر بكثير من مسيرة الائتلاف العام لضباط الشرطة ؛ ربما بحكم
الكثرة العددية المؤثرة ؛ وربما بحكم أن الأفراد لم يكن لديهم ما يخسرونه على
مستوى الامتيازات الوظيفية أو المناصب الأمنية ؛ قياساً بضباط الشرطة ؛ وبالتالى
كانت حركتهم حرة وغير مكبلة بامتيازات يخشون فقدانها .
ولكن رغم كل ذلك ؛ فإن الائتلاف برغم قوته لم يستطع الضغط على
وزارة الداخلية التى نجحت فى تمرير عبارة بالمادة رقم ( 76 ) من دستور 2014م ؛ أدت
إلى إضفاء المشروعية الدستورية على عدم جواز إنشاء نقابة فى الجهات النظامية ؛ إلى
الحد الذى دفع الائتلاف بتاريخ 1 ديسمبر 2013م ؛ إلى التصريح بدعوته لأسر أفراد
الشرطة للتصويت بـ : لا ؛ على الدستور ( 35 ) .
د ـ ائتلاف ضباط الشرطة الملتحين :
بدأت قضية ضباط الشرطة الملتحين تأخذ مكانها تحت الأضواء فى
بدايات عام 2012م ؛ عندما تمت إحالة عدد من هؤلاء الضباط لمجلس التأديب لإطلاقهم
لحيتهم بالمخالفة للقواعد الانضباطية الخاصة بمظهر رجل الشرطة. ورغم أنه كان من
المقرر أن يبدأ مجلس التأديب أولى جلساته بتاريخ 22 أبريل 2012م ؛ إلا أن وزارة
الداخلية بادرت قبل حلول هذا التاريخ بإحالة هؤلاء الضباط إلى الاحتياط للصالح
العام ؛ مما دفعهم إلى رفع دعاوى قضائية بلغ عددها 26 دعوى ؛ أمام محاكم القضاء
الإدارى بمجلس الدولة التى قضت فى عدد من الأحكام بعدم أحقية الوزارة فى الإحالة
إلى الاحتياط قبل صدور نتيجة التحقيقات من مجالس التأديب . إلا أن الضباط دلسوا
على الرأى العام وروجوا بأن هذه الأحكام منحتهم الحق فى العودة للعمل الشرطى
باللحية ؛ رغم أن تلك الأحكام جميعها لم تتطرق لأصل الموضوع ؛ وإنما انحصر قضاؤها
فى مدى صحة قرارت الإحالة للاحتياط بالتزاوج مع قرارات الإحالة لمجلس التأديب .
وفى غضون ذلك ؛ تم إطلاق صفحة على الفيس بوك بتاريخ 4 فبراير
2012م ؛ بعنوان : أنا ضابط شرطة ملتحى ( 36 ). كما تم بتاريخ 15 فبراير
2012م إطلاق صفحة أخرى بعنوان : ضباط الجيش والشرطة الملتحون بمصر .
وكانت وزارة الداخلية مع بداية تداعى هذه القضية ؛ قد استفتت
دار الإفتاء المصرية بتاريخ 14 فبراير 2012م عن أحقية الجهة النظامية كالشرطة فى
إلزام الضابط أو الفرد بعدم إطلاق لحيته لتعارض ذلك مع الحياة النظامية وضرورة
إلزامه بالتعليمات التى تصدر إليه من رؤسائه تنفيذاً للقانون . ولقد أكدت دار
الإفتاء على أنه قد جرت عادة العسكر من شرطة وجيش منذ مئات السنين على حلق لحاهم
ومن ارتضى أن يدخل كليات الشرطة يكون قد اختار ما اختارته إدارة الشرطة فى هذا
الأمر ، لأن المعروف عُرفاً كالمشروط شرطاً واختيار ما اختارته إدارة الشرطة فى
هذا الأمر " جائز " لأنه من الأمور المختلف عليها ، وإن تغير اختياره
فله أن ينتقل إلى إدارة غير شرطية . وبناءً عليه فقد أصدرت الوزارة الكتاب الدورى
رقم 3 بتاريخ 25 فبراير 2012م ؛ وجاء فيه :
" أنه فى إطار حرص
الوزارة على ظهور أبنائها بالمظهر الانضباطى الذى تقتضيه ممارسة رجل الشرطة
لوظيفته ، فإن على الضباط والأفراد الالتزام بالقرارات والتعليمات الصادرة فى هذا
الشأن والعناية بالمظهر الشخصى من حيث قص الشعر وحلق اللحية لكى يتلاءم مع مقتضيات
الزى الرسمى ، وذلك حفاظاً على حسن المظهر والهندام للحفاظ على هيبة رجل الشرطة
واحترام الجمهور له "( 37 ).
ولكن رغم ذلك فإن قضية الضباط الملتحين احتلت جزءً كبيراً من
اهتمام الرأى العام ؛ نتيجة الفاعليات المستمرة التى تم إطلاقها بوتيرة متتالية
لجعل تلك القضية فى صدارة المشهد ؛ حيث قام الائتلاف بعقد مؤتمرات جماهيرية
بمحافطات السويس والإسماعيلية وبورسعيد والقليوبية والفيوم وقنا والمنيا وأسيوط
وكفر الشيخ وسوهاج ؛ كما تم تنظيم وقفات احتجاجية بالقاهرة أمام قصر الاتحادية
الرئاسى وقصر عابدين ؛ بالإضافة إلى تنظيم اعتصام أمام وزارة الداخلية بدأ بتاريخ
26 فبراير 2013م استمر لمدة تزيد عن 100 يوماً ( 38 ).
وبتاريخ 25 مايو 2013م ؛ أودعت المحكمة الإدارية للرئاسة بمجلس
الدولة حيثيات حكمها في الدعوى المقامة من 12 ضابطاً ملتحياً ؛ وأيدت فيه قرار
وزارة الداخلية بإحالة هؤلاء الضباط للاحتياط للصالح العام ؛ استناداً لفتوى دار
الإفتاء المصرية فى هذا الشأن ؛ وقررت بأن قرار الإحالة للاحتياط لا يعتبر بهذه
الحالة عقوبة تأديبية ويمكن الجمع بينه وبين أى عقوبة تأديبية أخرى ( 39 ).
وبتاريخ 29 يوليو 2013م ؛ نشرت صفحة الجهاز الإعلامى لوزارة
الداخلية على الفيس بوك خبراً عن عودة 4 من بين الضباط الملتحين للعمل بعد حلق
لحاهم ؛ وهو ما أكده ائتلاف الضباط الملتحين ( 40 ).
والواقع أن قضية ضباط وأفراد الشرطة الملتحين ، تمثل أحد مظاهر
المنافسة الشرسة بين التيار السلفي وجماعة الإخوان المسلمين ؛ من أجل السيطرة على
الدولة المصرية تحت الشعار المسمى بـ " المشروع الإسلامي " . ولذلك ؛
يمكن وصف ضباط وأفراد الشرطة الملتحين بأنهم ( حصان طروادة السلفي ) ، الذي يريد
التيار السلفي زرعه داخل جسد وزارة الداخلية المصرية ؛ لنشر الدعوة السلفية بين
صفوف ضباط وأفراد الشرطة ؛ من أجل تكوين جبهة سلفية داخل أجهزة الأمن تتنافس مع
جماعة الإخوان المسلمين في السيطرة على هذه الوزارة السيادية ؛ تمهيداً لامتداد
ذلك إلى باقى الأجهزة الأمنية ؛ وإلى القوات المسلحة ( 41
) .
ولعل التأكيد على احترام حق ضباط وأفراد الشرطة في ممارسة
حرياتهم الشخصية التي لا تتناقض مع طبيعة أعمالهم ، هو أمر لا يتناقض مع ضرورة رفض
ممارسات التدليس على الرأى العام ، ومحاولة نقل الانطباع بأن اللحية ستكون عنواناً
على صلاح رجال الشرطة الذين يطلقونها ؛ رغم أن الحقائق تشير إلى العديد من
الممارسات المخالفة للدين التى يرتكبها الملتحون . وبالتالى فإن الإيمان بالحريات
الشخصية والدفاع عنها ، هو أمر لا يتصادم مع التشكيك في أهداف ائتلاف ضباط الشرطة
الملتحين ، انطلاقاً من الدعم الكبير الذى يقف به التيار السلفى خلف هذا الائتلاف
بما أتاح له عقد العديد من المؤتمرات الجماهيرية فى العديد من المحافظات المصرية ؛
وذلك على الرغم من أن مسألة إعفاء اللحية اقتداءً بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم
، أمر قد حسمه كل من الأزهر الشريف ودار الإفتاء واتفقا فيه على رأي واحد هو : أن
أمر إعفاء اللحية ليس عقيدة ولا عبادة ، وإنما يعتبر من العادات التي يُترك الأمر
فيها للحرية الشخصية . مما يكشف بأن القضية فى مضمونها تتعلق بالسياسة بامتياز ولا
علاقة لها على إطلاقها بالدين .
وبالتالى ؛ فإن سياسة خلط الأوراق لمحاولة التغطية على الأهداف
السياسية الحقيقية التي تختفي خلف قضية ضباط وأفراد الشرطة الملتحين ، والتي تتمثل
في الصراع العلني والمستتر بين جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي للسيطرة على
مؤسسات الدولة المصرية ، ومن بينها جهاز الأمن . هذا الخلط يحتم ضرورة التصدي لمثل
هذه المحاولات لاختراق مؤسسات الدولة من أجل تحويل مؤشر ولاءها لصالح فصائل سياسية
متناحرة ، بما يؤدي إلى تفكك هذه المؤسسات وانهيار وحدتها وشق صفوفها ؛ لتتحول إلى
ميليشيات مذهبية تتخلى عن المصلحة الوطنية وتنساق لخدمة المصالح المذهبية والحزبية
الضيقة .
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
إن إعادة تعريف العلاقات بين ائتلافات الشرطة والقوى الفاعلة فى
المجتمع ؛ توضح بأن الحراك المجتمعى الذى أتاحته الثورة لشرائح نظامية كانت معزولة
عن المشاركة ؛ قد وفر الفرصة لتكوين جماعات ضغط ؛ ساعدت على تسليط دائرة الضوء على
العديد من البقع السوداء فى قطاع الأمن المصرى ؛ وعلى الأخص منه جهاز الشرطة ؛
بحكم قوته العددية وانتشاره الجغرافى فى كل ربوع الجمهورية . ورغم أنه لا يمكن
الجزم بمدى درجة العفوية المنزهة عن
تدخلات السلطة التى نشأت فى ظلها معظم تلك الائتلافات ؛ كما لا يمكن تجاهل بأن
معظم تلك الائتلافات قد وفرت بوجودها على الساحة سلطة معنوية لوزارة الداخلية تعوض
سلطتها الإدارية التى تضاءلت بعد الثورة . رغم كل ذلك فإن تلك الائتلافات قد شكلت
صداعاً مزمناً لتلك الوزارة العتيدة التى تعودت على العمل وفقاً لأساليب القهر
الوظيفى القائمة على قاعدة تنفيذ التعليمات والسمع والطاعة ؛ واستطاعت إجبار هذه
الوزارة على القبول بعلاقات عمل جديدة ؛ قد يكون التفاوض هو أحد مقوماتها ؛ وقد
تكون الندية بين قمة السلطة والقاعدة العريضة هى مظهر جديد لنظم تشغيلها .
ولكن يمكن القول أيضاً ؛ بأن ائتلافات الشرطة التى راهنت على أن
التغيير يمكن أن يحدث من القاعدة من خلال الضغط على القمة ؛ قد حصدت مكاسب فئوية
ساهمت فى تحسين ظروف العمل ولكنها لن تقضى على مشكلاته وسلبياته المزمنة المتعطنة ؛ التى قد تنحرف بالعمل الأمنى لتجعله فى خدمة
دوائر السلطة أو النفوذ أو المال . بينما ائتلافات الشرطة التى راهنت على ضرورة
مواجهة أصل الداء من خلال تبنى البرامج الكفيلة بإعادة تنظيم وهيكلة أجهزة الأمن ؛
رغم أنها قد تكون تجرعت مرارة غياب الإرادة السياسية من حكومة بعد الأخرى ومن نظام
بعد الآخر ؛ إلا أن برامجها ومشروعاتها الطموحة لبناء قطاع أمنى عصرى مهنى محترف
ستبقى صامدة تنتظر التنفيذ ؛ متحدية اللامبالاة السياسية والبلادة الحكومية
والأغراض المستترة لأهل الحكم والسلطة .
5ـ مؤسسات الدولة ومؤسسات الثورة :
( حصار المحكمة الدستورية العليا ـ حصار نادى القضاة ـ حصار
مدينة الإنتاج الإعلامى ـ التعدى على مشيخة الأزهر ـ التعدى على الكاتدرائية
المرقصية " مقر البابوية " بالعباسية ـ اغتيال جنود الجيش المصرى ـ
توريط الشرطة فى مواجهة جديدة مع الشعب ) .
كانت كل هذه عناوين عريضة لأحداث عاصفة شغلت دائرة الضوء خلال
عام 2013م وماقبله طوال فترة حكم الرئيس محمد مرسى . وكانت كل هذه الأحداث تفتح
شروخاً بين مؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان وتيار الإسلام السياسى من جهة ؛ وسلطات
الدولة ومؤسساتها من جهة أخرى . فقد بدأت مؤسسات الدولة تشعر بأنها مستهدفة ؛
ومعرضة للاختراق أو التفتيت على يد مؤسسة الرئاسة أو الحكومة ؛ أو مهددة بالاقتحام
والحرق والتدمير على يد أنصار الرئيس وتياره السياسى .
على الضفة الشعبية من النهر ؛ فإن الثورة التى أفاقت من سكرة
أول رئيس مدنى منتخب تحت وطأة لطمة الإعلان الدستورى الديكتاتورى الصادر فى 21
نوفمبر 2012م ؛ كان عليها أن تبتكر مؤسساتها ؛ فنشأت "جبهة الإنقاذ الوطنى
" كمظلة للتيار المدنى بتاريخ 22 نوفمبر 2012م ؛ لتمارس رد الفعل السياسى
الذى يدافع عن أهداف الثورة فى مواجهة بارانويا الإسلام السياسى .
ولكن استمرار مسلسل العنف الذى تنتهجه ميليشيات وأنصار السلطة ؛
بحصار المحكمة الدستورية فى 2 ديسمبر 2012م ؛ ثم بفض اعتصام الاتحادية فى 5 ديسمبر
2012م ؛ ثم بحصار مدينة الانتاج الاعلامى اعتباراً من 7 ديسمبر وحتى 24 ديسمبر
2012م .
كل ذلك كان يؤشر لأن تبتكر الثورة مؤسسة أخرى تمارس رد الفعل ضد
هذا العنف الهمجى المنظم ؛ ولكن ليس باستخدام السياسة هذه المرة ؛ ولكن باستخدام
نفس السلاح : العنف .
ولهذا وفى ثانى ذكرى للاحتفال بالثورة فى 25 يناير 2013م ظهرت
إلى الوجود جماعة ( البلاك بلوك ) بعناصرها المقنعة بالأقنعة والأردية السوداء ؛
لتهدد تيار الإسلام السياسى بالرد عليه بنفس أدواته : السلاح .
ولكن عدم الاكتراث بنزيف الدماء إلى الحد الذى يدفع النيابة
العامة بتاريخ 13 مارس 2013م إلى تحريض المواطنين على ممارسة حق الضبطية المنصوص
عليه فى المادة رقم ( 37 ) من قانون الاجراءات الجنائية ؛ ثم محاولة اقتحام أنصار
الرئيس لمشيخة الأزهر فى 3 إبريل 2013م ؛ والاعتداء على الكاتدرائية المرقصية
الأرثوذكسية مقر البابوية بالعباسية فى 7 إبريل 2013م ؛ ثم تنظيم مليونية فى 19
إبريل 2013م للمطالبة بتطهير القضاء ؛ كل ذلك كان يحرض على أن تبتكر الثورة مؤسسة
لا تمارس ( رد الفعل السياسى ) ؛ ولا تمارس ( رد الفعل المسلح ) ؛ وإنما مؤسسة
تمارس ( الفعل السياسى ) متحصنة بإرادة الجماهير ؛ ولذلك ما لبثت أن ظهرت فى قلب
الساحة بتاريخ 26 إبريل 2013م ؛ الحملة الشعبية لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسى (
حملة تمرد ) .
كانت الحملة بسيطة فى فكرتها التى تعتمد على جمع توقيعات
المواطنين على استمارة يوافقون فيها باعتبارهم أعضاء فى الجمعية العمومية للشعب
المصرى على سحب الثقة من الرئيس . وهكذا شقت مؤسسة الثورة الشعبية السلمية طريقها
بسرعة الريح ؛ لتتلقفها مؤسسات الدولة الرسمية ؛ ومؤسسات المجتمع الحزبية . وكان
مشهد ضباط وأفراد الشرطة الذى ما فتأت تتداوله وسائل الاعلام أثناء توقيعهم على
استمارة تمرد ؛ بمثابة إعادة تعريف للعلاقات بين قطاع الأمن والقوى الثورية
الفاعلة فى المجتمع . كما كان تداول الإستمارات فى دواوين مؤسسات الدولة الرسمية
هو أيضاً نوع من إعادة تعريف العلاقات بين تلك المؤسسات وتلك القوى الثورية .
لقد كانت حملة تمرد الدائرة الثورية التى تتوسطها أغلبية الشعب
المعارضة لحكم الإسلام السياسى ؛ والتى اجتمعت حولها كل مؤسسات الدولة المصرية
التى استشعرت الخطر ؛ فاصطفت المؤسسة العسكرية ؛ مع المؤسسة الأمنية ؛ مع مؤسسة
القضاء ؛ مع مؤسسة الإعلام ؛ مع مؤسسة الثقافة ؛ مع مؤسسة الأزهر ؛ مع مؤسسة
الكنيسة ؛ لتلتف كلها حول غالبية الشعب من أجل المجاهرة بهذا الاصطفاف فى يوم 30
يوينو 2013م ؛ ذات اليوم الذى بدأت فيه ولاية الرئيس المنتمى لتيار الإسلام السياسى
قبل عام .
ثالثاً : معوقات على طريق الإصلاح :
رغم أن الثورة المصرية ساهمت فى إعادة تعريف العلاقات بين القوى
الفاعلة فى المجتمع مع بعضها البعض ؛ وفى إعادة تعريف علاقاتها مع المجتمع ذاته ؛
إلا أن ثمة معوقات تظل عالقة على الطريق تؤدى إلى وضع عراقيل على طريق إصلاح
القطاع الأمنى .
وتطفو على السطح ( 4 ) معوقات تساهم فى تعطيل أو كبح أى تقدم
للأمام نحو عملية تحظى بالقبول الرسمى والشعبى لإعادة بناء أجهزة الأمن .
وتتمثل هذه المعوقات فى الآتى :
1ـ ارتفاع درجة المقاومة الداخلية للإصلاح المؤسسى الكامنة فى
المؤسسات الأمنية نتيجة مخاوف التفكيك والخشية من الاختراق والتوظيف :
تعتبر المقاومة الداخلية الكامنة أحد أهم المظاهر التى تعترض أى
عملية للإصلاح المؤسسى ؛ ويساهم فى زيادة درجة هذه المقاومة الداخلية ارتفاع سقف
المخاوف الناشئة عن محاولات النظام السابق اختراق المؤسسات الأمنية لتوظيفها لخدمة
الأغراض السياسية لجماعة الإخوان المسلمين ؛ أو محاولات التيار السلفى اختراق ذات
المؤسسات لتوظيفها لأهدافه السياسية ؛ علاوة على محاولات تفكيك وهدم المؤسسات التى
تضطلع بها الجماعات الإرهابية المسلحة التى تمثل الذراع المسلح لتيار الإسلام
السياسى .
وللأسف فإن قيادات أجهزة الأمن ـ درءً للمسئولية أو تعطيلاً
للإصلاح ـ تترجم تلك المخاوف المتصاعدة باستخدام لغة الهواجس المزمنة ؛ بما يدفع
فى اتجاه تعظيم درجة المقاومة الكامنة لدى المؤسسات الأمنية نحو أى تغيير ؛ حتى
وإن كان مطلوباً من المجتمع ؛ تحت مبرر فوبيا حماية الأمن القومى .
2ـ تراجع الإرادة المجتمعية نحو التغيير نتيجة اليأس والإحباط ؛
ومن ثم القبول بمنطق الأمن مصحوباً بالبطش والاهانة باعتباره أفضل من غياب الأمن
تماماً :
حيث أدت حالة الانفلات الأمنى عقب ثورة 25 يناير ؛ نتيجة لتراخى
القبضة الأمنية كرد فعل تلقائى على انهيار حاجز الخوف لدى الجماهير ؛ ونتيجة لأن
أجهزة الأمن لم تعتد إلا العمل فى ظل مناخ لايحترم حقوق الإنسان وسيادة القانون ؛
ونتيجة لاندلاع مواجهات مسلحة دامية فى دول مجاورة أسفرت عن تدفق كميات كبيرة من
السلاح إلى الشوارع ؛ كل هذه الأسباب أدت إلى حالة من التردى الأمنى المخيف ؛ ووضع
الجماهير الفاقدة للأمن أمام معادلة صعبة ؛ مفادها : إما القبول بغياب الأمن لفترة
طويلة ؛ أو القبول بعودته سريعاً حتى وإن كان مصحوباً بذات انتهاكات الماضى من
البطش والإهانة .
وهكذا يؤدى استمرار تردى الأوضاع الأمنية إلى تراجع الإرادة
المجتمعية المؤيدة للإصلاح الأمنى نتيجة تنامى مشاعر اليأس والإحباط ؛ التى تقود
إلى تغليب الحاجة الشديدة للأمن على حساب أسلوب الأداء الأمنى ومدى التزامه
بمعايير سيادة القانون وحقوق الإنسان .
3ـ مأزق إنجاز الإصلاح الأمنى فى ظل التضحيات الأمنية المبذولة
لمكافحة الإرهاب :
اعتمد تيار الاسلام السياسى إبان وصوله إلى السلطة ؛ على
المناورة بأجنحته المسلحة لممارسة الترويع ضد المجتمع ومؤسساته والفصائل السياسية
المعارضة له . مما أدى إلى نشوب موجة من الأعمال الإرهابية ؛ تصاعدت حدتها مع سقوط
مشروع الإسلام السياسى فى الشارع المصرى تحت زحف الجماهير . الأمر الذى وضع أجهزة
الأمن فى مواجهة ضارية وشرسة مع تلك المجموعات الإرهابية ؛ وفرض على تلك الأجهزة
بذل الكثير من التضحيات تتمثل فى طابور متنامى من الشهداء لا مجال حتى الآن لإدراك
نهايته. وللأسف فإن تلك المواجهة الضارية مع الإرهاب ؛ توفر الفرصة لكى تطفو على
السطح عدد من المبررات المغلوطة لإرجاء فتح ملف إعادة تنظيم وهيكلة أجهزة الأمن فى
تلك المرحلة ؛ حتى لا يعوق ذلك الجهود والتضحيات المتواصلة لمواجهة الجرائم
الإرهابية .
وفى ظل هذا المأزق الناشئ عن فداحة التضحيات الأمنية المبذولة
لمكافحة الإرهاب ؛ يصبح من الصعب الترويج لعدد من المبادئ الأساسية الحاكمة ؛
والتى تقرر بأن إعادة بناء أجهزة الأمن وفقاً لمعايير تلتزم بحقوق الانسان وسيادة
القانون ؛ هو أمر يمثل المدخل الأكثر تأثيراً للنجاح فى أى مواجهة راهنة أو
مستقبلية مع الإرهاب ؛ بحيث لا تحكم تلك المواجهة أى ممارسات أو إجراءات خارجة عن
القانون تؤدى إلى خلق خصومة ثأرية مزمنة بين جهاز الأمن وأى فصائل يتم اتهامها
بدعم الإرهاب ؛ الأمر الذى يسفر عن تفريخ أجيال من الإرهابيين . ولذلك يصبح من
الهام تقنين أى مواجهة مع الجماعات الإرهابية والدول والمنظمات الراعية للإرهاب ؛
من خلال إصدار قانون لمكافحة الإرهاب ؛ يمثل الأداة الشرعية فى هذه المواجهة .
4ـ إزدواجية الانحياز للجماهير والتعصب للمؤسسة :
تقدم تجربة الثورة المصرية نموذجاً واضحاً يمكن القياس عليه
لتوضيح هذه الإزدواجية . فبينما انحازت أجهزة الأمن لجماهير الشعب خلال الموجة
الثانية للثورة فى 30 يونية 2013م وأدارت ظهرها للنظام ؛ مما أدى إلى بناء جسور
جديدة من الثقة بين المجتمع وجهاز الأمن ؛ كان يمكن استثمارها للتقدم بقوة نحو
بناء شرطة عصرية مهنية محترفة تستجيب لقيم وتحديات العصر . إلا أن عقلية "
التعصب للمؤسسة " بمنظورها السلبى ؛ تعاملت مع هذه الثقة المكتسبة باعتبارها
إما دعوة لإغلاق ملف إعادة تنظيم وهيكلة أجهزة الأمن ؛ أو مبرر لانفراد المؤسسة
الأمنية بتحمل مسئولية إصلاح الجهاز الأمنى دون أى مشاركة مجتمعية ؛ رغم أن ملف
إصلاح قطاع الأمن فى أى مجتمع أخطر من أن يترك لرجال الأمن بمفردهم ؛ بل ينبغى أن
تساهم فيه كل الجهات المعنية .
وهكذا تؤدى آفة التعصب للمؤسسة إلى عدم القدرة على استثمار
الثقة التى اكتسبتها أجهزة الأمن نتيجة انحيازها للجماهير ؛ ومن ثم تفويت الفرصة
على عملية إصلاح الأجهزة الأمنية بأقل كلفة ممكنة . كما تؤدى إلى انغلاق المؤسسة
الأمنية على ذاتها ؛ وتعاملها مع المجتمع باعتبارها ( طائفة أو اقطاعية ) معنية
أساساً بالمحافظة على مصالحها ومصالح أفرادها ، وليس باعتبارها إحدى أجهزة الدولة
المملوكة للشعب والمكلفة بأداء خدمة محددة فى إطار من الالتزام الصارم بالقانون
.
*****
تعقيب عام :
لم يؤد الربيع العربى فى مصر إلى تحريض الزهور فقط على التفتح ؛
بل أدى أيضاً إلى تحفيز الآفات على الخروج من شقوقها وجحورها .
ولذلك كان ينتظر مصر صيف قائظ يلفح وجوه الجميع بنيران الثورة ؛
فتحترق الأقنعة ؛ وتنكشف الوجوه المشوهة ببثور التطرف والتشدد عارية ؛ فى حين
تكتسب الوجوه المعتدلة سمرة نابعة من لون تراب مصر وأرضها .
وبينما تنغلق سجون مصر بأبوابها على رئيسين للجمهورية ؛ وعشرات
الوزراء ؛ ومئات المناصرين لنظامين سقطا تحت أحذية الشعب . إلا أن مصر كما هى ؛ لم
تتغير مؤسساتها ؛ وإن تغير قادتها ؛ وانقلب جذرياً مزاج أغلب جماهير شعبها .
لم تعرف مصر نظام الإقطاع الزراعى فى ثوبه الأوربى وإن عرفته فى
ثوبه المملوكى والعثمانى ؛ ولكنها خبرت بيروقراطية الإقطاع المؤسسى فى ردائه
المصرى الأصيل .
وعلى مدى عشرات القرون ؛ منذ وحد الملك مينا القطرين ؛ كانت
مؤسسات الدولة ترسخ فى الأرض جذورها ؛ ورغم أنها كانت دائماً فى خدمة الحاكم ؛ إلا
أنها كانت الأقوى بحكم البقاء ؛ فالحكام زائلون والمؤسسات باقية ؛ تبنى ثقافتها
وتقاليدها ؛ ليستمر الولاء فقط لثقافة المؤسسة وتقاليدها .
ولذلك لا يفسر مصطلح ( الدولة العميقة ) بمفهومه البغيض التركى
المنشأ ؛ حقيقة العلاقة بين الدولة فى مصر ومؤسساتها ؛ فالمؤسسات فى خدمة الدولة
حقاً ؛ ولكن ولاءها دائماً لنفسها .
مصطلح الدولة العميقة بمفهومه الإيجابى فقط ؛ هو الذى ينطبق على
الدولة المصرية ومؤسساتها ؛ لأن رسوخ تلك الدولة من قديم الزمن ؛ منح مؤسساتها
القدرة على مد وتشبيك وتعميق جذورها .
بينما مصطلح ثقافة المؤسسة وتقاليدها بمفهومه السلبى ؛ هو الذى
يصلح لوصف ما تلاقيه أى محاولة للإصلاح فى مصر من ممانعة .
وإذا طبقنا تلك الرؤية على قطاع الأمن فى مصر ؛ فإن 3 سنوات من
عمر الثورة ؛ لم تشحذ قدرة الدولة على إجراء أى تغيير فى هذا القطاع إلا لمصلحة
العاملين فيه فحسب . ولقد كانت من المفارقات خلال أسابيع الثورة وشهورها ؛ أن تصبح
أكثر الفئات استفادة من الثورة على مستوى البدلات والمرتبات والحقوق الوظيفية هم
العاملون فى قطاع الأمن ؛ وعلى الأخص جهاز الشرطة . فثورة الشعب على الدولة فى يوم
عيد الشرطة عام 2011م ؛ لم تفلح فى منح الدولة العزم على إدخال أى إصلاحات على
أجهزة أمنها ؛ بينما ثورة العاملين فى جهاز الشرطة من أجل حقوقهم التى طال
انتزاعها ؛ أرغمت الدولة على بسط ذراعها وفك جرابها .
وحتى مؤسسة القضاء كأحد سلطات الدولة ؛ لم تنجح فى إثبات التهمة
على أجهزة الأمن ـ فى الغالبية العظمى من القضايا ـ بقتل المتظاهرين . " فمنذ
2011م ، لم تدن المحاكم أو تحكم بالسجن إلا على ثلاثة من أفراد الشرطة منخفضي
الرتبة . وبعد ما يقرب من 3 سنوات من خلع مبارك , لا يوجد سوى اثنين من ضباط
الشرطة يقضيان أحكاماً بالسجن على قتل ما لا يقل عن 846 متظاهراً في يناير 2011م .
وثمة رجل شرطة واحد يقضي حكماً بالسجن لمدة 3 سنوات لإطلاق النار على متظاهرين
أثناء احتجاجات محمد محمود في نوفمبر 2011م
( 42 )" .
ويمتد هذا السياق إلى ( لجان تقصى الحقائق ) التى شكلتها 3
أنظمة ؛ " الأولى شكلها في فبراير 2011م الفريق أحمد شفيق آخر رئيس حكومة فى
عهد مبارك ، وعين لها مفوضين مستقلين للتحقيق في مقتل المتظاهرين في يناير 2011م ,
ونشرت اللجنة ملخصاً لنتائجها وتوصياتها في أبريل 2011م ، فكشفت أن قوات الشرطة هي
التي قتلت المتظاهرين، ودعت إلى إصلاحات في القطاع الأمني ، لكنها لم تنشر التقرير
الكامل . أما اللجنة الثانية فقد شكلها الرئيس محمد مرسى في يوليو 2012م ، للتحقيق
في العنف ضد المتظاهرين من يناير 2011م وحتى يونيو 2012م , كان مرسوم مرسي يأمر
هيئات الدولة جميعها بالامتثال لطلب اللجنة للمعلومات ، ويمنح اللجنة سلطة مراجعة
ما اتخذته السلطة التنفيذية من إجراءات ، ومدى تعاونها مع السلطات القضائية ،
وأوجه القصور إن وجدت ، وسلطة طلب التعاون من الأجهزة الأمنية التي كانت سابقاً قد
منعت الوصول إلى معلومات حاسمة . وعندما أنهت اللجنة تقريرها وقدمته إلى مرسي في
نهاية ديسمبر 2012م ، رفض الرئيس نشره . ولكن في أبريل 2012م نشرت صحيفتا الشروق
المصرية والجارديان البريطانية مسودات لفصول مسربة من التقرير تتعلق بالاستخدام
غير المشروع للذخيرة الحية من قبل الشرطة ، وتعذيب متظاهرين محتجزين على أيدي
أفراد من الجيش ( 43 )".
وأخيراً ـ وياليته يكون آخراً ـ فقد " أصدر الرئيس المؤقت
عدلى منصور قراراً جمهورياً بتاريخ 22 ديسمبر 2013م ؛ بتشكيل لجنة قومية مستقلة
لجمع المعلومات والأدلة وتقصى الحقائق التى واكبت ثورة 30 يونيو 2013م ، وما
أعقبها من أحداث وتوثيقها وتأريخها برئاسة الدكتور فؤاد عبد المنعم رياض ، القاضى
الدولى السابق وأستاذ القانون . ونص القرار على أن تتولى اللجنة تجميع وتوثيق
المعلومات والأدلة .. وعقد اللقاءات والمقابلات ، وسماع الشهادات ، وإجراء
المناقشات التى تراها لازمة وتحليل الأحداث وتوصيفها وكيفية حدوثها وتداعياتها
والفاعلين لها ، وما ترتب عليها من آثار , والاطلاع على ما تم من تحقيقات , وبيان
الوقائع والمعلومات والأدلة المتعلقة بالجرائم التى تكون قد ارتكبت فى حق
المواطنين ولم يسبق التحقيق فيها. وأكد القرار على دور أجهزة الدولة والجهات
المختصة فى التعاون مع اللجنة وتزويدها بكافة المعلومات والبيانات والمستندات
والأدلة ذات الصلة التى تطلبها عن المهام المنوطة بها ( 44
)".
والواقع ؛ أنه لا يمكن القفز فوق أحكام المحاكم باعتبارها عنوان
الحقيقة ؛ بما يعنى أن الشرطة المصرية تظل بريئة من دم المتظاهرين ؛ طالما لم تثبت
المحاكم عكس ذلك بأحكامها .
ولكن ـ أيضاً ـ فإن مبادئ المحاكمة العادلة تقرر بأن الخصم لا
يمكن أن يكون الحكم ؛ واعتماد المحاكم والنيابة العامة على تحريات الشرطة التى
بالطبع لن تدين نفسها ؛ هو أمر يعرقل العدالة وينحرف بمسارها ؛ لأنه ينبغى فى مثل
هذه الوقائع التى يتم توجيه الاتهام فيها إلى الشرطة ؛ أن يُعهد لجهة مستقلة
بإجراء التحريات . ولكن إلى أن يتم ذلك ؛ تظل الحقيقة هى ما تنطق به هيئة المحكمة
.
ونفس الأمر ينطبق على لجان تقصى الحقائق التى تظل نتائج أعمالها
استرشادية للنيابة العامة ؛ قد تأخذ بها أو تلتفت عن تقاريرها ؛ ومن ثم تصبح
الكلمة الفصل مرة أخرى لتحريات واستدلالات ( الخصم الحكم ) .
ولكن ـ برغم كل ذلك ـ فإن الشرطة المصرية التى ظلت عصية على
التغيير ؛ سواء فى مواجهة السلطة التنفيذية أو التشريعية أو حتى القضائية ؛ إذا
بها هى من تلقاء نفسها تدير ظهرها للنظام ؛ وتنضم لأغلبية جماهير الشعب فى 30
يوينو 2013م .
قد ينظر البعض إلى ذلك التغيير باعتباره ثورة فى العقيدة
الأمنية التى انحازت أخيراً للشعب ؛ بعد طول انحياز للنظام بل وتواطؤ معه . وقد ينظر
البعض الآخر إليه باعتباره رغبة فى عودة النظام القديم ؛ بحيث يمكن للشرطة أن
تستعيد فى ظله ما فقدته من نفوذها .
وما بين هذا وذاك .. تعيش مصر ما يأتى من أيامها .
فأنصار النظام السابق يريدون إيهام الناس بأن ثورة 25 يناير ؛
قامت بها جماعة الإخوان .
بينما جماعة الإخوان تريد إيهام الناس بأن ثورة 30 يونيو ؛ قام
بها أنصار النظام السابق .
وما بين أولئك وهؤلاء ؛ يقف الشعب باحثاً عن أهداف ثورته التى
يخشى ـ فى ظل هذا الصراع بين الفاسدين والإرهابيين ـ من ضياعها .
ربما يكون الإقطاع المؤسسى بمفهومه السلبى هو المسئول عن كل
كوارث مصر المزمنة ؛ ولكنه أيضاً بمفهومه
الإيجابى مسئول عن اصطفاف مؤسسات الدولة مع الشعب فى مواجهة استبداد الإسلام
السياسى .
وبالتالى ؛ إذا كانت أجهزة الأمن فى مصر قد انحازت للشعب فى 30
يونيو 2013م ؛ فيما يشبه التوبة عن كل ما سبق من خطاياها وذنوبها .
فإن الأيام القادمة وحدها ؛ بما ستكشفه من انصياع هذه الأجهزة
للإصلاح فى صلب بنيانها ؛ أم استمرارها فى رفع حواجز الممانعة والتعتيم على
انتهاكات حقوق الإنسان وتجاوز القانون .. الأيام القادمة وحدها هى التى ستثبت ؛ إن
كانت هذه الأجهزة قد انحازت للشعب حباً فى الثورة ؛ أم كراهية فى جماعة الإخوان
وحلفائها .
*****
خاتمة :
عقب 3 سنوات من ثورة مستمرة ؛ يبدو مناخ مصر المعتدل ملبداً
بالغيوم ومهدداً بالأعاصير .
ورغم أن ملفات : العدالة الاجتماعية ؛ والحقوق والحريات المدنية
والسياسية ؛ قد تكون هى التحدى الرئيسى للنجاح فى بناء مجتمع ديموقراطى .
إلا أن قضايا : العدالة الانتقالية ؛ ومواجهة الإرهاب ؛ تظل هى
القاعدة التى ينبغى ارتفاع هذا البناء المجتمعى على سطحها .
ومن ثم ؛ لو ظلت هذه القاعدة رخوة مهتزة متقلقلة متفجرة ؛ فإن
ملفات الحقوق والحريات والعدل الاجتماعى ستتبعثر أوراقها ؛ ولن يمكن جمع شتاتها فى
ظل بيئة تحكمها مبادئ : الإفلات من العقاب ؛ ورفع السلاح فى وجه الدولة والمجتمع
.
ويبدو أن هناك ثمة وعى بخطورة هذه القضايا ؛ الأمر الذى تجلى فى
الدستور الجديد بمواده التى أشارت إلى كل من : العدالة الانتقالية ؛ ومواجهة الإرهاب
.
ولكن رغم أهمية الوعى ؛ فإنه لو لم يُغلف بالإرادة ؛ يصبح مجرد
أفكار تهيم فى الفراغ ؛ ولا تملك أقداماً لتسير بها على أرض الواقع .
فمواجهة الإرهاب لا يجب أن تجمد برامج العدالة الانتقالية إلى
أجل غير مسمى ؛ فيفلت من العقاب المجرمون .
وبرامج العدالة الانتقالية لا يجب أن تضعضع جهود مكافحة الإرهاب
؛ فينتصر الإرهابيون .
وبالتالى ؛ يبقى سؤال إصلاح قطاع الأمن المصرى حاضراً فى مشهد
الثورة .. تنتظره الإجابة .
فإن ظل يقاوم ليستمر سؤالاً .. فإن الإجابات المكبلة لن تصبر
كثيراً .
فأسئلة الثورة لن تستطيع طويلاً .. كبح جماح إجاباتها ......
*****
مراجع الدراسة
:
( * ) تم عرض هذه الدراسة فى مؤتمر : " تحوّل
قطاع الأمن العربي في المرحلة الانتقالية .. العمل من أجل التغيير " , الذى
أقيم فى عمّان، الأردن، في 22 و23 يناير 2014م . انظر نص الدراسة على الرابط
التالى :
( 1 ) موقع جريدة المصرى اليوم , ملف خاص : من أمن الدولة إلى
الأمن الوطنى تغيرت الأسماء والـمفاهيم والقانون هو الحكم , بتاريخ 27 إبريل 2011م
. على الرابط التالى : http://www.almasryalyoum.com/news/details/128155#
( 2 ) تنص المادة رقم 2 من القرار على الآتى : ينشأ قطاع جديد بمسمى « قطاع الأمن الوطنى »
يختص بالحفاظ على الأمن الوطنى والتعاون مع أجهزة الدولة المعنية لحماية وسلامة
الجبهة الداخلية وجمع المعلومات ومكافحة الإرهاب ، وذلك وفقاً لأحكام الدستور
والقانون ومبادئ حقوق الإنسان وحرياته ، وينهض بالعمل به ضباط يتم اختيارهم بناء
على ترشيح القطاع .
( 4 ) انظر نص القانون على الرابط التالى : http://free.ug-law.com/ar/legislations/local-legislations/104-2013-09-01-15-11-54.html
( 5 ) ملحوظة : تم استعادة هذا النص فى دستور 2012م حيث نصت المادة رقم ( 199 ) على أن :
رئيس الجمهورية هو الرئيس الأعلى لهيئة الشرطة . إلا أنه تم إلغاء هذا النص فى
دستور 2014م .
( 7 ) انظر نص الكتاب الدورى رقم 10 لسنة
2013م ؛ على الرابط التالى : http://ww.elyoum7.net/News.asp?NewsID=948352&#.UqJCdtIW29Q
( 8 )
تنص
المادة رقم 37 من قانون الإجراءات الجنائية على الآتى : لكل من شاهد الجانى
متلبساً بجناية أو جنحة يجوز فيها قانوناً الحبس الاحتياطى , أن يسلمه إلى أقرب
رجل من رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه .
( 9 ) انظر فيديو خطاب الرئيس محمد مرسى بمعسكر الدراسة للأمن
المركزى , على الرابط التالى : http://youtu.be/nOdRgAKPLWo?t=6m44s
( 10 ) موقع جريدة الفجر , الخريطة الكاملة لإنتخابات النادى
العام لضباط الشرطة على مستوى الجمهورية , بتاريخ 28 مارس 2013م. على الرابط
التالى :
( 11 ) موقع جريدة البداية , ائتلاف أمناء الشرطة يدعو لوقفة أمام « الداخلية » الاثنين لعزل الوزير
, بتاريخ 15 إبريل 2013م . على الرابط التالى : http://www.albedaiah.com/node/29421
( 12 )
انظر
نص حكم المحكمة الدستورية العليا , على الرابط التالى : https://www.facebook.com/tamerelrashedy2/posts/559188880802483
( 13 ) انظر البند رقم ( و ) الخاص
بإلغاء المحكمة الدستورية العليا للبند رقم 1 من المادة رقم 3 من قانون الطوارئ ؛
بما يعنى إلغاء سلطة أجهزة الأمن أثناء إعلان حالة الطوارئ ؛ فى الاعتقال مطلقاً ؛
وفى القبض والتفتيش دون التقيد بضوابط قانون الإجراءات الجنائية .
( 15 ) ينص البند رقم 3 من المادة 102 من قانون الشرطة
على الآتى : لرجل الشرطة استعمال القوة بالقدر اللازم لأداء واجبه إذا كانت هي
الوسيلة الوحيدة لأداء هذا الواجب ويقتصر استعمال السلاح على الأحوال الآتية : أولا
:- .... ثانيا :- .... ثالثا :- لفض التجمهر أو التظاهر الذي يحدث من خمسة أشخاص
على الأقل إذا عرض الأمن العام للخطر ، وذلك بعد إنذار المتجمهرين بالتفرق ويصدر
أمر استعمال السلاح في هذه الحالة من رئيس تجب طاعته . ويراعى في جميع هذه الأحوال
الثلاثة السابقة أن يكون إطلاق النار هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق الأغراض السابقة ،
ويبدأ رجل الشرطة بالإنذار بأنه سيطلق النار ثم يلجأ بعد ذلك إلى إطلاق النار ، ويحدد
وزير الداخلية بقرار منه الإجراءات التي تتبع في جميع الحالات وكيفية توجيه
الإنذار وإطلاق النار .
( 16 ) ملحوظة :
بتاريخ 18 يناير 2014م تم بدء العمل بالدستور بعد الموافقة عليه بأغلبية ساحقة . انظر نص دستور 2014م , على الموقع
الرسمى للجنة الخمسين , على الرابط التالى : http://dostour.eg/
( 17 ) انظر : موقع بوابة
الأهرام , "بوابة
الأهرام" تنشر النص الكامل لقرار مجلس الوزراء بإعلان "الإخوان"
جماعة إرهابية ؛ بتاريخ 25 ديسمبر 2013م . على الرابط التالى : http://gate.ahram.org.eg/News/435113.aspx
( 18 ) تنص المادة رقم 86 من قانون
العقوبات على الآتى : ( يقصد
بالإرهاب في تطبيق أحكام هذا القانون كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو
الترويع، يلجأ إليه الجاني تنفيذًا لمشروع إجرامي فردى أو جماعي، بهدف الإخلال
بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، إذا كان من شأن ذلك إيذاء
الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر، أو
إلحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو المواصلات أو بالأموال أو بالمباني أو
بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة
السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لأعمالها، أو تعطيل تطبيق الدستور
أو القوانين أو اللوائح ) . بينما تنص المواد 86 مكرر و86 مكرر أ و86 مكرر ب و86
مكرر ج و86 مكرر د على العقوبات الخاصة بجرائم الإرهاب .
( 19 ) انظر : موقع صوت الأقباط المصريين , بتاريخ 25 نوفمبر
2013م , حمدى
رزق : مقال : وماذا عن قرارات العسكرى بالإفراج عن الإرهابيين؟ على الرابط التالى
: http://www.egyptian-copts.com/article.php?id=24911
( 20 ) انظر : قرارات العفو الصادرة عن الرئيس محمد مرسى , على
الروابط الآتية :
( 21 )
قرر
الائتلاف تجميد نشاطه مؤقتاً عقب ثورة 30 يونيو ؛ حتى يتم الانتهاء من إنجاز
استحقاقات خارطة المستقبل .
( 22 ) دكتور محمد محفوظ : إعادة تنظيم وزارة الداخلية , ورقة مقدمة
لمؤتمر مصر الأول ( الشعب يحمى ثورته ) الذى نظمه المجلس الوطنى المصرى , بتاريخ 7
مايو 2011م . انظر الورقة على الرابط الآتى : http://www.almaglesalwatany.org/Comments/safety.aspx
( 24 ) دانيال برومبرج , هشام سلام : سياسة إصلاح القطاع الأمنى
فى مصر , مؤسسة السلام الأمريكى , بتاريخ 1 أكتوبر 2012م . انظر الدراسة على الرابط
التالى : http://www.usip.org/sites/default/files/SR318_0.pdf
( 25 ) انظر : موقع اليوم السابع , "الشورى" يناقش تقرير تطوير الأداء
الأمنى بعد ثورة 25 يناير , بتاريخ 12 نوفمبر 2012م .
( 26 ) انظر : موقع جريدة البداية , مبادرة إعادة بناء الشرطة تلتقي الببلاوي
وتطالبه بإعادة هيكلة الداخلية وتطبيق العدالة الانتقالية على الضباط المتهمين ,
بتاريخ 16 يوليو 2013م . على الرابط التالى : http://www.albedaiah.com/node/43805
( 28 ) انظر : تقرير عن الاجتماع الثاني للائتلاف العام لضباط
الشرطه بالسيد اللواء / منصور العيسوي وزير الداخليه في 2 مايو 2011م . على الرابط
التالى : https://www.facebook.com/notes/ا/146057485462484
( 29 ) انظر : موقع اليوم السابع , حل الائتلاف العام لضباط الشرطة بجميع أنحاء
الجمهورية , بتاريخ 24 مايو 2011م .
على
الرابط التالى : http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=419535#.UrHXXtIW29Q
( 30 )
انظر :
موقع اليوم السابع , "العيسوى" يستدعى المتحدث الرسمى لائتلاف ضباط
الشرطة وعضواً بالائتلاف رسمياً لمكتبه ويوقفهما عن العمل.. ويهدد بفصلهما نهائياً
ويتعهد بتصفية الائتلاف , بتاريخ 9 سبتمبر 2011م .
( 31 ) انظر : موقع الوسط , الجنزوري يطلب من أعضاء ائتلاف ضباط الشرطة ترشيح وزير
الداخلية الجديد , بتاريخ 26 نوفمبر 2011م . على الرابط التالى : http://www.el-wasat.com/portal/Artical-55643956.html
( 32 ) انظر : موقع جريدة الفجر , رائد شرطة يكشف تزوير
إنتخابات نادي ضباط الشرطة .. ويقدم مذكرة للوزير , بتاريخ 6 إبريل 2013م . على
الرابط التالى : http://new.elfagr.org/Detail.aspx?secid=0&vid=0&nwsId=317160#
( 33 ) انظر : مقطع من فيديو اجتماع الجمعية العمومية لنادى
ضباط الشرطة , بتاريخ 15 يوينو 2013م . على الرابط التالى : http://youtu.be/M45NmK3G_Zk?t=51s
وانظر أيضاً : موقع إيلاف , الشرطة تتمرد على مرسي وترفض حماية الإخوان وتهدد بقتل
الضباط المخالفين , بتاريخ 27 يونيو 2013م . على الرابط التالى : http://www.elaph.com/Web/news/2013/6/820627.html
( 34 ) انظر : الصفحة الرسمية للنادى العام
لضباط شرطة مصر , بتاريخ 17 نوفمبر 2013م . على الرابط التالى : https://www.facebook.com/photo.php?fbid=691192250898845&set=a.591009127583825.1073741828.590142011003870&type=1&theater
( 35 ) موقع جريدة الوطن , النادي العام لأمناء وأفراد
الشرطة يدعو أهالي رجال الداخلية في مصر لرفض الدستور الجديد , بتاريخ 1 ديسمبر 2013م
. على الرابط التالى : http://www.elwatannews.com/news/details/364459
( 36 ) انظر صفحة : أنا ضابط شرطة ملتحى .
على الرابط التالى : https://www.facebook.com/police.officer.moltahe?fref=ts
( 37 )
انظر : موقع اليوم السابع , نص حيثيات
القضاء الإدارى بالقاهرة فى قضية الضباط الملتحين .. المحكمة تستعين
بـ"القرضاوى" و"شلتوت" و"عطية صقر" لمنع ضباط
الشرطة من إطلاق اللحية.. وتؤكد: اختلاف أراء أئمة الإسلام
يحدث
بلبلة بين الضباط , بتاريخ 5 يوليو 2012م . على الرابط التالى : http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=724080#.UrIkA9IW29Q
( 38 ) انظر : موقع مصراوى
, 100 يوم من اعتصام ضباط " تقسيم
الوطن " , بتاريخ 4 يونيو 2013م . على الرابط التالى : http://www.masrawy.com/news/cases/general/2013/june/4/5635393.aspx
( 39 )
انظر :
موقع جريدة الشروق , « الشروق » تنشر حيثيات حكم « الإدارية » بتأييد إحالة الضباط
الملتحين للاحتياط , بتاريخ 25 مايو 2013م .على الرابط التالى :
( 40 )
انظر : موقع جريدة الموجز , مفاجأة: ضباط الشرطة الملتحين يعودوا للعمل بعد حلق
لحاهم دون ضغوط , بتاريخ 29 يوليو 2013م
.على الرابط التالى : http://www.elmogaz.com/node/101792#sthash.zr4hqUbC.miWOTzdS.dpbs
( 41 ) انظر : موقع جريدة
الوطن , ضباط لكن شرفاء : " الملتحون " ذراع السلفيين لمنافسة الإخوان
على " الداخلية " , بتاريخ 3 مارس 2013م . على الرابط التالى : http://www.elwatannews.com/news/details/140512
( 42 ) انظر : موقع مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ؛ تقرير
موقع من 13 منظمة حقوقية ؛ بعنوان : لا إقرار بما حدث ولا عدالة بعد 4 شهور, ينبغي
التحقيق في عمليات القتل الجماعي للمتظاهرين وملاحقة الجناة, يجب إنشاء لجنة تقصي
حقائق كخطوة أولى ؛ بتاريخ : 10 ديسمبر 2013م .على الرابط التالى :
http://www.cihrs.org/?p=7667
وفيما يلى بيان بالمنظمات
الموقعة على التقرير ( المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ـ هيومن رايتس
ووتش ـ حملة وراكم بالتقرير "الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون" ـ
منظمة العفو الدولية ـ المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ـ مؤسسة الكرامة لحقوق
الإنسان ـ مركز قضايا المرأة المصرية ـ مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب ـ
الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ـ مؤسسة حرية الفكر والتعبير ـ مركز القاهرة
لدراسات حقوق الإنسان ـ نظرة للدراسات النسوية ـ الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان
) .
( 43 ) المرجع السابق
( 44 ) انظر : موقع جريدة اليوم السابع ؛ "لجنة تقصى
حقائق 30 يونيو" تعقد أول اجتماعاتها اليوم بمجلس الشورى ، بتاريخ 25 ديسمبر
2013م . على الرابط التالى : http://www1.youm7.com/News.asp?NewsID=1416652&SecID=65&IssueID=0#.UrrfItIW29Q
*****
dr.mmahfouz64@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق