08 أغسطس 2014

حمدين صباحى والنكتة السياسية

د. محمد محفوظ .. يكتب : حمدين صباحى والنكتة السياسية

تاريخ النشر : 29 مايو 2014

لقد صوَّت الشعب ضدنا .. الحل الأبسط هو تغيير الشعب
قول مأثور

أصبح حمدين صباحى رائد النكتة السياسية فى مصر .. بل وربما العالم .
فهو المرشح الرئاسى الذى حصل على المركز الثالث فى سباق بين مرشحين اثنين ؛ حيث احتلت الأصوات الباطلة المركز الثانى .
وهو المرشح الرئاسى الناصرى الذى لم يناصره معظم الناصريين .
وهو المرشح الرئاسى اليسارى الذى لم يناصره معظم اليساريين .
وهو المرشح الرئاسى القومى الذى لم يناصره معظم القوميين .
وهو المرشح الرئاسى ابن كفر الشيخ الذى لم يصوت له معظم الناخبين فى كفر الشيخ .
وهو المرشح الرئاسى الذى لقب نفسه بمرشح الثورة ولم ينتخبه معظم أبناء الشعب صاحب الثورة .
... بالطبع لا أتطلع إلى السخرية من صباحى ؛ لإننى أحترم تاريخه النضالى وإن كنت لا أتفهم خياراته السياسية . ولكن التاريخ السياسى سيقف كثيراً أمام هذه المفارقات الظاهرة البارزة المجسمة ؛ التى كان يجب على أى سياسى مجرب أن يدرك النتائج التى يمكن أن تترتب عليها .
ولكننى ؛ لم أقصر فى حق حمدين صباحى .. فقد نبهته فى مقالى : انتخابات الرئاسة والمعركة الخطأ وقصر النظر السياسى ؛ المنشور بتاريخ 13 فبراير 2014م .. وقلت له بالحرف الواحد هذه العبارات :
((( لا أعلم بصدق ؛ لماذا لا يرى حمدين صباحى نفسه إلا رئيساً ؟!!!! ولا أعرف , لماذا تراجع فجأة عن مقولته الناصرية الشهيرة بأن : الشعب هو المُعلم ؟!!
ألم يسر حمدين صباحى فى شوارع مصر وحاراتها وميادينها وساحاتها ؛ ليرى بأم عينيه ويسمع بإذنيه قدر الشعبية التى يتمتع بها المشير السيسى فى قلوب الملايين من المصريين .
وليسمح لى حمدين صباحى بأن أسأله : ماذا سيفعل هو وتياره الشعبى عندما يثبت لهما الشعب المُعلم بأن تحدى اختياراته العفوية سيكون لها ثمن فادح سيدفعانه من شعبيتهما الجماهيرية . فيخسر الوطن بذلك قطاعاً من رموز الثورة وجنودها فى معركتنا الحقيقية ؛ معركة الانتخابات البرلمانية . ولماذا يصبح حمدين صباحى منافساً للسيسى بينما يمكن أن يصبح رئيساً للوزراء أو وزيراً ثورياً ؛ لو حشد فكره وجهده مع مناصريه فى تكوين تحالف مدنى ثورى قوى من كل الأحزاب الوطنية غير المتأسلمة ؛ فيحصل هذا التحالف على الأغلبية البرلمانية ويفوز بتشكيل الحكومة .
لماذا يتحالف حمدين صباحى دائما مع التيار الخطأ مثلما انضوى مع جماعة الإخوان تحت لواء ( التحالف الديمقراطى من أجل مصر ) فى انتخابات برلمان 2011م ؛ فخدعوه . ولم يكلف نفسه عناء التحالف مع ( الكتلة المصرية ) أو تحالف ( الثورة مستمرة ) .
ربما يسطر حمدين صباحى بخياراته الخاطئة وقصر نظره السياسى الذى يجعله دائما يتصدى للمعركة الخطأ ؛ ربما يسطر نهاية تاريخه السياسى ؛ ليصير المرشح الرئاسى الذى خسر مرتين ؛ وبالطبع لن تكون هناك مرة ثالثة . ولكنه هذه المرة لن يخسر فقط مقعد الرئاسة ؛ بل سيخسر ثقة الجماهير إن لم يكن احترامها ))) .
كانت هذه هى النصيحة التى أسديتها مخلصاً إلى حمدين صباحى قبل الانتخابات .
.. ولكن يبدو أن حمدين وأنصاره لم يستمعوا وقتها إلى هذا الكلام ..
.. إلا أنه ؛ قد حان الوقت الآن للمراجعة وعدم المكابرة .. والإيمان فعلاً لا قولاً ؛ بأن الشعب هو المعلم .. الذى يجب الاستجابة لخياراته .. وإلا فإن التاريخ لا يرحم ....
قطار الثورة له محطة يتوقف عندها اسمها : سقوط النظام .
يتم بعدها ركوب قطار السياسة من محطة اسمها : بناء النظام .
فيا رفاق الثورة .. المبادئ الثورية المثالية ينبغى توفيقها مع الحقائق على الأرض حتى تتحول إلى سياسة ؛ وتتحول إلى لغة يفهمها الناس ويتقبلونها .
الكبرياء السياسى يتناقض مع المصلحة الوطنية .
والشيفونية الثورية تتصادم مع المزاج الشعبى .
وعلى كل من يريد خدمة هذا البلد وذاك الشعب .. أن يعلم بأنه حيثما توجد الشعبية ستوجد القدرة الأكبر على تحقيق أحلام الناس وتطلعاتهم .
فاحترموا الشعبية حيثما تجدونها .. واعلموا بأن التعالى على الخيارات الكاسحة للجماهير هو أول خطوات السقوط فى صفحات التاريخ السوداء .

*****
dr.mmahfouz64@gmail.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق