د. محمد محفوظ .. يكتب : أفشل رئيس فى العالم
تاريخ النشر : 28 مارس 2013
النتائج
المترتبة على عدم الكفاءة ؛ تتساوى مع أو
تفوق ؛ النتائج المترتبة على عدم النزاهة
قول مأثور
أفشل رئيس فى العالم هو الذى يأتى بعد
ثورة شعبية ؛ ثم يتخذ من الثوار الذين قاموا بالثورة أعداءً ؛ فيقف بذلك ـ مختاراً
لا مضطراً ـ فى صف الثورة المضادة ؛ ويعطل تحقيق أهداف الثورة طالما كان تحقيقها
يمثل رضوخاً لمطالب أعدائه ؛ ومن ثم يبدأ فى استخدام نفس أساليب النظام الذى قامت
ضده الثورة من قمع وملاحقة وتشهير ضد معارضيه الذين كانوا هم أنفسهم معارضو النظام
السابق . والمؤكد أن أفشل رئيس فى العالم لم يسأل نفسه ؛ السؤال التالى : إذا كان الذين
يعارضون نظامى هم أنفسهم المعارضون للنظام السابق ؛ ألا يعنى هذا أن نظامى هو
امتداد للنظام السابق ؟!!!!
أفشل رئيس فى العالم هو الذى يقوقع
نفسه بعد أن يصل إلى قمة هرم السلطة ؛ داخل الأفق الضيق لجماعته المتطرفة التى
أدمنت العمل السرى والتآمر والغش والتدليس ؛ باعتبارها كانت جميعاً أدوات لمناهضة النظام
السابق ؛ وبالتالى يظل ينظر للوطن بعين جماعته التى لم تعتاد ضوء النهار ؛ واعتادت
فقط على غبش المخابئ والأوكار ؛ فلا يرى من الوطن إلا مسرح للعمليات وساحة
للمؤامرات وميدان للصراع والنزاع مع أى سلطة موازية أو فصيل معارض أو تيار .
أفشل رئيس فى العالم هو الذى يظن أن
سرقة الثورات أو قتلها أو الالتفاف عليها ؛ مسألة يمكن أن تمر مرور الكرام ؛ وأن
الذين تم اغتصاب ثورتهم منهم سيكتفون بإشعال الشموع على روح هذه الثورة ؛ ويقيمون
سرادقات العزاء ومجالس العويل والنحيب ؛ ولن يلاحقوا اللصوص أو القتلة أو
المغتصبين بمبدأ : البادى أظلم ؛ وبمبدأ : أن من ضربنا كفاً على خدنا الأيمن سنرده
له كفين على خديه الأيمن والأيسر ؛ ومن ضربنا شلوطاً سنرده له شلاليط ولكمات وسحل
وتنكيل ؛ وأن من بادر بوضع يده على الزناد عليه أن يتوقع أن السلاح مرطرط ومش لاقى
حد يشتريه .
أفشل رئيس فى العالم هو الذى يظن أن
قيادة الدول فتونة وتجرمة وترويع وتخويف وتهديد ووعيد وإنذار وتحذير ؛ فيحتمى ـ
لإرهاب المعارضة ـ بقوات الشرطة المسلحة التى كانت أداة فى يد النظام السابق ؛ ويسترضى
قياداتها وضباطها ومجنديها ؛ المتهمين بقتل شهداء الثورة والشروع فى قتل مصابيها .
ولا يكتفى بذلك ؛ بل يبدأ فى مغازلة الجيش ومهادنته والتقرب إليه للاستقواء به ـ
لترهيب الشعب ـ ومحاولة نقل الانطباع لجنرالاته بأن عدو الوطن ليس هو من يعادى
الشعب من أجل جماعته ؛ وإنما هو من يعارض الرئيس وجماعته وسياساته ووزرائه
ومستشاريه . ويتناسى ـ أفشل رئيس فى العالم ـ أن قوات الشرطة المسلحة التى كانت
أداة للنظام السابق لم تصمد إلا 4 ساعات أمام حشود الجماهير ؛ وأن الجيش عندما تدق
ساعة الخطر ؛ سيكون العنوان هو : الحذر ؛ ولن تكون حينئذ مكانة أى رئيس أو قائد
أعلى أهم من وحدة الجيش وترابط صفوف ضباطه وجنوده ونزاهة سمعته أمام مواطنيه .
أفشل رئيس فى العالم هو الذى يظن أن
السياسة فهلوة وهمبكة وشعارات وخطب ومواعظ وروايات وقصص وحكايات وتنطيط فى
الطائرات من عاصمة لأخرى ؛ ولا يعرف أو يتصور أو يدرك أن السياسة هى : إدارة
الأصول والموارد الوطنية ؛ وتنظيم المجتمعات المحلية ؛ ورعاية المصالح الإقليمية
والدولية . وبالتالى يهدر فترة حكمه فى مراسم وبروتوكولات وشكليات ؛ بدلاً من أن
يتفرغ أولاً لحصر أصول الدولة ومواردها وثرواتها ثم يستعين بالمختصين والموهوبين
والنابهين لوضع مشروعات لاستثمارها الاستثمار الأمثل ؛ ثم يكلف محافظيه بدراسة
المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية المزمنة فى النجوع والقرى والأحياء
والمدن وابتكار الخطط والحلول لمواجهتها ؛ ثم بعد أن ينتهى من ترتيب البيت من
الداخل ؛ ودون أن يمد أصبع قدمه الكبير خارج الحدود ؛ سيجد أن الخارج بأمواله
واستثماراته هو الذى سيأتيه .
أفشل رئيس فى العالم هو الذى يعتقد بأن
السلطة غاية وليست وسيلة ؛ وبالتالى عندما يصل إلى السلطة يكون قد وصل إلى غايته
القصوى ؛ ويصبح همه الوحيد هو الحفاظ على موقعه ومكانته وسلطاته مهما كان الثمن
فادحاً وعاصفاً ودموياً ؛ ويتناسى أن الحاكم الرشيد هو الذى يدرك بان السلطة وسيلة
وأداة وآلية ؛ وبالتالى يقوم بتسخيرها من أجل غاية أسمى وهى رعاية مصالح الناس
والعباد ؛ فإن فشل أو أخطأ ؛ ووجد ان كل قرار يتخذه يخلق مشكلة ويثير أزمة ويهرق
الدماء ؛ فعليه فوراً أن يبادر إما بالاستقالة والاعتزال ؛ أو بالرجوع إلى الشعب
فى انتخابات مبكرة لالتماس تجديد الثقة والدعم والتأييد .
أفشل رئيس فى العالم هو المخدوع فى
قدراته المحدودة وكفاءته المنعدمة وذكاءه المتدنى ؛ وبدلاً من أن يعوض كل ذلك بأن
يجمع حوله النابهين والأكفاء والموهوبين ؛ فإذا به يجعل بطانته وحاشيته من الجهلة
الفشلة الطراطير ؛ ثم يبدأ فى تعليق اخفاقاته المزمنة وسقطاته الكارثية فى رقبة
وسائل الإعلام ؛ ويتناسى أن ذلك الإعلام ما هو إلا مرآة للواقع البائس والسياسات
الإجرامية والقرارات الطائشة والبطانة الفاسدة .
أفشل رئيس فى العالم هو الذى ينظر إلى
المعارضة على أنها عمالة وخيانة ؛ وإلى النقد على أنه ترويج لليأس والاحباط ؛
ويتناسى أن الحاكم الديمقراطى هو الذى يقبل العمل تحت ضغط المعارضة الشرسة المترصدة
؛ التى تجعل كرسى الحكم يتزلزل ولا يستقر فى موضعه . بينما الحاكم المستبد هو الذى
يوطد دعائم مقعد سلطانه بأوتاد البطش والقهر والطغيان ؛ ومن ثم يستقر على كرسى
الحكم فوق تلال من الجماجم وبحور من الدماء ؛ ولا يخجل من المجاهرة بأنه يمكن
التضحية بـ ( شوية ) من المواطنين حتى يريح رأسه الفارغة من مرارة الحقيقة .
أفشل رئيس فى العالم هو الذى يرهن
مستقبل شعبه لأفكار جماعته المهووسة بأوهام الإمبراطورية العالمية ؛ والمعركة المقدسة
التاريخية ؛ ويتناسى أن العالم الآن تتزعمه دول نووية لن يمكن هزيمتها إلا لو تم
تدمير أكبر جزء من العالم وإزهاق أرواح عشرات الملايين من البشر فى حروب وحشية .
أفشل رئيس فى العالم ؛ هو الذى كان
يمكن له أن يدخل التاريخ من بابه العالى ؛ لو آمن بأن الثورة قامت لبناء
الديمقراطية وليس للالتفاف عليها ؛ ولكنه أخلد إلى الأرض ؛ فمثله كمثل كل فاشى نازى أحمق ؛ كتب على نفسه
أن يدخل إلى التاريخ عبر نفق زحفاً على الوحل ؛ تلاحقه اللعنات ؛ ودعوات وآهات
وأنات الثكالى والأرامل واليتامى والمعذبين .
*****
دكتور
/ محمد محفوظ
dr.mmahfouz64@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق